توافقت لجنـة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى مع مجلس النواب على رفض مشروع قانون بإنشاء نيابة جرائم الأموال العامة (المعد في ضوء الاقتراح بقانون «بصيغته المعدلة» المقدم من مجلس النواب)، والذي كان يهدف إلى إنشاء نيابة متخصصة تسمى «نيابة جرائم الأموال العامة» تختص بالتحقيق في الجرائم المتعلقة بالأموال العامة، وتلقي البلاغات من ديوان الرقابة المالية والإدارية، والجهات الحكومية، وكل من علم بوقوع مخالفات تتعلق بالأموال العامة، وإصدار القرارات بشأن التصرف فيها. وقالت اللجنة في تقريرها المعروض على مجلس الشورى الأحد، أن مشروع القانون يتعارض مع الاختصاص المقرر قانونـًا للنيابة العامة، ذلك الاختصاص الذي يكون بموجبه النائب العام هو صاحب الاختصاص بتحديد مقر عمل ودوائر اختصاص أعضاء النيابة العامة ونقلهم وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، وبطبيعة الحال فإن من مُستلزمات تحديد مقر العمل ودوائر الاختصاص أن يُصدر قرار بهذا الاختصاص الموكول للنيابة العامة، ومن ثم يكون من الأجدى، الاكتفاء بالأحكام المقرَّرة في قانون السلطة القضائية فيما هو متعلِّق بتخصيص نيابات لنظر نوع أو أكثر من الجرائم، وذلك بقرار يصدر عن النائب العام بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء من دون حاجة إلى إصدار تشريع خاص، كما أن الصلاحيات الممنوحة للمجلس الأعلى للقضاء، ومنها إمكان إنشاء دائرة متخصصة لجرائم الأموال، تؤكد أن جميع الآليات لمكافحة هذا النوع من الجرائم متحققة سواء من النيابة العامة أو من المحكمة. ولفتت إلى أن مشروع القانون يُخالف السياسة التشريعية القائمة على سند من المرونة التشريعية التي تستوجب وضع القواعد العامة في القانون وتنظيم تفاصيل التطبيق بموجب قرارات إدارية وتنظيمية يضعها صاحب الصفة الموكول له قانونـًا إدارة وتنفيذ هذا التنظيم، وعليه تم صدور قرارات إدارية تنظيمية عن النائب العام بإنشاء نيابات مُتخصصة ومنها نيابة الوزارات ونيابة الأسرة والطفل ونيابة المرور. كما أشارت إلى عدم جدوى الاستمرار في مشروع القانون بعد أن أصدر سعادة النائب العام القرار رقم (31) لسنة 2020 بإنشاء «نيابة الجرائم المالية وغسل الأموال» وتحديد اختصاصاتها، كما أن النيابة المشار إليها يتسع مجال عملها باتساع مجال المقصود بالأموال، ما يؤكد أنها أكثر شمولية من مشروع القانون لأنه كان يُخصص للمال العام فقط. وأوضحت أن الموافقة على مشروع القانون يترتب عليها التوسع مُستقبلا في إنشاء نيابات بقانون بالمخالفة لقانون السلطة القضائية، ويترتب على ذلك بِحُكم اللزوم أن تُثار شبهة التمايز -من حيث المكانة- بين النيابات بحسب أداة إنشائها وهو ما لا تأخذ به السياسة التشريعية المَحمُول عليها أن تنأى بِشُعَبِ القضاء كافّةً عن كُل مَا مِن شَأنِه أن يُشَكِّل مَدعاة للنعي على تنظيمه بأيّ وجهٍ من الوجوه، أو يفتح المجال لجدلٍ واسع للتمييز بين القرارات الصادرة عن النيابات المُختلفة.
مشاركة :