لم يعد خافياً على أحد الارتباط بين منظمات الإرهاب وتجار المخدرات. وجهان لعملة شيطانية واحدة. ولكن تبقى مصيبتنا في ظن البعض أن بعض طروحات المنظمات الإرهابية فيها شيء من الصواب في مواجهة العدو الصهيوني وقوى الاستعمار. ولكنها في مجملها قوى شر تبيع صورة لمسعى لحماية ديار المؤمنين في الوقت الذي تعمل على تدميرها أو تحويلها لديار المدمنين. أخبار مرعبة في الأسبوع الماضي عن ضبط ما يقارب خمسة عشر مليون حبه مخدرة باتجاه أبنائنا. فقد أعلنت السلطات التركية القبض على شبكة سورية في تهريب مخدرات ومرتبطة بقوى الشر التي تدعمها وتعزز بها موقف حكومة بشار الإرهابية، وستنكشف خيوط الجريمة أكثر وأكثر. المخيف في هذا الخبر التركي أن كمية المخدرات التي تم ضبطها قاربت ال(11،000،000) نعم أحد عشر مليون حبة امفيتمين، ولهذه الحبوب قصة تروى في معظم حروب النظام السوري وأعوانه بزراعة وتصنيع المخدرات في البقاع اللبناني. فهي تجارة محورية في هذه الحرب. ما يعنينا أن تلك المخدرات كانت تستهدف الأسواق الخليجية وتحديداً الأسواق السعودية. وفي الأسبوع نفسه ضبط رجال حرس الحدود في تبوك (4،000،000) نعم 4 ملايين أخرى من الحبوب المخدرة المتجهة لشبابنا. وقبلها ضبط كميات من الحشيش في جنوب المملكة. وفي اعتقادي أن شباب الجمارك السعودية يستحقون رفع القبعات مثل جنودنا المدافعين عن حدودنا. ويستوجب منا تعزيز كفاءتهم التي أبهرت العالم في كشف المخدرات والخمور حتى في جوف الصخور المموهة. فمهما تعددت طرق المهربين يظل هدفهم واحد هو خلق "ديار للمدمنين". تكشف التقارير الدولية يوما بعد الآخر عن هذا الارتباط الوثيق بين الإرهاب وتجارة المخدرات. فهي في نظر تقارير الأمم المتحدة تجارة تدر سنوياً ما لا يقل عن 322 مليار دولار. وهو الارتباط الذي تؤكده تقارير بعض المراكز الدولية للمتابعة والدراسات والرصد والتحليل مثل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى والذي يربط تلك المنظمات مع بعضها. العدو حدد أهدافه، فهو ببساطة يستهدف عقول شبابنا إما بالتطرف أو بالمخدرات، وقد نجح وقتياً في رسم مخاوف مستقبلية في عقولنا خاصة بعد تفجيرات بعض شبابنا الانتحارية أو جرائم البعض الآخر ضد أهليهم وأقرب الناس لهم. حالات مرضية لم نعرفها من قبل ويجب الاستعداد للأسوأ إن تسربت تلك السموم لعقول الشباب. ولكن لن ندعه ينجح بتدمير مستقبل الأبناء. وقد كشفت الندوة الدولية الأولى لمكافحة المخدرات والتي عقدت بالرياض قبل سنوات عن جوانب خطيرة وعن مخاوف أخطر. وكانت الندوة دليل استشعار مبكر من المملكة أن تلك التجارة لا يمكن أن تصل إلينا دون محطات آمنة قد لا نشك فيها. وبالتالي جاء التعاون في محيطنا لصد ذلك الخطر. فالتعاون السعودي والإماراتي والأردني والتركي نماذج لهذا التعاون. ولكن لا نستبعد أن تعمل تلك القوى على الوصم المستمر للمملكة أو توريط شبابه ليظهروا وكأنهم على ارتباط مع عصابات الشر هذه. ولكنها حرب جاءت إلينا في زمن عاصفة حزم سلمان. وهو ما لم يكن في حسبان تلك القوى الشريرة. والحزم ستكون هي لغة المملكة للتعامل معها. يبقى أمامنا الكثير من فرص الإبداع المحلي بأيدي شبابنا للخروج بمبادرات تفوق تلك التي ظهرت في مجتمعات مثل الولايات المتحدة لرفض الشباب للمخدرات. فبرنامجنا الوطني "نبراس" هو البداية، ولكن لا نعلق الآمال عليه لوحده فقط، ولا نستكين ونقرأ أخبار الإنجازات الأمنية لمكافحة المخدرات أو الضبطيات لرجال الجمارك. وإنما نحن ندخل مرحلة كسر عظم حتى لا يتحول الأبناء بغياب عقلي تابعين "لديار المدمنين والمجرمين" التي تصنعها منظمات الإرهاب وأحزاب صناعة المخدرات أو حمايتها باسم حماية المقاومة أو غيرها من المسميات المزيفة. الوضع وصل إلى مرحلة يصفها العامة في نجد "ما دون الحلق إلا اليدين". وهذه المرة ستكون الأيدي للمواطنين الذي يصحون مبكرًا ويرسلون أبناءهم للمدارس ليعودوا مواطنين في أعلى درجات التميز التي تسعى الدولة لتوفيرها لهم. ولن تقف هذه الأسر مكتوفة الأيدي أمام من يسعى لخطف الأبناء إلى محارق التطرف أو الجريمة أو الإدمان. المهم أن نفتح الآفاق للأبناء لقيادة مسيرة التصدي لهذه الهجمة القذرة. ولأن غاية العلم هي العمل به، لذا سيصبح كمال علم شبابنا بهذا الضرر هو التصدي المباشر له في كل محفل وبكل وسيلة. ولعل إبداعات شبابنا في إطلاق "منصة الخير الرقمي" التابعة للأمم المتحدة، ونجاحاتهم على "اليوتيوب" و"السناب تشات" وعصافير تويتر تكون هي المسارح الجديدة لإبداعهم، ولعل المسرح المدرسي العائد أن يساند تلك الجهود للوصول إلى الشباب. فكما عرفنا من حربنا على المعتدين على حدودنا أن أصل العزم هو الحزم وأن ثمرته دوما هي الظفر.
مشاركة :