«عبدالله الغذامي».. صوت للعقل

  • 3/2/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لمن أراد أن يثور صحوة العقل فلينصت لما يقدمه عبدالله الغذامي، فهو مدين للتطور الداخلي، رغم أنه دائماً يفسر الذات بمعنى الأنا، التنوع في الحديث والفلسفة تقرب التطور من الإنسان والقفزة بين مرحلة إلى مرحلة أخرى، فهو من الأشخاص الذين يقولون الأثر فيما لا يرون المعنى المخالطة للذات وتكوينها على كيفية الأثر. إن التطور لا ينطق بالقصد منه ولا يُرى بالتنفيذ لها بل العمق والفهم نحو المعنى والتشبع بها والمراد من المغزى والتغذية العقلية من خلالها تأخذك إلى قائمة مستجدة تستطيع أن تتفرد بها بداخلك وتتعايش معها بين محيطك الخارجي. كل ما يقال من الفكر هو اجتهاد الإنسان للإنسان الآخر وهذا ما يجعلنا دائماً بحاجة تامة للتواصل والتعامل مع بعضنا البعض حتى نكبر من إضافات كانت بحاجة أن تحتوي إلينا وإضافات يحتاجها الآخر حتى يُكمل الأنصاف الناقصة، لنرى الصوت الذي يتقن الصحوة بكل حذافيرها، فيصبح للعقل مسار فوضوية التناسق بين المنطقية فيما يقال والمصداقية في المعنى المطلوبة من ذلك المسار. قال عبدالله الغذامي: "إن لكل مهنة مثقفيها، قد يأتي الآخر فلا يفهم ثقافتها حتى يتوصل إلى حرفية المهنة" بمعنى أن للإنسان القدرة الكافية لتميزه عن غيره بأشد التميز، إذا الإنسان رأى جانبه الثقافي نحو أي عمل فهو يستطيع أن يُخلص فيها بالطريقة الملائمة معه. التركيز والاستيعاب فيما نحتاج فعلهُ أو أخذها يسهل على الإنسان غزارة إنتاجية أفعاله، وهذا خيط من الضروري أن يتوازن الإنسان بينهما حتى يتقنها جيدًا. وكما قال عبدالله الغذامي: "هل للأفكار موسيقى؟ لا شك في أن لها إيقاعات تؤثر في الاستقبال، وكلما أدهشت حفزت، فالقراءة تحدث نوعاً من الكهرباء الدماغية، حيث تستحلب من ذهنك أفكاراً لم تكن تعرف أنها مخزونة في رأسك" على القارئ أن يتفهم العمق في دور الأثر والتفاعل معه، أن المخزون النائم في داخلك لا بد أن يأتي اليوم ليعلن انطلاقك منه فيصبح ذخيرتك الملازمة في تلك الفترة من خلالها تتكاثر أفكارك ومفاهيمك تجاه الكثير من المواجهات الحياتية، أتذكر أنهُ كان يقود الكلمة بعقلانية مثقلة تخيرك أنت كمنصت لها أن العمل بها أو الحفاظ عليها هو الحفاظ على مخزونك للقيم وسوف يتم من خلاله فائدتك المنتظرة من هدوء النفس وسكينتها، فإن الوعي هو حراك لا يقبل الهدوء وأن المطور للأشياء لابد من استمراريته فيما يخوض فالخوض هو الحل الأول والقوة الناعمة في إثبات الإنسان لنفسه، ثم لأعماله، كما قال عبدالله الغذامي: "خلع جلده...فر بعيداً، يقطع الآفاق والأزمنة..أعياه التعب وسقط مغشياً لحق به جلده… تلبسه فصحا وفي رئته هواء كان قد نسيه… وحلق كطير نبت له للتو جناحان" هناك أشياء صغيرة فيك تظل تهرب منها، لكنها في النهاية تعود لك لتجعلك أنت.. أنت، تلطخك بالآخرين لا يعطيك الحق بأن تقتل وجودك بينهم، ومهما تمايلت الذوات نحو غيرها وتطفلهم في إفساد إبرازها دون مداخلات غيرُها عليه، النهاية تفصل كل هذه الفوضوية التي تحيرك وتبقى أنت الخيار الأول في بقائك وتعايشك في الحياة بالطريقة التي تناسبك أنت لا غيرك. أخيرًا، يظل عبدالله الغذامي يشد الفكر فكره في اللحظة التي يراها بسيطة علماً بأن البساطة أحيانًا تحل مكانة العمق المغاير للذات وللحياة بأكملها، فحينما أسلط الضوء على مقتبسات فكرية ومعتقدات تتشبث ورائها، ليس من الغرض أن تمثلها كما تمثلت على مفكرها أو عليهِ، فهناك افكار تنتظر خروجها للنور ولن تخرج إلا في رحابة العقل لها والقبول في ملازمتها وتحويلها إلى مصالح تتغذى عليها النفس وتصبح في سيرتها سيرة تقودها إلى التجربة المستحقة والمتفقة عليها من منظور العقلانية لها وارتياحها الداخلي يضمن لها استمراريتها دون مطالبة الوقوف منها، تحياتي للمفكر عبدالله الغذامي لقد تجسدت الأفكار فوق أفكاره فأصبحت صوتاً ملائماً للعقل يحرضنا على التغيرات الدائمة رغم عنا.

مشاركة :