لينا هويان الحسن لـ «الراي»: «بنت الباشا» مشاغِبة ومخالِفة لكل التوقعات - ثقافة

  • 12/13/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

لم تترك بادية الشام لينا هويان الحسن، ولا هي تركتْها حين انتقلت للإقامة في لبنان. فانتماء الكاتبة السوريّة الشابة لمسقطها هويّة لا تُفارِقها. ليس في المكان والزمان فحسب بل في الكتابة الروائية وفضاءاتها أيضاً. تلك الكتابات التي تمنح صاحبتها إقامة غير حسيّة في القصص التي تُروى والأساطير التي تُعيد الألسن صوغها عن أمراء وأميرات الرمال وسكان خيم الشعر ورعاة المواشي وكل ما عاشه هؤلاء قبل قرون. مخزون الحسن من المرويات لا حدود له وإن جزّأتْه إلى روايات ومنحت كل كتاب بصماتها في الأسلوب والمضمون، إلا أنها عند نهاية كل عمل تترك للآخر مزيداً من الحكايا والتشويق والأجواء التي خبرتْها ككاتبة من جهة وكابنة بارة للبادية من جهة أخرى. عن جديدها «بنت الباشا»، وعن أعمالها «البدوية والمدينية»، روايات البالغين والفتيان وأمور أخرى، كان لـ «الراي» مع لينا هويان الحسن الحوار الآتي: • جديدك «بنت الباشا»، فمن هي؟ ـ هي إحدى «نسائي» المشاغبات، اللواتي يحترفن زلْزلة القناعات، وبلبلة الأفكار البالية العتيقة، العفنة، التي تعشش في مجتمعاتنا العربية. «بنت الباشا»، مخالِفة لكلّ التوقعات، تحتمل تصرفاتها شتى التأويلات، إنها خطيرة، غير مسالِمة مطلقاً. في هذه الرواية، أروي حكاية تدور أحداثها في مطلع القرن العشرين، بدمشق، شابة تنتمي للطبقة البرجوازية حيث كانت بنات الذوات يدرسن في المدارس الأجنبية. إنه الجيل الذي أتقنتْ بناتُه ثلاث لغات في أقلّ تقدير. بنات ذلك الجيل هن اللواتي وضعن حجر الأساس لكل تلك المؤتمرات النسائية التي طالبت بحق نزع الحجاب والتعليم والتحرر على نحو يسمح للمرأة بأن تكون معاصِرة للتطور الحاصل في كل أنحاء العالم. • كانت قد سبقت الرواية عزلة أشرتِ إليها على مواقع التواصل الاجتماعي. وكأن الأمر بات يشبه الطقس الذي تولد فيه أعمالك..هل هذا انطباع صحيح؟ ـ لا أعتقد أن هناك أعمالاً جدية تولد خارج طقس العزلة. ليس من حقي التعميم، لكنني اعتدتُ العزلة المطلقة تقريباً لإنجاز أعمالي. رافق طقس العزلة كتاباتي في وقت مبكر. عندما كنت في سورية، كنتُ أختار مكانيْن متناقضيْن من أجل الكتابة، مثل شاطئ البحر حيث اعتدت التخييم لعدة مواسم واستثمار تلك العزلة النقية التي يقدّمها البحر والتي يرافقها طقس السباحة اليومي. وأيضاً وُلدت بعض أعمالي من تلك العزلة الرائعة في مزرعتنا - التي دُمرت قبل أربعة أعوام - حيث كنتُ أقضي فصل الربيع في تلك البادية المتاخمة لصحراء تدمر حيث موطني. أما في لبنان فقد اعتدتُ عزلة الجبال. وأذكر أنني انجزت رواية «نازك خانم»، خلال العاصفة التي سميت «أولغا» وذلك في مطلع 2013. أجمل انجازاتنا تكون خلال العواصف. وفي الصيف الفائت عدتُ إلى عزلة خالصة في الجبال، لأنجز أكثر من نصّ. • بات لحياة البداوة، لا سيما في الشام، أدب يوقّعه اسم لينا هويان الحسن. هل ما زال في جعبتك الكثير من أسرار وخبايا وأساطير هذا العالم المثير للاهتمام؟ ـ ما تمنحه لنا الذاكرة، يتخصّب مع الوقت، ويتكاثر على نحوٍ يدعو للعجب. تلك السنوات المبكرة التي قضيتُها في البادية منحتْني كنزاً لا ينضب، ولا يمكن لأحد أن ينتزعه مني. • هل تشعرين بنوع من المسؤولية لجهة أن تكوني أنت لسان البدو وصورتهم.. وهل لهذا تكتبين هذه الأعمال؟ ـ لا أكتب بسبب دواعي الواجبات أو المسؤوليات، أكتب بسبب الشغف والحنين المرير الذي يكبر مع مرور الوقت ويسمح لي بكتابة أشياء لم أتوقع أنني سأكتبها ذات يوم. • كتبك حاضرة في معارض الكتاب العربية وآخرها في الشارقة وقريباً في بيروت. أنت كاتبة شابة وحققتِ الكثير في فترة قصيرة نسبياً، أين أنت اليوم بالنظر إلى طموحاتك؟ ـ بدأتُ بالكتابة في وقت مبكر نسبياً، وكنتُ لم أزل على مقاعد الدراسة الجامعية. صدر عملي الأول العام 1998. لم تكن أعمالاً موفقة. وقد بدأتُ أكتب نصوصاً ترضيني وتُقرأ ابتداءً من العام 2005، وكانت بدايتي الأدبية الحقيقية مع رواية «بنات نعش». لم أكتب بسبب الطموح، إنما بسبب ذلك الشعور الغامض الذي يصعب تفسيره، لكنه يبقى ممضّاً وثقيلاً حتى نكتب، وكلما كتبنا المزيد كلّما توهّمنا التخفف منه. أعتقد أنه هكذا يُكتب معظم الأدب. • بين أعمالك روايات للفتيان، هل تلْقى في رأيك الصدى المطلوب أقلّه في صفوف جيلٍ لا يقرأ؟ ـ لا أعتقد أن الأمر بهذا السوء، فمبيعات أعمالي «للفتيان» معقولة جداً مقارنةً بالصيت الشائع حول هذه النصوص. في كل الأحوال أكتب هذه النصوص لأجل الطفلة التي لم تغادرني يوماً. • أنت كاتبة غزيرة الانتاج، فلن يكون من المستغرب أن نسألك عن جديدك وأنت على بعد أيام من نشر روايتك «بنت الباشا»؟ ـ لا حياة من دون «الجديد»، أيضاً لا أنكر أنني شبه متفرّغة للكتابة. وساعدتني الظروف على إنجاز جزء لا بأس به من تلك المخطوطات المزدحمة في رأسي.

مشاركة :