يصدر في معرض جدة القادم للكتاب، كتاب للأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي عن تويتر، أعلن عنه ويصرّ فيه على أن تويتر مؤنثة فأقول حين أشير لها هذه تويتر أو حين أتحث عنها أقول: هي تويتر.. ولطالما فكرت في هذا الرأي فقلت ولتكن تويتر أنثى فأي الإناث هي؟! بدأت أفترض الاحتمالات وأستبعدها، فقلت لو تخيلتها طفلة سعيدة مدللة تحمل ألعابها وتكاد تتعلم الكلام؛ عباراتها لا تزيد عن 140 حرفا وهو رقم طالما وقف سدا منيعا في وجه الثرثارين ولم يجدوا أمامه إلا صلابة لا تقبل حرفا آخر.. تويتر إذن طفلة لا تطيل الكلام؛ استأنست بالرأي حتى جن علي الليل فوجدتها لا تنطق إلا الشعر وفاجأني الصباح فإذا لها في السياسة والاقتصاد والمال والأعمال فعجزت عن قبول الفكرة وبحثت فيها عن نوع آخر من الإناث! قلت هي شابة تهتم بالإعلان وتلهث وراء الأسواق وترتدي مظاهر الشباب والتجدد؛ ولا تعرف النوم فليلها ليل العشاق، ونهارها نهار العاملين، وهي جديرة بالحب، إلا أنها لا تتعلق بها القلوب دون سابق معرفة، لكنها تشعل أوار الحب بها بدهشة لا تنقضي إلا لتبدأ. ارتحت لهذه الصفة لكن نفاها أن تويتر روادها من النساء أكثر من الرجال كما كانت الإحصاءات، وأنها لو كانت شابة لحسدت أترابها وحسدها أترابها كما أن الحسناوات لا يملكن ما تملك تويتر! لم يبق لي أن أعتبرها سيدة حكيمة مجربة فأسميتها الخالة تويتر؛ رأيتها بوقار النساء الناضجات لم تلفت الأنظار في البداية فلا تشرئب لها الأعناق لتنظر لجمالها الحاضر، ولكنها تثير الإعجاب مع مرور الأيام بحكمتها الوافرة وقلبها الأخضر الممتد كقلوب النساء العظيمات؛ فهي عنقاء ضخامة بروادها وبدفء الحكمة في رأيها تطالب بفرض رسوم فتفرض؛ وتدافع عن مظلوم فتهب الأقلام والأفئدة وتشرئب الأعناق وترتفع الدعوات؛ تلاحق الخاطف وتطالب بالدم للمرضى وتسأل العلاج لهم فهي رائعة. خالتي تويتر توزع وقتها على مدى الأربع وعشرين ساعة فتبدأ بنشاط أرباب النهار الذين يتلون الأذكار ويشرعون قلوبهم قبل نوافذهم له؛ وألطفهم المتقاعدون. يقول أحدهم لو خيرت بين كل مواقع التواصل موقعا واحد لا أبحث عن غيره لاخترت تويتر، لأن تويتر تقيس نبض المجتمع وهمومه وتنامي وعيه. ويضيف: أن تويتر بتغريدات البنات منحتني مدى وبعدا في أذهان بناتي فأصبحت أستشعر مطالبهن قبل أن ينطقن بها من مطالب أترابهن. كما يشير إلى أن الخالة تويتر فتحت له خزائن الكتب وخلاصتها.. إحدى اللواتي سألتهن قالت تويتر يمثل لي الخبر الأسرع والأصدق؛ على سبيل المثال أخبار الإجازات والقرارات الجديدة تويتر تسبق الجميع بها إلي. أخرى قالت تويتر معلومة ومعرفة وطرائف. الخالة تويتر ترحب بالبنات فهي فرصة مصافحة خجلى تتحول للجرأة بالنسبة للفتيات المنتقلات من دور الطفولة للمراهقة، حتى إن مراهقة سألتها ما فائدة تويتر بالنسبة لك؟.. فقالت: أكلم الناس.. وكأنها اختزلت الناس بهذا الرد في تويتر.. ومراهقة أخرى قالت: عزّام "فاختزلت أنها تقرأ في تويتر ما يعنيها في حساب وزير التعليم عزّام الدخيل"؛ وبالمناسبة فقد عرف كثير منا بوابة عين الخاصة بالتعليم من تدوير الوزير لتغريد عن إجازتين منها وكان هذا أسهل توفير لأطنان الورق التي كانت ستصرف للتعريف بها! الخالة تويتر فتحت لنا المجال لنتواصل وهذا أمر وبلا شك مهم جدا، لكن الغريب أنها ساوت بين صاحب الاسم الحقيقي والوهمي، بل أعطت لبعض الوهميين ثقة لم يملكها أصحاب الأسماء أو الحسابات الاعتبارية ثم سحبت البساط من تحت من ثبت كذبه أو سرقته أو جهله مهما كان عدد متابعيه! الخالة تويتر حكيمة جدا لكن خطأ مغرد معتبر عند أهلها يواجه بالتهكم والسخرية واللوم والعتب ولطالما كان مصرع الرجل تغريده لا بين فكيه، كما كانت تقول العرب! في مجلس الخالة تويتر يحضر عروة بن أذينة ببيته الشهير: لما عرضت مسلما لي حاجة أرجو مؤنتها وأخشى ذلها فتحجب صاحبته تحيتها فيكمل: حجبت تحيتها فقلت لصاحبي ما كان أكثرها لنا وأقلها الحجب عند الخالة تويتر ثقافة تسلطية يمارسها البعض مكرها لا بطلا لأنه استاء من الشتائم، فالحجب دكتاتورية نافعة للبعض لكن ديمقراطية بعض المغردين ترفضه ومنهم الأستاذان الغذامي وعثمان العمير والأخير قال إن أحد المغردين المسيئين له ترجاه أن يمارس الحظر عليه لكنه لم يفعل! كثير منّا لا يحجبون إلا السفهاء مرضى الشتائم أو الحسد وما عداهم فتويتر مجلسها رحب فاق صالونات الأديبات التاريخية فتستدعي المتنبي بجوار مفكر شرقي وغربي، تساوي الحي بالميت، وتصالح بين أفكار وملل، فالحكمة ضالتها لأنها مؤمنة! الخالة تويتر لا تنام، ولكنها تغير ندماءها في كل حين، فالصباح لأهله والليل لأربابه ولطالما جن الليل على النهاريين فأخذوا من الليل حظا، كما منحت لأهل الليل نصيبا من نهارها حتى غادروها مرغمين مثقلين بانتهاء وقت السهر. ليل تويتر استأثر به الشعراء والحكماء وخاصة من كان مبتعثا، فليلنا نهاره ونأخذ في الغربة أحاديثه وأخباره. تويتر جمعت بين الشيخ ومريديه يسن لهم ما شاء من وقته، ومال أصحاب الأسئلة والأجوبة لها وتفنن أهل اللغة في تعريبها من (وسم لتغريدة لتدوير) فجمعوا نشر اللغة والاستفادة من تلاقح الأفكار.. سلمت تويتر وسلمت براجمها من الأوخاز كما كان أبوعبدالرحمن بن عقيل يدعو لنفسه.
مشاركة :