ليلة من ألف ليلة والمسرح! | نبيلة حسني محجوب

  • 11/4/2015
  • 00:00
  • 81
  • 0
  • 0
news-picture

أجمل وأرقى المسرحيات فناً وأداء ولغة تشاهدها في المسرح القومي في مصر، آخر مسرحية لازالت تعرض حتى الآن رفعت لوحة كامل العدد منذ بداية عرضها الذي ترافق مع افتتاح المسرح القومي، وتجديده بعد الحريق الذي تعرض له عام 2008م. عندما تحدثت في مقالتي ( تحركوا على خشبة الحاضر ياذوي عكاظ ) الأربعاء 19/8/2015م ( نقش من هوازن ) وانتقدت مسرحيات سوق عكاظ، قصدت افتقادها لهذا الاتقان الفني المبهر الذي يستمر سنوات ويقبل عليه الجمهور وينتظر أسبوعا وشهراً ليجد له مقعداً مناسباً يمكنه أن يستمتع هو وأسرته في جو من الإبهار البصري والسمعي والتشويق. المسرحية من التراث المسرحي الغنائي، أشعار بيرم التونسي، بطولة يحيى الفخراني الذي أبدع كوميديا وتراجيديا، ضحكنا وبكينا، رغم بساطة العمل إلا أن الديكور والملابس والموسيقى وخفة ظل يحيى الفخراني، والحكاية، كل هذا جعلنا نعود لزمن الخلافة العباسية في سوق من أسواق بغداد. المسرحية عرضت للمرة الأولى 1931م في أوبرا القاهرة القديمة، ثم في 1958م على خشبة المسرح القومي، 1972م على مسرح محمد فريد، كما قدم الأوبريت في الاذاعة، وفي عام 1994م على مسرح الجمهورية، بطولة يحيى الفخراني وعلي الحجار وأنغام، هذا العرض الجديد للمسرحية قدم وجوهاً غنائية شابة مبهرة بأدائها وجمالها ،هبة مجدى الحاصلة على الماجستير في الموسيقى، أما الوجه الغنائي الآخر محمد محسن فقدم بموهبته وأدائه الأخاذ، بالاضافة الى آخرين كل أبدع في دوره. الفخراني شحاذ يدعى العمى يستجدي الصدقات بهذه الكلمات ( الهي ما يغلبك حال.. ولا تمد إيدك لسؤال ... ولا يشمت فيك أعداء ... ولا ييتم ليك أطفال ) كلمات بسيطة بساطة زجل بيرم التونسي الذي عرف بزجال الشعب لأنه استخدم المفردات الشعبية التي قربته من الناس وأصبحت كلماته على كل لسان. عندما انتشرت مسارح القطاع الخاص كانت هي الوجهة الوحيدة للسائح الخليجي، ولأن السائح الخليجي لديه وقت طويل للفراغ والمتعة خلال رحلته السياحية، نشط المسرح الخاص على حساب القيمة الفنية والأخلاقية، وفي المقابل ارتفعت أسعار التذاكر بشكل جنوني، طالما أن السوق رائجة والمشاهد مستعد للإقبال والدفع لتمضية الوقت والفرجة دون اعتراض أو تذمر، وسط كم هائل من البذاءة والابتذال، وظل المسرح القومي حريصاً على القيمة فنيا وأخلاقياً فلا تخجل من ألفاظ أو حركات خارجة بصحبة أطفالك. كان معي أحفادي لا يجيدون اللغة العربية وكنت أشعر بالذنب لأني أقحمتهم في عمل لن يفهموا كلماته أسرعت اليهم في الاستراحة وجدت السعادة على وجوههم لأن الديكورات والرقصات والقصة جميلة وبسيطة ولا تحتاج الى زعيق ونهيق وحركات قرداتية كي يضحك الجمهور، أيضا قيمة التذاكر في متناول الجميع ( 20- 30 - 50- 70- 100 ) جنيه يعني العرض متاح للجميع ومستمر ويمكن أن يعاد بعد سنوات وبعد عقود، وانا داخل العرض مشدودة ومنبهرة لم أستطع منع نفسي من التفكير في المسرح عندنا والتجارب العديدة التي لا يكتب لها الاستمرار والنجاح لأنه لا توجد صناعة للفن حقيقية فالممثل لا ينجح بمفرده، لا بد من منظومة عمل متكاملة كتابة النص حتى لو تم استدعاؤه من التاريخ لابد من لغة تلائم العصر وتخاطب الجميع، ويبقى المكان العنصر الأساسي للفن المسرحي، بدون مبنى مسرح كامل متكامل لايمكن عمل مسرحية حسب المناسبات أو تنتقل من قاعة لقاعة، عندما تأسس المسرح القومي في مصر في عهد الخديوي اسماعيل أطلق عليه المسرح الوطني وبعد ثورة 23 يونيو 1952 زمن القومية العربية تم تسميته المسرح القومي ولا يزال، القضية ليست في الأسماء ولكن في الأعمال التي تستحق أن تعيش كل هذا العمر أكيد تم تغيير الديكور والملابس والحركات الراقصة لكن النص الأصلي لم يتغير ، ووجدت هذا الاقبال. انتظرت اسبوعاً لأجد مقاعد في الصف الثاني، دخل المسرحية تجاوز مليون جنيه مصري. nabilamahjoob@yahoo.com nabilamahjoob@yahoo.com

مشاركة :