نظمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، مساء أمس الأول، وضمن أنشطة منتدى الثلاثاء لبيت الشعر في منطقة قلب الشارقة، أمسية مميزة راوحت بين الذاتي والعام وارتحلت بالحرف على هوادج اللغة وسحر وعذوبة الكلام، أحياها كل من الشعراء عبدالله أبوبكر، وحسن أبودية، ومناهل فتحي، وحضرها محمد ذياب الموسى المستشار في الديوان الأميري، ومحمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر وجمهور من المثقفين والشعراء والإعلاميين، وقدمها الزميل عثمان حسن. افتتحت الأمسية بقراءات للشاعرة مناهل فتحي الفائزة بلقب (أميرة الشاعرات) ببرنامج أمير الشعراء، حيث لامست قصائدها قضايا اجتماعية وقومية متعددة، وارتحلت بالحرف على هوادج اللغة الجميلة، فقرأت من قصيدة (أوجاع النساء): (سيكونُ إعدامي على مرأى النساءِ وبين أصداء الصخبْ فأنا اعتنقتُ فضيلتي الكبرى هنا وسخِرْتُ من كل اللآلئ والجواهر والذهبْ وأنا ارتحلتُ بلا هوادجَ منذ آلاف الحِقَبْ عزلاءَ مثخنةً بأوجاع النساءِ أذود عن وطنٍ حدود البوح في فمه تقاليدُ العربْ تبّتْ يدا الخوف الذي يغتال أسئلتي وتبْ أنا لا يشلُّ الثلج خاطرتي ولا أخشى اللهبْ فلتبْقَ حواء الحزينةُ تحملُ الميزانَ تعصبُ عينها تستلُّ من دمها النحيبَ ومن حواشيها الغضبْ و قرأت من قصيدة (فورة أنثى): (وقفت مريميّة الطهر لهفى مقلتاها مواسم تتحفّى مسّت الفُلْكَ فاستفاق انبهاراً بمرايا تقدُّ للبوح سقفا صوتها في المدى انكساراتُ صمتٍ وترٌ شنّف المجرات عزفا همست للسماء كوني دثاري قالت السحب: أستميحك خوفا). وألقى الشاعر عبدالله أبوبكر مجموعة من النصوص التي تنتمي في معظمها لقصيدة النثر لامست الذائقة، وسافرت بها إلى مرافئ الطرب، فقرأ من قصيدته (آلهة رقيقة): (بكِ كلُّ ما يدعو إلى أن تعرف الأشجار سرّ الماء والشمس الأنيقةْ بك كل أسماء النساء دلالهن وسحرهن سلال زهر اللوز والجوريّ صوت غزالة تطوي الحقول وراءها بك ما يفيض عن الكلام من المعاني والعبارات البديعةِ في كتاب الشعر يا أعلى من النجمِ الكواكبِ من حقول الغيمِ والمدن العتيقةْ بك وردة.. من كل لون تستمد غرورها وتقول أبعدَ من مجازات الحقيقةْ). وتابع أبو بكر بلغة عذبة فقرأ من قصيدته (أبواب): (شعرُكِ موسيقى والعينان طريقان طويلان ِ إلى الجنةِ من مثلك بين نساء الأرضِ ومن أجمل منكِ أصابعك تمدّ النورَ وترسم في العتمة أشكال الضوءِ فراشٌ وحدائقُ خضراء َ تحيط الخصرَ الشاهقَ كالشرفاتِ وأعنابْ من مثلك بين نساء الأرضِ وأيّ فتاةٍ تدخل قلب الشاعرِ من كل الأبوابْ) واختتم الشاعر حسن أبودية الأمسية فحلق بنبض الحرف ليعانق غيم العذوبة والدهشة، فقرأ قصيدة بعنوان (شاعر) قال فيها: (أكتب نصف أشعاري بألسنة من اللهب وأدفن في رماد العمر أغنيتي أسابق بسمة حمقى إلى حلمٍ.. فتسبقني.. وتكتب في جفون الموج أني عاشق صبٌّ.. عشقتُ النظرة الحيرى وتعشقني.. وتعشق جمرة الأشواق في لغتي.. أحكيها لأرصفةٍ.. أبوح بسرّ أسراري.. فتبسمُ كعادة المجبول بالثلج.. لي الآلام أطلقها.. صهيل الخيل في الرمل.. أفول النجم في الصدر.. ويعود رماد أغنية.. ما باحت بها شفتي.. ولا ناحت بها لغتي) وتابع أبودية راسماً بحروفه أيقونة جمال لا تخبو، فقرأ من (أيقونة الصبر): (صباح الصبر يا أمي أما زلتِ تخيطين لي الأحلام ألبسها مع الفجر؟ وتهدين لي البسمات سربالاً فأمحو عتمة الليل والغيلان من دربي أقد الشمس أرغفة لمن جاعوا ومن تاهوا ومن بالخيمة العزلاء قد نزلوا وأمحو بعض ما رسمت خطايانا على جدران أمتنا وأبكي في صليب الصمت أيامي التي وئدت وعمراً يحلب الآلام آمالاً ليسقيها لمن ظمئوا..
مشاركة :