بجانب جناح المملكة في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب نشاهد جناح اليونان بمساحة مساوية تقريباً للجناح السعودي، وهو على عكس الجناح السعودي هذا العام مصمم بشكل جميل وبسيط، به مجموعة من الكتب ومزدان بصور مختلفة، في الواجهة "بوستر" مستطيل به صور لعشرين كاتباً وكاتبة وفي الجانب الأيسر نقرأ عنوان "أصوات جديدة من اليونان" تحت كل صور سيرة مختصرة ومقطع من قصة أو رواية أو قصيدة لكل واحد وواحدة، لم يكتفوا بذلك بل أصدروا نسخة مطبوعة منها، بحجم صغير ليحتفظ به كل زائر للجناح. حقيقة إن أفضل مكان للتعريف بالمبدعين والتواصل معهم هو معارض الكتب، بالطبع ليس فقط المبدعون بل الكتاب بصورة شاملة، وفي معرض فرانكفورت أغلب الأجنحة لكل دول العالم تزدان أجنحتها بصور وإصدارات كتابها، بالطبع نستثني من ذلك الدول العربية، محمود درويش وعلاء الأسواني كان لهما فرصة عرض صورتيهما من خلال دار نشر فرنسية ترجمت كتبهما، وكان من المفترض أن تكون هنالك صورة كبيرة للأديب الراحل جمال الغيطاني الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى أثناء المعرض في الجناح المصري، ولكن يبدو لي أن الناشرين العرب، لا يهمهم مطلقاً أديب أو مبدع أو كاتب كبير أو الكتاب الأكثر مبيعاً لجودته وأهميته، يهمهم كم يطبعون من كتب وكم يبيعون من نسخ وما هي أرباحهم. العالم كله يعي أهمية الكاتب قبل دار النشر، وحين شاركت اندونيسيا كضيف شرف في معرض فرانكفورت للكتاب هذا العام قدمت قرابة السبعين كاتباً وكاتبة جميعهم شاركوا بقراءة مقاطع من كتبهم أمام الجمهور، مع ترجمة فورية لعدة لغات، إضافة إلى عرض لإصداراتهم. مشكلة العالم العربي ليس في أجندة مثقفيه وكتابه تسويق الثقافة للعالم، وبالطبع محاولة تعريف الآخرين بكتابهم وأدبائهم معدومة، في الوقت ذاته يطالبون بحصول أحد ألأدباء العرب على جائزة نوبل، وحين يرشح اسم ما يبقى غير معروف لدى كثير من المثقفين العرب فمن يعرف مثلا آسيا جبار، وهل جميع المثقفين العرب متفقون على أدونيس أو نوال السعداوي، ومعرض مثل معرض فرانكفورت مهم جداً للتعريف بالأدباء العرب، نحن نتذكر عام 2004م عندما كان العرب ضيف شرف في معرض فرانكفورت للكتاب، لم أحضر تلك الدورة، ولكن بعد مضي عشر سنوات ما الذي تغير، هل حقق الأدباء العرب حضوراً في العالم؟. يزعجني كثيراً طرح أسئلة لا أجد إجابة لها، ولكن من المهم على وزراء الثقافة العرب في اجتماعاتهم السنوية، طرح مثل تلك الأسئلة، الأديب أو الكاتب ليس مهماً في وطننا العربي، حتى توضع صوره في أجنحة معارض الكتب، وحتى توفر كتبه في كل المشاركات، وحضور ومشاركات الأدباء والمثقفين في الفعاليات الثقافية على هامش تلك المعارض، تأتي ارتجالية، وغالباً يحددها جهد وقدرة الأديب على التواصل مع الآخرين. وهنا نقف عند التجربة السعودية في معارض الكتب، نستثني مشاركة معرض فرانكفورت لهذا العام، ولكن هنالك جهداً يحسب للملحقيات التعليمية مع وزارة التعليم العالي "سابقاً" وزارة التعليم حالياً بترشيح عدد من الأدباء للمشاركة بالفعاليات التي تقدم في أجنحة المملكة في بعض معارض الكتب ويتضح ذلك في جناحي المملكة بمعرض الشارقة للكتاب ومعرض أبوظبي للكتاب، وكان لي شرف المشاركة في معرض فرانكفورت للكتاب عام 2013م عرضت فيها تجربتي الكتابية، جهد جيد، ولكن الملفت هو غياب وزارة الثقافة عن تلك الفعاليات، وغياب الكتاب السعودي الأدبي في تلك الأجنحة، حتى أن الشعراء أو كتاب القصة المشاركين بالمعرض يصابون بالحرج عندما يطلب أحد الحضور نسخة من إنتاجهم الإبداعي، بالمقابل نسمع عن شراء لمئات النسخ من الكتب سنوياً في وزارة الثقافة والإعلام، أين تلك الكتب ولماذا لا تكون حاضرة في تلك الأجنحة، لا أعرف الإجابة. من المفترض أن تسعى وزارة الثقافة والإعلام على توفير أكبر قدر من إصدارات الأدباء السعوديين في معارض الكتب، تقوم بتوزيعها أو بيعها بسعر رمزي، نحن تعرفنا على عدد من الأدباء العرب وبالذات من سوريا والعراق من خلال أجنحة وزارة الثقافة لتلك الدول في معرض الرياض للكتاب حينما كانت تحتضنه جامعة الملك سعود منذ سنوات، فهل سيكون الكتاب السعودي حاضراً في معارض الكتب المقبلة، وهل ستزخر أجنحة المملكة العربية السعودية في معارض الكتب التي تقام في العالم مستقبلًا بالأدباء والكتاب والذين حتماً سيقدمون صورة مشرقة عن الوطن؟.
مشاركة :