يبدو أنه السؤال الأصعب على الإطلاق، والذي يُثار منذ مدة في المراكز والهيئات والدوائر الغربية، إذ تُسبب الأرقام الكبيرة المعلنة عن عدد المقاتلين الأوروبيين المنضمين لتنظيم داعش الإرهابي، صدمة كبرى على كافة الصعد والمستويات. لا توجد أرقام وإحصائيات دقيقة، إلا أن هؤلاء المقاتلين بالآلاف. وكم أصيب العالم بأسره بالذهول بسبب رؤية مناظر الذبح والتصفية والتوحش التي يُمارسها المقاتلون الأوروبيون بهذا التنظيم المسلح، خاصة وأن الكثير منهم من الجيل الثالث أو الثاني من الأوروبيين المهاجرين، بل إن بعضهم من الأصول الأوروبية الخالصة! شباب يافع من نتاج الحضارة الغربية بكل انفتاحها وتسامحها وتقاليدها، يُفجر نفسه في أسواق ومدارس وكنائس، ويُقاتل في حرب ليست حربه وفي بلاد تبعد آلاف الأميال عن بلاده، ويُمارس الكثير من السلوكيات الهمجية التي لا تنسجم مع فكر ومزاج ونمط المجتمعات الأوروبية. السؤال اللغز هنا: لماذا؟ لست باحثاً متخصصاً في الجماعات الإرهابية أو الحركات الراديكالية، ولكنني أحمل بعض الفضول المتزايد حول هذه الظاهرة المثيرة التي حيّرت الدوائر والمراكز البحثية الغربية التي لم تستطع حتى الآن أن تفك طلاسم هذه الظاهرة التي تتمدد بشكل سريع وكثيف في الكثير من الدول الغربية التي كانت تظن بأن هؤلاء الشباب الذين ينتمون لنسخة الإسلام الأوروبي المعتدل، قد نشأوا وترعرعوا وانسجموا في منظومة الثقافة الغربية الحديثة التي تعشق الحياة وتُمجّد البقاء، ولا توجد فيها مظاهر الاهتمام بالآخر مهما كان هذا الآخر. يبدو أن هذا الجيل من الشباب الأوروبي المسلم، يختلف كثيراً عن تلك الأجيال الكثيرة المتعاقبة من المسلمين الأوروبيين الذين انصهروا وذابوا وتماهوا في تلك الحضارة الغربية، بحيث أصبحت هويتهم أوروبية وثقافتهم غربية. لكتابة هذا المقال، استعنت بالعديد من المقالات والدراسات والبرامج العربية والغربية التي اقتربت كثيراً من هذه الظاهرة المثيرة، ورغم الاختلاف والتباين الكبير حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انضمام تلك الأعداد الكبيرة من المقاتلين الأوروبيين لتنظيم داعش وبعض التنظيمات والجماعات الإراهبية الأخرى، إلا أنني رصدت أهم سبعة أسباب رئيسية لالتحاق المقاتل الأوروبي المسلم في تلك التنظيمات. لماذا ينضم غربيون إلى داعش؟، المقال القادم يُحاول الإجابة على هذا السؤال اللغز، وكم هو رائع وثري أن يُشاركني القارئ العزيز في رصد تلك الأسباب. 320
مشاركة :