إلى عوالم الحرية تجنح بإبداعها، تحلق حيث تستنشق عبير الكلمة، تُغلق على نفسها الأبواب، وتعزف سيمفونيتها الأدبية في عزلة خاصة بها، حيث يتولد الإبداع هناك، ويخرج الإلهام من فانوسها السحري، بعيداً عن عيون الرقابة. إنها الكاتبة والروائية السورية لينا هويان الحسن، صاحبة رواية ألماس ونساء التي تم ترشيحها للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر في دورتها الأخيرة، والتي حلَّت ضيفة على معرض الشارقة الدولي للكتاب مؤخراً، لتلتقي جمهورها وقراءها. البيان تواصلت مع لينا الحسن في حوار ثار على الرقابة، فتصدى لها، لتؤكد بأن لا وجود للأدب في ظل الرقابة، وأن الأدب لم ينصف المبدع العربي، فالطريق لا تزال طويلة ليحصل على حقه المادي أو المعنوي. بلا رقابة تجتمع كل عام مئات الآلاف من الكتب في معرض الشارقة الدولي للكتاب بلا رقابة، هل ترين ذلك في صالح الإبداع أم ضده؟ للرقابة أشكال، هنالك الرقابة الذاتية التي ترافق كاتب النص نفسه بسبب تربية معينة أو أسباب أخرى، وهنالك الرقابة التي تُفرض على الأدب وتشكل قمعاً حقيقياً لأي نص أدبي، وبرأيي أن الأدب لا يُكتب في ظل الرقابة، ومقص الرقيب لعب دوراً سلبياً في تاريخ الثقافة العربية، إذ شَّكل في بعض الأحيان ردود فعل من قبل بعض الكتاب الذين كتبوا نصوصاً فقط لانتهاك المحظورات التي تحددها الرقابة.. وهذه تكون عادة ركيكة ومباشرة، وبرأيي أن المعرض الذي يمنح الحق المطلق لمقص الرقيب هو معرض محكوم عليه بالفشل، وهنالك معارض لا تسمح للزوار بدخول المعرض قبل أن تغربل الكتب، وهذه سياسة تشبه حركة النعامة الشهيرة وهي تدفن رأسها بالرمل. تعنين أن انعدام الرقابة في صالح الإبداع؟ في هذا الزمن حيث الشبكة العنكبوتية متاحة حتى للطفل الصغير، أرى أن لا معنى للرقابة، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب يتفهم هذه المسألة، ويجنِّب نفسه إحراجاً كبيراً، وليس هناك أدنى شك أن هذا المعرض يوضع في مصاف المعارض الراقية والحضارية عندما يعتمد على منطق ينافي الرقابة. إحراج ما تقييمك للإبداع الأدبي اليوم في ظل انتشار روايات جديدة كل يوم، وإتاحة دور للنشر الفرصة لأي كتاب بأن ينشر دون خضوعه لتدقيق من مختلف النواحي؟ هذه مشكلة، ومعظمنا وقع في هذا المطب، أي أن تصدر كتبنا دون تدقيق لغوي، ما يعرضنا بالتالي لإحراج كبير مع القراء والنقاد، وللأسف، فنسبة عالية من الدور تفعل ذلك، حتى الكبير منها والمعروف. وأعتقد أن الرقابة ضرورية لتراخيص دور النشر، فكيف يمكن لدار نشر أن تحصل على رخصة تبيح لها نشر ما تشاء من الترهات دون استشارة أدبية أو فنية أو لغوية؟، وهذا يبرر استسهال الأدب من قبل الكثير من المتطفلين، وأرى أن دور النشر هي المسؤولة عن التشويش الأدبي الذي يحصل عندما تنشر كل شيء دون استشارات أدبية. ما تقييمك للأدب والأديب الإماراتي اليوم؟ أعتقد أن السنوات المقبلة ستشهد فورة أدبية إماراتية واضحة، فالتشجيع الكبير الذي يحظى به الأديب في وطنه، يشكل عاملاً أساسياً في تجربته الأدبية، الأديب الإماراتي محظوظ بما يحيطه من اهتمام ورعاية. تقدير مفقود هل حصل المبدع العربي على حقه من التقدير، أم لا يزال يدور في هذه الدوامة حتى اليوم؟ الطريق أكثر من طويل ليحصل المبدع العربي على حقه سواءً المادي أو المعنوي، فتاريخ الأدب حافل بأسماء مبدعين حصلوا على التقدير وآخرين بالكاد يحصلون على لقمة العيش، فمن ينسى الاستغلال الذي تعرض له محمد شكري من قبل مترجمه ودور النشر؟، ما نحتاجه حقاً هو مؤسسات ضخمة قادرة على إعطاء المنح الأدبية التي تمنح الكاتب بعض التفرغ لإنجاز نصوصه.
مشاركة :