لم يكن الغرض من المقال السابق الخوض في مسألة الميراث وإنما جاءت عرضاً عندما وجدت قصاصة أحد الباحثين في كتب أحد المفسرين فنالت إعجابي ولزم التنويه، إلا أن أخوين كريمين رأيا أنني لم أستوفِ الموضوع حقه ونسيا أنني لست متخصصاً في الفقه الشرعي، إن قضية ميراث المرأة نصف ميراث الرجل سبب سوء فهمها هو الجهل وضعف الثقافة الشرعية ولكنها باختصار شديد أن قضية الميراث تتجاذبها ثلاثة أطراف هي: الأحكام الشرعية المختصة بالمواريث ،العادات والتقاليد الظالمة ،وهجوم أعداء الإسلام على هذه الأحكام، فإن كان هناك ظلم في قضايا الميراث فهو بسبب عدم تطبيق الشريعة في المواريث وسيادة الأعراف الجاهلية بكل أسف. هناك كتاب للدكتور صلاح سلطان بعنوان «امتياز المرأة على الرجل في الميراث والنفقة» حيث أوضح فيها عدد الحالات والكيفية التي يتم فيها التوزيع وكلها معروفة لدى القضاة أو علماء الشريعة ولمن أراد الاستزادة فعليه بقراءة هذا الكتاب وغيره من الكتب أو سؤال أهل الاختصاص، حتى الشيخ جوجل- كما يحلو للبعض تسميته- قد يعين في هذه المسألة. لابد وأن نعي جميعاً أن الإسلام لم ينتقص حق المرأة في الميراث لصالح الرجل وإنما هناك قاعدة التكامل المنصف بين مسئوليات الرجل والمرأة، وفي هذا السياق لابد من التذكير أن الإسلام منح المرأة استقلالية الذمة المالية استقلالاً تاماً عن الرجل بمعنى أن ما يرد للمرأة لها الحق في ادخاره أو استثماره لصالحها من غير مسئوليات إنفاق إلا بطوعها واختيارها، أما الرجل فكل ما يجمعه أو يرده فيخصص للإنفاق على المرأة وغيرها ممن هم في رعايته وهم كثر (بناته، شقيقاته، خالات، عمات، جدات، ووالداه بالطبع والقائمة تطول لتتسع للأرحام والأقرباء) فلا غرو أن يُخص الرجل في الميراث في بعض الحالات أكثر من المرأة، كما سماها أحد العلماء عندما قال في هذا انسجاما مع قاعدة الغرم بالغنم أو الغنم بالغرم، فالرجل يغرم على الدوام فهو الذي يتحمل واجبات الإنفاق وكان من العدل أن يعطى الرجل من الميراث ما يغطي تكاليف مسئولياته في الإنفاق، مرة أخرى لمن أراد أن يستزيد فليطلع على الحالات التي يتساوى فيها الرجل والمرأة في الميراث وهي عديدة ولا أريد الخوض فيها وكذلك الحالات التي ترث المرأة أكثر من الرجل، وجمال الإسلام هو مراعاة الموازنة بين مسئوليات طرفي القاعدة الشرعية الغنم بالغرم أو العكس وبالتالي يعطى الإسلام الإنسان على قدر مسئولياته وواجباته، وبالتالي فأي خلل يحدث فهو ناجم عن جهل البعض منا والله المستعان. Qadis@hotmail.com
مشاركة :