أصدرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين (Moody"s Investors Service)، أمس، تقريرًا بعنوان التحليل الائتماني السنوي (Annual Credit Analysis) لدولة الكويت، تناول التحليل التفصيلي لقرار التصنيف الائتماني السابق (A1، مع نظرة مستقبلية مستقرة) الصادر في 22 سبتمبر 2020، في ضوء مستجدات السياسات الاقتصادية والمالية والبيانات الاقتصادية المسجلة خلال العام الحالي. وفيما يلي عرض موجز لمحاور التقرير: أولًا- نقاط قوة التصنيف الائتماني - امتلاك الدولة ثروات نفطية ضخمة واستثنائية. - انخفاض إجمالي الدَّين الحكومي. - ضخامة حجم أصول صناديق الثروة السيادية. - المستوى المرتفع جدًا لنصيب الفرد من الدخل. ثانيًا- تحديات التصنيف الائتماني - الاعتماد الكبير على القطاع النفطي، وما ينتج عنه من تقلبات اقتصادية ومالية. - العلاقة المتوترة بين الحكومة ومجلس الأمة، مما يُضعف تشكيل السياسات ويقوّض قدرة الدولة على التكيف مع الصدمات. - التوترات الجيوسياسية الإقليمية. - المقاومة المستمرة من مجلس الأمة لخطة الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المالية، وذلك بتنويع الإيرادات غير النفطية وخفض الإنفاق العام، في حين امتد الجمود التشريعي إلى قضايا التمويل في السنوات الأخيرة، سيزيد من مخاطر السيولة الحكومية. ثالثًا- عوامل التصنيف الائتماني 1- عوامل قد ترفع التصنيف الائتماني: - وجود أدلة على التحسّن المستدام في القوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة في دولة الكويت، وذلك من خلال العلاقة البناءة بين الحكومة ومجلس الأمة، مما يؤدي إلى تشكيل سياسة أكثر سلاسة ويمكن التنبؤ بها. - التحسن في فعالية السياسة المالية من خلال زيادة قدرة الحكومة على الاستجابة للصدمات. - تنفيذ الإصلاحات المالية التي تقلل بشكل جوهري من متطلبات التمويل للموازنة العامة. 2- عوامل قد تضغط باتجاه تخفيض التصنيف الائتماني بأكثر من درجة واحدة: - زيادة مخاطر السيولة الحكومية، لا سيما مع اقتراب استحقاق الشريحة الأولى من السندات الدولية. - في حال استمرار القوة المالية للحكومة في التراجع على المدى المتوسط بسبب زيادة الدين الحكومي في ظل سيناريو تمرير قانون الدين العام الجديد، وتحقيق الموازنة العامة عجزا كبيرا، وعدم قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات المالية. رابعًا- تحليل الملف الائتماني 1) تصنيف القوة الاقتصادية رفعت الوكالة تقييمها للقوة الاقتصادية لدولة الكويت من الدرجة الأولية "baa3" إلى الدرجة النهائية "a2" لتعكس مستويات الثروة العالية بشكل استثنائي، فضلاً عن ثرواتها الهائلة من النفط، حيث تمتلك دولة الكويت إلى حد بعيد أكبر نسبة من احتياطيات النفط المؤكدة إلى الإنتاج بين دول مجلس التعاون، والتي من المقدر استمرارها إلى نحو 100 عام وفقا للمستويات الحالية من الإنتاج. إلى جانب تكاليف الإنتاج المنخفضة نسبيًا، فإن هذا يدعم مستويات مرتفعة من الثروة الوطنية، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حيث القوة الشرائية نحو 43 ألف دولار عام 2020. 2) تصنيف القوة المؤسساتية جاء هذا التصنيف مدفوعًا بتدهور بعض جوانب الإطار المؤسسي وفعالية الحكومة بسبب عدم القدرة على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية المخطط لها من قبل الحكومة. في حين أشادت الوكالة في تقريرها بحصافة السياسة النقدية التي يطبقها بنك الكويت المركزي، ومتانة أوضاع القطاع المصرفي في البلاد، مشيرة إلى أن إدارة السياسة النقدية للكويت تشكل مصدرًا للقوة المؤسساتية للتصنيف، كما يتضح من مستويات التضخم المنخفضة والمستقرة نسبيًا منذ تطبيق نظام سعر صرف الدينار الكويتي القائم على سلة موزونة من العملات، منوهة بقوة اللوائح التنظيمية التي يصدرها بنك الكويت المركزي وحصافتها، حيث انعكس ذلك في استقرار النظام المالي خلال فترات تقلبات الاقتصاد الكلي، ومعدلات كفاية رأس المال المرتفعة والسيولة الوفيرة ونسبة القروض غير المنتظمة المنخفضة نسبيًا في النظام المصرفي. كما يتبنى "المركزي" نهجًا استباقيًا لاعتماد المعايير التنظيمية المصرفية الدولية، بما في ذلك التطبيق الكامل لإصلاحات بازل (3). 3) تصنيف القوة المالية للدولة أشارت الوكالة إلى أن هذا التصنيف يدعمه انخفاض مستوى الدّين الحكومي، وحجم أصول صناديق الثروة السيادية الضخمة المتراكمة من الفوائض المالية الكبيرة. وأشارت إلى التدهور الحاد في الموازنة العامة بنحو 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 20/ 2021 مقارنة بنحو 14 - 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية السابقة، حيث تراجعت الإيرادات الحكومية بنسبة 39 بالمئة، لتصل إلى نحو 10.5 مليارات دينار مدفوعة بالانخفاض الكبير في أسعار وكميات إنتاج النفط. وفي الوقت نفسه، تتسم قاعدة الإنفاق الحكومي بعدم المرونة نسبيًا، حيث تستحوذ فاتورة الأجور والدعوم الحكومية على أكثر من 75 بالمئة من إجمالي الإنفاق العام. وتتوقع الوكالة أن يتقلص العجز في الموازنة العامة إلى نحو 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 21/ 2022 والسنة المالية 22/ 2023، ويرجع ذلك أساسًا إلى الانتعاش السريع في أسعار النفط منذ عام 2020. 4) تصنيف مخاطر الأحداث أشارت الوكالة إلى أنه على غرار معظم دول مجلس التعاون، فإن الموقع الجغرافي لدولة الكويت يجعلها عرضة لمخاطر الأحداث الجيوسياسية الإقليمية ويدعم تصنيف الوكالة لهذا العامل عند درجة "ba". وعلى وجه الخصوص، تمثل التوترات بين دول مجلس التعاون وإيران وخطر إغلاق مضيق هرمز احتمالية منخفضة، إلا أن ذلك الإغلاق في حال وقوعه سيكون حاد الأثر على دولة الكويت، حيث يمر كل النفط المصدر من الكويت عبر المضيق. ومع ذلك، تتمتع الكويت بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية التي أظهرت التزاما قويا بحماية سيادة الكويت، وهناك علاقات وثيقة مع مجموعة الدول السبع الأخرى ودول مجلس التعاون، كما تحاول الحكومة الحفاظ على علاقات مستقرة مع الجارتين إيران والعراق. - على صعيد تقييم مخاطر القطاع المصرفي، أشارت الوكالة إلى محدودية مخاطر العدوى (Contagion Risk) التي قد يشكلها النظام المصرفي في الكويت على الموازنة العامة والتصنيف الائتماني السيادي، ويدعم هذا التقييم سجل حافل من الاستقرار المالي، بينما تظل البنوك ذات رسملة وسيولة مرتفعة، مع تغطية قوية للمخصصات للقروض غير المنتظمة. وجاء تصنيف دولة الكويت لتلك المخاطر عند الدرجة "baa". وتتوقع الوكالة أن يسجل الائتمان المصرفي نموا بنحو 5 بالمئة خلال العام أو العامين القادمين، مدعومًا بالانتعاش الاقتصادي والاستهلاك الأسري القوي وتنفيذ الخطة التنمية. وأشارت إلى أن التطورات السياسية والجيوسياسية المحلية السلبية، أو حدوث انخفاض متجدد في أسعار النفط يؤدي إلى تأخيرات أو إلغاء مشاريع البنية التحتية الكبيرة لا تزال تشكل مخاطر للتصنيف. - تتوقع الوكالة أن ترتفع نسبة القروض غير المنتظمة (NPLs) بسبب الزيادة المتأخرة للتخلف عن السداد نتيجة الجائحة. كما ستتدهور الانكشافات الدولية للبنوك الكويتية في البلدان التي تواجه اضطرابات اقتصادية وسياسية. وأشارت الوكالة إلى أن نسبة تغطية المخصصات العامة (بما فيها المخصصات الاحترازية) لخسائر القروض (General Loan-loss reserves) مرتفعة، وتعادل نحو 3.8 بالمئة من إجمالي القروض اعتبارًا من عام 2020. وأشارت إلى أن تركزات القروض للمقترضين الأفراد وانكشاف البنوك لقطاعَي العقار والأسهم ستبقى مصادر لمخاطر الأصول. - وذكرت أن البنوك الكويتية تتمتع بمصدات رأسمالية مرتفعة، مما يعكس تطبيقها المتحفّظ لمعايير بازل (3)، وتمنحهم هذه المصدات الرأسمالية المرتفعة قدرة قوية على امتصاص الخسائر غير المتوقعة. وفيما يتعلق بالربحية، تتوقع الوكالة ارتفاع نسبة صافي الدخل إلى الأصول الملموسة في البنوك الكويتية عام 2022. - وقالت الوكالة إن البنوك الكويتية ستبقى في الغالب ممولة من الودائع، مع تغيير طفيف في اعتمادها على تمويل السوق. كما لا يزال الاعتماد على كبار المودعين يمثّل خطرًا على القطاع المصرفي الكويتي، وعلى الرغم من أن معظم هؤلاء المودعين كيانات مستقرة مرتبطة بالحكومة، فقد تنخفض الودائع المرتبطة بالحكومة بسبب التحديات المالية، ولكن من المرجح أن تبقى قوية على المدى المتوسط. وأشارت الوكالة إلى أن البنوك الكويتية ستحافظ على سيولة جيدة، حيث تبلغ جميع معدلات تغطية السيولة أعلى من 100 بالمئة.
مشاركة :