هجرة إنسان الباحة | د. عائشة عباس نتو

  • 12/5/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

واتتني الفرصة لزيارة مدينة الباحة، المدينة التي تستوقفك طبيعتها.. لابد أن ثمة ترويضًا حصل للتاريخ حتى يذهب محايدًا، ويقبع في جبالها ووديانها ومائها وريحانها وكاديها؛ كما لو أنه أيقونة كلما تأملها الزائرون ازدادت علامات الاستفسار عن هجرة أبنائها، حيث يشدك جوّها وطبيعتها، ويعطيها الوهج الذي يجعل ساكن الباحة، ينتمي إلى حاضره بالقدر الذي يتعايش مع تاريخه بشكل يومي، لا يمكن أن أتصور تاريخًا بما سمعتُ وشاهدتُ يتدفّق في عروق المدينة، دون أن يستحضر معه أفراحهم ومعاناتهم وطموحهم وآمالهم، والاستحضار هنا، اختصره أميرها صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود آل سعود بقوله: "الباحة مظلومة إعلاميًّا في جميع وسائل الإعلام، حتى أصبحت المنطقة حلقة وصل بين الطائف وأبها لا يمر منها السائح إلا مرور الكرام". تداعياتي في الباحة، يتوهّج في حنين التاريخ في نفوس قاطنيها، بل هو الحنين الذي يصقل حواس إنسان الباحة بمبردة الجمال، ويهيئها لاستعادة الإحساس بالحياة اليومية التي اختفت بهجرة أهلها إلى المدن الكبرى. وهي استعادة حسية، لذلك تعبر ريح الحنين إلى باحتهم على أرواحهم خفيفة دون البقاء فيها. حين نضع عدسات مكبرة على أعيننا، نجد باحتهم لا تحتاج إلى خطابات شفهية تسرد تفاصيلها وتفتح أبوابها وتشرع نوافذها. إنها تحتاج إلى أكثر من ذلك، إلى حجر يتكلم بالنيابة عنها، إلى إنسان يثابر من أجلها يقول ما لا يستطيع الكلام أن يقوله.. لقد اكتشفتم أيها المهاجرون اللحظة المناسبة للخروج منها، وتجاهلتم اللحظة المناسبة للعودة. المتأمل في تطور الباحة، لا يجد أن انحسار الاهتمام من أهلها فقط، لكن ثمة سببًا آخر، يتمثل في غياب الأفكار والاستثمارات الكبرى التي تحرك التنمية فيها. لكن ما يلفت النظر هو التفاني في خدمة ورعاية ضيوف الباحة مهما اختلفت الأعمار بين نسائها أو رجالها أو أميرها. الذي يسير على وتيرة واحدة.. كأن أمكنة الباحة التي تحضن إقدام المهاجرين تسرق منهم بعض الخطوات كي يحثوا الخطى لاسترجاعها. هذه الحقيقة تجعلني أنظر بعين الحسرة والألم لمدينتنا مدينة الباحة؛ التاريخ في فضاء هذه الباحة لم يتنفس الحجر؛ بالقدر الذي تتنفس فيه أفكار المهاجرين. A.natto@myi2i.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :