تحقيق إخباري: "كفرمشكي" البلدة اللبنانية الوحيدة التي تغذيها الطاقة الشمسية بالتيار الكهربائي

  • 10/28/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بهدوء واطمئنان يجلس الطالب الجامعي عادل الحاج خلف طاولة خشبية على شرفة منزله الواقع عند الطرف الشرقي لبلدته كفرمشكي في غرب منطقة البقاع بشرق لبنان ، مع مجموعة من رفاقه ويتابعون امتحاناتهم الجامعية عن بعد عبر الإنترنت بدون خوف من انقطاع التيار الكهربائي المؤمن على مدار الساعة في البلدة. الحاج ، الذي بدأ امتحانات الفصل الأخير في إدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية ، قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "من حقنا في بلدتنا الصغيرة الريفية النائية أن نفخر ونعتز بمشروع تأمين التيار الكهربائي عبر الطاقة الشمسية دون انقطاع في ظل أزمة كهرباء خانقة تعصف بالبلاد منذ سنوات . وأضاف "الكهرباء في الفترة الصعبة التي نمر بها باتت نعمة في بلدتنا المتربعة فوق تلة تعلو 1100 متر عن سطح البحر عند الهضاب الغربية لجبل الشيخ، بحيث تبدو مضيئة متألقة ومميزة عن باقي البلدات المحيطة". وقال "هذا المشروع الحيوي جعل بلدتنا صديقة للبيئة بهواء نقي خال من الدخان ومن ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن مولدات الكهرباء الخاصة العاملة على مادة الديزل". من جهته أوضح رئيس بلدية "كفرمشكي" كمال الصيقلي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "فكرة تغذية البلدة بالتيار الكهربائي عبر الطاقة الشمسية راودتنا منذ سنوات بعدما تفاقم تقنين (مؤسسة كهرباء لبنان) الحكومية للتيار وتحكم موزعي التيار من أصحاب المولدات الخاصة قي الشبكة البديلة بتوقيت تأمين التيار وبالأسعار". واضاف أجرينا اتصالات مكثفة مع جهات محلية ودولية وأثمرت عن إنجاز هذا المشروع الذي أناربلدتنا وحولها إلى بلدة نموذجية . وقال إن المشروع جاء ضمن إطار برنامج بلدي لبناء التحالفات للتقدم والتنمية والاستثمار المحلي، ونفذ بجهود مؤسسة (كاريتاس لبنان) بالتعاون مع (جمعية أرض لبنان) وبتمويل من جمعيات أجنبية ومحلية وبعض المتبرعين من أبناء البلدة. وتابع "نجح المشروع ما جعل بلدتنا الأولى والوحيدة في لبنان التي تعتمد بشكل كلي على الطاقة الشمسية في الإنارة وإنجاز كافة الاحتياجات اليومية دون معاناة". وأشار إلى أن "البلدة باتت تستقطب عشرات الطلاب من القرى المجاورة الذين يجدون في التيار الكهربائي فرصة نادرة لمتابعة دراساتهم عبر خدمة الأنترنت على مدار الساعة دون انقطاع". وأوضح بأن المشروع أقيم فوق قطعة أرض مساحتها حوالي ألف متر مربع ،ركزت في جانب منها محطة الطاقة الشمسية التي تحوي حوالي 150 لوحا تنتج تيارا كهربائيا بقوة 45 كيلو واط ساهم في تأمين الطاقة لمنازل البلدة التي يتجاوز عددها 200 منزل، إضافة لإنارة كافة الشوارع وبعض المصالح الأنتاجية العائدة لأهالي البلدة . وذكر أن المشروع ساهم في انخفاض تكاليف فواتير الطاقة على السكان وحد من التلوث وضوضاء المولدات، كما أبعد العتمة عن البلدة وزاد من التوعية حول أهمية استخدام الطاقة الشمسية. وأوضح صيقلي أن "البلدية تبيع (مؤسسة كهرباء لبنان) فائض الكهرباء الذي ينتجه المشروع خلال ساعات النهار ،بعد تجهيز المحطة بمعدات وعداد ذكي متطور يعمل على إدخال الطاقة الزائدة إلى شبكة المؤسسة". وقال أحد جباة الكهرباء التابع للبلدية فراس عبد الله "الكهرباء مؤمنة في البلدة على مدار الساعة بفاتورة متدنية تتراوح بين 30 و50 الف ليرة لبنانية شهريا بحسب قوة الأشتراك في حين تتراوح فاتورة المولدات الخاصة في البلدات المحيطة ما بين 500 الف و4 ملايين ليرة لبنانية، علما أن تغذيتها لا تتجاوز 7ساعات يوميا". ورأى أنه "من الضروري تعميم هذا المشروع على جميع المناطق اللبنانية، لما فيه من وفرة على المواطن". من جهتها أشادت الأم لأربعة أطفال ليلى العبد الله بهذا الإنجاز المهم في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وقالت لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الكهرباء مؤمنة على مدار الساعة وكأننا في كوكب آخر،وننجز كافة احتياجاتنا وأشغالنا بكل هدوء، وما يحز في نفوسنا مشهد العتمة التي تلف معظم القرى من حولنا" . وقالت نأمل أن تعم هذه التجربة الناجحة كافة المناطق اللبنانية لما فيها من استقرار وراحة بال وطمأنينة خاصة لربة المنزل التي تسعى لتوفير الأمان للأطعمة والأغذية ناهيك عن الغسيل والإنارة والتدفئة والحد من التلوث في ظل انخفاض كلفة الفاتورة . وأكد ميشال أفرام مدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية التابع لوزارة الزراعة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن طبيعة الجو في لبنان مناسبة جدا لاعتماد نظام الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء، فالشمس تغذي الأراضي 300 يوم في السنة بشكل كامل، وتغطي ما تبقى من الأيام بشكل جزئي ، كما أن متوسط الحرارة هو 28 درجة تقريباً وهي مناسبة جداً لسلامة الألواح وربحيتها. وقد أدى نقص الوقود في لبنان إلى أزمة في انتاج الكهرباء، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية بالتيار ساعتين يوميا بعد توقف معظم معامل انتاج الطاقة، مما أثر على عمل كل القطاعات في ظل ندرة مادة الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة في الشبكة البديلة وتلك الخاصة بالأفران والمستشفيات والمرافق والمصانع والمؤسسات العامة والخاصة. ويعاني لبنان منذ العام 2019 من أزمات مالية واقتصادية وصحية ومن تدهور معيشي متصاعد وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وتآكل المداخيل والمدخرات، إضافة إلى تصاعد البطالة والفقر وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تجاوزت 70% .

مشاركة :