سألت هذا السؤال للعديد من الأصدقاء.. فوجدت أسباباً كثيرة تدفعهم لذلك منها - على سبيل المثال - التعرف على البلدان المختلفة للتخطيط لعطلتك القادمة.. ولتوسيع المدارك والمعارف.. واكتشاف الفرص الاستثمارية المتاحة، ومتابعة المستجدات التقنية لو كنت مهتماً بالعلوم.. واقتناص فرصة حضور فعالية عالمية لن تتكرر في دبي.. بل حتى إن كنت راغباً في التسلية والترفيه، فهذا المكان الضخم يناسبك تماماً.. كلها أسباب وجيهة بالطبع.. إلا أن أحد الأصدقاء ذكر سبباً فلسفياً عميقاً. زار أحمد الإكسبو نحو عشر مرات حتى الآن وينوي الذهاب لعشر مرات قادمة.. وحين سألته عن السبب، قال: إن كل زيارة تجعله يكتشف كم الأشياء التي يجهلها عن هذا العالم، كم الدول التي لا يعرف عنها شيئاً ويتأمل أجنحتها منبهراً بما فيها، وكم الجنسيات التي يتعامل معها وكل منهم يسعى للترويج لثقافته وما تتميز به بلده.. وهو ما جعله يدرك كم أن هذا العالم كبير جداً وأنه لا يعرف عنه كل شيء.. لقد واجه كم المعارف الشيقة والمهمة التي لا يعرفها.. بلدان وحضارات كاملة لا تعرف عنها شيئاً وإن كنت تظن ذلك. هل تعرف أن لغة «جورجيا» الرسمية تبدو هكذا «ძალა ერთობაშია»؟ هل تعرف ما يميز جمهورية «ترينداد وتوباجو» في أميركا الجنوبية، أو دولة «أنتيجوا وبربودا» في الكاريبي، أو «مملكة إسواتيني» في أفريقيا؟ لكل منها جناح مميز في الإكسبو! يحجب أبصارنا توهم المعرفة، واعتقاد أن نظرتنا الاختزالية للعالم هي العالم ذاته، لمجرد أن مشهد الكرة الأرضية يبدو مألوفاً لنا! ما تحدث عنه صديقي يدعى في أبحاث علم النفس الإيجابي «التواضع الفكري».. وهو فضيلة عقلية تزيّن فكر الإنسان المثقف بحق، لأنها تدفعه لطلب العلم باستمرار، وعدم التطرف لرأيه وترك الباب موارباً - دائماً - لأي مستجدات أو معلومات أحدث تجدد نظرته للعالم، فهو يدرك ما يشوب المعرفة الإنسانية من نسبية وقصور. الإكسبو، جاء بالعالم كله في مكان واحد.. تأملك لهذا الكم المدهش من الاختلاف والتنوع، وملاحظة المشترك الإنساني الحميم الذي يجمعنا، له مردود وجداني وعقلي عظيم، لو قررت أن تثيره في نفسك.. كل يرى العالم حسب عقليته.. وكل يقصد هذا الحدث العالمي الفريد لغاية تناسبه.. لدرجة أن صديقي زاره قاصداً بلوغ الحكمة!
مشاركة :