أحدث الأساليب في فنون الأكاذيب | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 11/12/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الكَذِبُ صِفَةٌ ذَميمَةٌ في كُلِّ الثَّقَافَاتِ، وفي كُلِّ الأديَانِ، ولَدَى كُلِّ الشّعوبِ، ولَا يَكذبُ الإنسَانُ؛ إلَّا مِن حَقَارةٍ ودَنَاءةٍ يَجدها في نَفسه، لأنَّ الإنسَانَ النَّبيلَ الشَّهمَ؛ يَترفَّعُ عَن الكَذِبِ، فالمُؤمنُ لَا يُمكنُ أَبدًا أنْ يَكذبَ، كَما جَاءَ في مُحكمِ التَّنزيلِ: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)..! لَن أُطيلَ في ذَمِّ الكَذِبِ، فذَلك أَمرٌ مَعلومٌ لَدَى الجَميعِ، ولَكن سأَخترعُ مَفهومًا عَرفجيًّا جَديدًا اسمه: «اقتصَاديّاتُ الكَذِبِ»، عَلى غِرَارِ اقتصَاديّاتِ المَعرفةِ، واقتصَاديّاتِ التَّعليمِ..! مِن المَعروفِ في الثَّقَافَةِ الإسلاميّةِ، أنَّ الكَذِبَ يَجوزُ في حَالتينِ، الحَالَة الأُولَى: إصلَاحُ ذَاتِ البَينِ، حِينَ تُقرِّبُ بَينَ القلُوبِ، فمَثلاً تُخبرُ زيدًا أنَّ عَمْرًا يُحبُّه، ويَتمنَّى لِقَاءَه، في حَالةِ نشُوبِ خِلافٍ كَبيرٍ بَين عَمرٍ، وزَيدٍ، أدّى إلَى قَطيعةٍ شَديدةٍ بَينهمَا.. أمَّا الحَالَةُ الثَّانيةُ للكَذِبِ المُبَاحِ، فهي رُخْصَةٌ للزَّوجِ، حَيثُ يَضطرّ إلَى الكَذِبِ عَلى زَوجتهِ، إذَا كَانَ الغَرضُ مِن ذَلكَ استعَادةَ المَودّةِ بَينهمَا، وتَطبيعَ العلَاقَاتِ، ولَا عَجبَ في ذَلكَ، فالمَرأةُ كَائِنٌ سَمَاعيٌّ، تُحبُّ الكَلَامَ الحلوَ، وقَد قَالَ عَنهَا الشَّاعِرُ «أحمد شوقي»: (والغَوانِي يُغرهنَّ الثَّنَاءُ)..! أمَّا اقتصَاديّاتُ الكَذِبِ التي أَقصدها، هي كَذِب الإنسَان مِن غَير دَاعٍ، ولَا حَاجةٍ ولَا ضَرورةٍ، وهو مَا يُسمّى في الحِجَازيّةِ العَاميّةِ «إعطَاء الرُّكب»، أو «رَمي البُلكّ»، بمعنَى أنَّكَ تَكذبُ في أشيَاءَ؛ لَستَ مُضطرًا للكَذِبِ بشَأنِها، ولَستَ بحَاجةٍ إلَى تَزييفها، فمَثلاً تَقولُ فتَاةٌ أو يَقولُ شَابٌّ: «كُنّا في الصَّيفِ المَاضي في أُوروبَا، وقَضينَا أجمَلَ الأوقَاتِ»، مَع أنَّهمَا كَانَا في الدِّيرَةِ، عِند جدّتهمَا، ولَم يُغادرَا مَراتعَ الصّبَا والغُبَارَ والحَرَّ..! حَسنًا.. مَاذا بَقِي؟! بَقي أنْ أُشيرَ إلَى أسوَأ أنوَاعِ الكَذِبِ، وهو الكَذِبُ الاحتيَاطيُّ، الذي يَدفعُ الإنسَانَ للكَذِبِ -تَحوَّطًا وتَحسُّبًا- لمَصلحةٍ قَد تَأتِي لَاحقًا، فمَثلاً قَد يَرَى هَذَا الإنسَانُ رَجُلاً؛ ذَكيًّا فَطِنًا طَموحًا؛ مِثل «أحمد العرفج» -أمزَح طَبعًا- فيَقولُ لَه: اعلَم يَا أحمَد أنَّني رَشَّحتُكَ مُديرًا عَامًّا لمُؤسَّسةٍ خَدميّةٍ كَبيرةٍ، فإذَا تَحقَّقَ الأَمرُ أصبَحَ هَذَا الرَّجُلُ -كَمَا يَقولون- «قَالِطًا»، وصَاحبَ فَضلٍ عَلَى المُرشّحِ مَدَى الحيَاةِ، ويَذلّه مَتَى شَاء، ويَطلبُ مِنهُ أيَّ شَيءٍ في أيِّ وَقتٍ..!! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :