أحمد العسم يكتب: بيت الخباز

  • 1/16/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الخباز الجيد يشعر بالطحين بين أصابعه كلما رأى الخباز خبزه يُشترى والناس سعداء نسى جوعه وازداد تألقاً وابتكاراً وحول رغيف الخبز إلى طعم لا يقاوم، وضعت يدي في يد الخباز أصافحه متسللاً إلى قلبه المضيء في هذا الفجر المنتظر شروق الشمس حتى يبدأ بخطابه الحماسي تعبيراً عن سعادته وتفاؤلاً بما ينجز بقدوم المتذوقين لما يقدم، كلما رأيته دفعني إلى فهم معنى جديد في التفاني وخلصني من فخ الرتبة والفكرة السريعة التي أراها خدعة يقدمها العقل للتخلص من قناعة قديمة. يمسك الخباز عجينته بأحاسيس الحريص على الجودة ويحرص على تحريرها كلما شعرت أحاسيسه بذلك، ولا يترك عجينته أسيرة احتمالات الوقوع في حالات الهوى والندم، كثيراً ما رأيته واقعاً في صداقة جميلة مع عمله ولا يدعها عرضة لهواء الناظرين، أعرفه في كل مرةٍ أقف أمامه أراه متجدداً وحيوياً وأن خياراته نابعة من مشاعره باعتبارها أعلى مراتب الذات اللطيفة في فن التعامل، هدوءه انتظام لصفاته المعززة ببساطته. «حين تصل المتعة إلى السعادة يصل الرغيف سالماً» كفكرة جديدة تجعلني أفكر لِم هتافنا بعيد، لِم لا نكون مثل هذا الخباز الذي يحرص على ملف إنجازٍ يقدمه دون نواقص إرضاءً لربه ومن ثم ضميره، لِم لا وها نحن نبحث دوماً عن من يقرأ لنا أو يقرأنا وهنا رجل يختصر الحياة بتجارب عملية مباشرة لا يكترث في ما لا يفيد وقليل مفيد نافع، لِم نحن ناظرون إلى ضوء يعمي العين وهنا شخص بسيط رفيع المعاني شفاف ينظر إلى القلوب ويفهمها ويعرف كيف يتعامل معها؟؟؟؟؟ بيت الخباز بالتأكيد هو لا يشبهنا، يعود إلى بيته دون أدوات المخبز، ينفض يده من الطحين ولا يمسحها، بالتأكيد يخرج خفيفاً مرحاً وينسى جوعه، هو يشبه الكاتب كلما أنجز شعر بأنه ملك ممتلئ بما يسعده وجيوبه مفتوحة للكلمات، هو في بيته لا يصنع رغيفه ولا ينتظر من يطرق الباب ويقول له أحسنت في صنع هذه اللذة في رغيف لا شبيه له هو مختلف تماماً عنه هناك حين يعود، في بيته لا يأمر وإنما يبتسم ولهذا علينا كلما عدنا من أعمالنا، كنا أكثر إيجابيه وأمنيات. تأنيب مريم في فريجنا القديم/ خباز يوصف وتنور أقف مع مريم التي تكبرني/ وأصبحت معلمة/ كانت تصطادني كلما قضمت من أطراف الخبز

مشاركة :