يتطلع الفرد إلى اليوم الذي يجد نفسه قادراً على تحقيق النجاح الذي كان يحلم به منذ صغره، ومع ذلك فإن النجاح والفشل في الحياة مسألة نسبية تتوقف على الظروف المحيطة بالفرد، إلى جانب ما يمتلكه من قدرات ومهارات خاصة تميزه عن غيره، ولذا الإنسان الواثق من نفسه إلى درجة الغرور بأدواته ومهاراته -وليس ذاته-؛ سيحقق نجاحاً متنامياً في أي مجال يعمل فيه، بل وسيستطيع تجاوز العقبات أو التحديات التي قد تواجهه يوماً ما؛ بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يستطيع الفرد تحقيق هذا النجاح؟، وكيف يستطيع أن يتأكد من أنه يسير بالفعل في الطريق الصحيح الذي يقوده في نهاية المطاف إلى النجاح الحقيقي؟. والنجاح الذي نعنيه هنا لا يقتصر على النجاح الدراسي فقط، بل إننا نعني بذلك النجاح في الحياة بشكل عام، ومن هنا نتساءل هل النجاح ينبع من الذكاء أم أنه صفة موروثة؟، وهل وصول الفرد إلى أعلى المراتب العلمية أو الوظيفية يعني أنه حقق النجاح في حياته بالفعل؟، وأخيراً هل هناك نجاح كامل أم لا؟. عجز موقت وأوضحت «أم سعد» -صاحبة مشغل نسائي في الأحساء- أن النجاح يتوقف على رؤية الإنسان لنفسه وتفهّمه الكامل وسعيه الدائم لتحقيق ما يريد بشتى الوسائل الممكنة، مضيفة أن الفشل ما هو إلا عجز مؤقت يستطيع الإنسان أن يتخطاه بعزيمته، مشيرة إلى أنها واجهت متاعب جمة عند افتتاح مشغلها قبل عدة سنوات، إذ إنها لم تكن آنذاك خبيرة في عملية الدعاية والتسويق، بيد أنها اجتهدت بعد ذلك وعملت على كسب رضا عميلاتها، مشيرة إلى أنه رغم أن عددهن كان قليلاً، إلا أنهن ساعدنها في نشر اسم المشغل، مبينة أنهن ساهمن بطريقة غير مباشرة في الدعاية له، مبينة أنها تشعر بسعادة كبيرة كلما التقت بهن أو عندما يرسلن لها بعميلات جديدات من معارفهن. إرادة قوية ولفتت «غادة حمد» -طالبة دراسات عليا- إلى أن النجاح -من وجهة نظرها- هو أن يكون لدى الشاب الإرادة القوية لتحقيق ما يصبو إليه عبر الصبر والمثابرة والجد والاجتهاد في العمل، مضيفة أن على الفرد أن يعرف حجم قدراته؛ ليحدد طريقه الذي يسير فيه، مشيرة إلى أن هناك العديد من القيود التي قد لا تمكن الشباب من تحقيق كل ما يحلمون به؛ مما قد يشعرهم بالفشل أحياناً، مشددة على ضرورة أن يقتنص الشاب أو الفتاة كافة الفرص المتاحة في هذا الزمن المصطبغ بصبغة التطور، مؤكدة على أن الفرص أصبحت متوفرة حالياً بشكل أكبر مما كان عليه الحال قبل عدة سنوات، وبالتالي فإنه ينبغي على الشباب عدم التردد والبدء في العمل بجد واجتهاد. مشروع صغير وذكرت «أم راشد» أنها تعمل من منزلها في إعداد الوجبات والمأكولات الشعبية حسب طلب عميلاتها الكُثر، مضيفة أنها بدأت مشروعها الصغير عندما عملت قبل سنوات على إعداد طبق شعبي قدمته هدية لإحدى معارفها، مشيرة إلى أنها تفاجأت بعد عدة أيام أنها تطلب منها تجهيز طبق آخر مماثل شريطة أن يكون بمقابل مادي، مبينة أنها وافقت على ذلك بعد تردد منها، موضحة أنها اكتشفت بعد أيام أن التي طلبت الطبق ليست هذه المرأة، بل إنها إحدى جاراتها التي كانت في زيارة لها بمنزلها وتناولت لقيمات من هذا الطبق فأعجبها مذاقه وطعمه؛ لذا طلبت منها أن تعد لها طبقاً خاصاً، وهكذا تواصلت الطلبات؛ مما جعلها تطلب من إحدى بناتها مساعدتها في العمل. وأضافت أنها تعد حالياً هذه الأطباق لمجموعة كبيرة من العميلات اللاتي يتعاملن معها باستمرار، خاصة في نهاية الأسبوع أو حينما تكون لديهن مناسبة عائلية، مشيرة إلى أن نجاحها يعود قبل كل شيء إلى توفيق الله –سبحانه وتعالى- ثم لجودة عملها، موضحة أنها حريصة كل الحرص على إجادة وإتقان عملها؛ لتجعل منتجاتها أكثر تميزاً، لافتة إلى أن التميز شرط مهم من شروط النجاح. قدرات طبيعية وقالت «وفاء سالم» -أخصائية اجتماعية-:»لا يوجد إنسان لا يحمل شيئاً من مقومات النجاح، فالقدرات الطبيعية التي وهبها الله للإنسان قد تتفاوت ولكنها موجودة، فعندما يركز الإنسان على هذه المقومات، التي منها العزيمة والإصرار والمثابرة وتحمل متاعب العمل، فإن الله سيعينه على تحقيق هدفه، وبالتالي تحقيق النجاح»، مضيفة أن العمل الجاد مرتبط بالإرادة القوية، مشيرة إلى أن الإرادة القوية تزيد من حماس الفرد وثقته بنفسه وتمنحه قدراً كبيراً من تطلعات وطموحات تتفق مع الإمكانات الواقعية له، لافتة إلى أن الشخص الفاشل يشعر بالهزيمة سريعاً ولا يستطيع الصمود أمام المشكلات التي تواجهه في الحياة، مبينة أنه لا يوجد إنسان لا يستطيع تحقيق النجاح، بيد أن مفهومه قد يختلف من شخص لآخر. وأشارت إلى أننا جميعاً كأفراد لدينا تطلعات عديدة، بيد أن هناك من قد يخاف من الفشل في التجربة؛ لذا نجده لا يحبذ إعادة التجربة والانطلاق من جديد، موضحة أن في بلادنا –ولله الحمد- فرص عديدة بحاجة لمن يستغلها، مبينة أن الفرصة متاحة هذه الأيام بشكل كبير، خاصة بعد عملية تصحيح أوضاع العمالة؛ لأن الكثير منهم أخلوا العديد من المحال التجارية والمطاعم والورش، ما يعني توفر فرص عمل كثيرة لأبناء الوطن. تجارب ناجحة وقال «عبدالله المغلوث» –إعلامي-:»النجاح من وجهة نظري هو أن أحقق أي شيء يرفع من شأني ويُمكنني من تحقيق ذاتي؛ حتى ارتقي بنفسي وأعمل على إسعاد الآخرين عبر عمل ناجح، وقد كتبت في العديد من مؤلفاتي وضمن ما أكتبه عن تجارب ناجحة لشباب وفتيات من بلادي استطاعوا تحقيق النجاح، بل وتكوين ثروات طائلة من أعمالهم التي بدأوها من الصفر»، مضيفاً أن من أهم العوامل التي تساهم في نجاح الشاب أو الفتاة أن يكون الواحد منهم لديه ثقة كبيرة في نفسه وقدراته وإمكاناته، موضحاً أن هذه الثقة كما أكد عليها علماء السلوك البشري وخبراء العمل تجعله قادراً على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. وأضاف أن الإنسان الواثق من أدواته سيحقق نجاحاً متنامياً في أي مجال يعمل فيه، بل وسيستطيع تجاوز العقبات أو التحديات التي قد تواجهه يوماً ما، وبالتالي يتمكن من أن يهزمها قبل أن تهزمه وتحد من انطلاقته في طريق نجاحه، مشيراً إلى أن شباب الوطن أكدوا عبر حضورهم اللافت في مختلف المجالات التي تعكس ما يتمتع به المواطن في «المملكة» من قدرات مذهلة على نجاحهم الكبير الذي يُعد قاعدة للإشعاع ونموذجاً عظيماً للاقتداء، مؤكداً على أنه يجب على الفرد ألا يتردد في مواجهة المعوقات أو الصعوبات التي قد تواجهه يوماً ما، مستشهداً بما يقوله «البريطانيون» في هذا الشأن:»حاول ثم حاول ثم حاول»، مع أهمية أن يُقيم كل خطوة يخطوها؛ ليبنى عليها خطوة ناجحة وفاعلة في المستقبل. مقومات النجاح وأشار «د.على البسام» -عميد كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالأحساء- إلى أن أهم مقومات النجاح هي أن يكون الشاب أو الفتاة على درجة معقولة من الفطنة والذكاء والوعي، على ألا يقتصر ذلك على التفوق الدراسي فقط، مضيفاً أن التفوق الدراسي يتضمن قدرات معينة تختلف من شخص لآخر، ومن ذلك قدرة الفرد على الفهم والحفظ، بيد أن الوعي الاجتماعي يتضمن كيفية معاملة الآخرين، إلى جانب الاستجابة للمواقف المختلفة، موضحاً أنها عملية مهمة في حياة الشاب أو الفتاة، وتساهم في تحديد خطوات نجاحهما في المستقبل. وبين أنه إذا أضفنا إلى ذلك الاجتهاد والمثابرة والإصرار على العمل، فإن ذلك قد يصبح نقطة ضعف في حياة الشاب، إذ أنه لا يستطيع حينها أن يحصل على كل ما يريد فيشعر بالفشل، بيد أنه إذا تفكر في الأمر وتمهل، فإنه لا بد أن يدرك أن إرادة الله وراء هذا النجاح أو ذلك الفشل، وأنه -سبحانه وتعالى- لا بد أن يكون له حكمة معينة في ذلك قد لا يعلمها، مشيراً إلى أن الإخفاق من وجهة نظر خاصة قد يكون بداية لنجاح آخر، لافتاً إلى أن الإنجاز والتفاني والعمل الدؤوب في العمل يكون نتيجة إيجابية للنجاح.وأضاف أنه يجب أن يعي الفرد أن هناك صعوبات لا بد أن تواجهه في حياته، كما أن الفشل تجربة يجب أن يستفيد منها كل شاب وفتاة، لا أن يعتبرها نهاية العالم، وبالتالي فإن الانطلاقة إلى طريق النجاح تكون عبر هذه التجربة –بعد توفيق الله-، ناصحاً أن يحاول كل إنسان أن يبذل أفضل ما عنده، على أن يكون ذلك العطاء نابعاً من أعماقه وقدراته وعن رضا كامل، كما أن عليه أن يتفاءل بشكل دائم.
مشاركة :