أسماء الزرعوني.. عاشقة البحر والنخل

  • 11/1/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الروائية والقاصة أ. أسماء الزرعوني، من الرائدات في مجال الثقافة والأدب، وإحدى الكاتبات اللاتي يصعب تكرارهن.. تمتلك ملكة قوية في الكتابة، وقدرة فائقة في التأثير على وجدان القارئ، وطموحاً قوياً، بدأت رحلتها مع عشق الكتابة منذُ سن باكر جداً من عمرها. حروفي ترتحل مع الأمواج طرقت باب الكتابة والشّعر والرواية فعبرت من خلالها حيث كانت أغصان إبداعها تمتد وتورق في دوحات الأدب والثقافة، وكانت حصيلة أعمالها الأدبية أكثر من (30) إصداراً، منها: مجموعتها القصصية الأولى بعنوان «همس الشواطئ» عام 1995م، ورواية «الجسد الراحل» عام 2004م، و»بوح الحمام» شِعر عام 2008م، ورواية «شارع المحاكم» التي تحدثت فيها عن جيل السبعينات، وتم ترجمتها إلى سبع لغات، وحملت اسم الشارع الذي تعيش فيه الكاتبة، كذلك رواية «لا تقتلني مرتين» التي ترجمت من دار نشر أمريكية إلى اللغة الإنجليزية وأحدثت ضجة إعلامية، أيضاً رواية «عفراء» التي تناولت قضية مُهمة هي «ليس كل لقيط يكون ابن حرام» حاولت من خلالها أن تجد لهذه القضية حلولاً كثيرة، وبشكل مغاير، وهناك أشياء كثيرة داخل الرواية، وفيها أهداف تودّ الكاتبة أن توصلها للرأي العام والمجتمع. عملت الزرعوني في بلاط صاحبة الجلالة في بداياتها حيث نشرت أغلب مشاركاتها الصحفية وأغلب قصصها في الصحف والمجلات الإماراتية والعربية، كما كانت كاتبة مقال أسبوعي بصحيفة «الرؤية»، وحيث إن مجالها تربوي فقد دخلت مجال أدب الطفل ولها مساهمات في منهج وزارة التربية والتعليم والشباب بدولة الإمارات فقد اختيرت مجموعة من قصصها لمنهج الأول الابتدائي، ومنهج الرابع الابتدائي. عن بداياتها وعشقها للكتابة تقول أسماء الزرعوني: «لكل إنسان بداية في كل شيء، وقد بدأت الكتابة في مرحلة الطفولة، وكانت الأجواء التي أعيشها في ذلك الزمن شجعتني على الكتابة والقراءة منذ الطفولة، كان موج البحر يضرب في ظهر محل والدي، وكان منزلي قريب من الشاطئ وأيضاً من النخل، فكنت ما بين البحر.. والنخل.. ومكتبة والدي الصغيرة، وكنّا في ذلك الوقت نلعب على الشاطئ وقت العصر، وكان أقراني الذين في نفس عمري يعملون بيوتاً وأشياء من الرمل والموج يضربها، لكنني وجدت نفسي في عالم الكتابة كنت أكتب على الشاطئ باستخدام العصا وكذلك أصابعي الصغيرة بعض الحروف وبعض الكلمات حتى عندما يأتي الموج ويمسح ما كتبت كنت أفكر أن هذه الحروف ترتحل مع الأمواج إلى أفق ثانية». واستطردت: «زمان كانت البيوت متلاصقة والسكك ضيّقة والبيوت لا يوجد بها الصبغ الحديث فكنّا نتعامل مع الفحم.. كنت آخذ الفحم وأكتب أشياء على منزل الجيران ثم أراقب عن بُعد وأشوف الناس تقرأ ما كتبت.. وكان هذا الشيء بالنسبة لي متعة أن الناس تقرأ ما كتبت، أيضاً كان في مدرستي مدرسة اللغة العربية من مصر كنت أحبّها جداً كانت تعطينا فرصة في وقت مادة الإنشاء الحرّ ونكتب.. وهذا بالنسبة لي كان مصدر سعادة». كما أن للكاتبة آراء ورؤى كثيرة منها ترى أنه لا يمكن الفصل بين الأدب الذي تكتبه المرأة والأدب الذي يكتبه الرجل كمال قالت: «لا أؤمن على الإطلاق بفكرة أن أدب المرأة هو سيرة ذاتية لها، ولا يمكن أن نفصل بين الأدب الذي تكتبه المرأة والأدب الذي يكتبه الرجل.. فالأدب عندما يبدأ بخط عمله الأدبي تختلط مشاعره مع مشاعر شخصياته. وإن كانت الكاتبة المرأة أكثر صدقاً ووجدانية في عرض تجربتها بالحياة. وينعكس ذلك في كتابتها الأدبية لا سيما أن الكاتبة الإماراتية دائماً تقف في إحاطة القصة بإطار بيئي تقليدي. فالإطار يحيط بالشيء من كل جوانبه، وكذا الكاتبة عملت على رسم البيئة رسماً ماهراً بمظاهره وشخصياته، فكل ما يحيط بالشخصية بملامحها الصحراوية وألبستها التراثية وعقليتها وطبعها، كله مستمد من البيئة الإماراتية القديمة. وأحدث اتصالاً وثيقاً رائعاً بالبيئة المكانية والزمانية والتي كانت واضحةً كالشمس في النهار، ومتلألئةً كالقمر في الليل في كتابة الفنون الأدبية للمرأة الإماراتية». وقد نجحت الكاتبة في الوصول إلى ذهن القارئ من خلال أدب القصة والرواية وإبداء الرأي وتأصيل القيم بالمجتمع من عادات وتقاليد نبيلة ونقلها للآخرين، خاصة أنها متحيزة إلى حد كبير للمتلقي العادي. كما واجهة الكاتبة بعض الصعوبات في بدايتها فمن الطبيعي في مجتمعاتنا الخليجية في الزمن الماضي رفض بروز المرأة إعلامياً والتحفظ على ظهورها بالاسم الحقيقي.. ولكونها من العائلات المحافظة التي لا تريد ظهور اسم المرأة هنا لجأت الزرعوني للكتابة تحت اسم مستعار حيث شاركت خارجياً مع بعض الصحف والمجلات، كانت البداية مع جريدة «الراية» القطرية، بعد ذلك نجحت أن تتخطى هذه الصعاب - بعد توفيق الله - فقد نشرت أول خاطرة لها في عمر صغير بمساعدة مدرسة اللغة العربية في مجلة «عالم الفن» الكويتية، وكان أول ظهور لها باسمها الحقيقي قبل عدّة عقود من الزمن في جريدة «الخليج» بكتابة قصة بعنوان «عندما يجف النبع». بعد ذلك استمرت في النشر بالاسم الصريح.. وأصبحت من أهم رائدات الكتابة، وتَبَوَّأْتَ العديد من المناصب الثقافية منها: نائب رئيس اتحاد كُتاب وأدباء الإمارات، وأمين عام ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، وحصدت العديد من الجوائز المشرّفة، وتحظى باهتمام كبير في المشهد الثقافي، والتقدير والاحترام من قبل الجميع نظراً لما تتمتع به من عطاء مثمر، وحرف مدهش، وفكر اتسم بالنضج والاعتدال، والتنوع في طرح الأعمال. ختاماً.. حقيقة أنني عندما أقرأ للكاتبة أسماء الزرعوني أجد قلماً متدفقاً إبداعاً وفكراً.. وأن الطبيعة التي تعشقها وتعيشها بمدينة الشارقة وزمن الماضي الجميل ما بين النخل والبحر قد فرضت عليها أن تعكس ذلك العشق القديم في فنونها الأدبية، وكتاباتها في التأليف، فكلماتها تُخاطب العقل قبل الورق، حروفها تستحوذ على اهتمامنا، تُعانق الجمال، ترتقي بالذائقة، معظم رواياتها تتفرّد بالأسلوب الجميل، فخامة السرد، اقتناص المفردات.

مشاركة :