أكد رشيد المعراج محافظ مصرف البحرين المركزي، أنه حان الوقت لصناعة التمويل الإسلامي على مستوى العالم لتبني معايير شرعية موحدة خاصة أنها تشكل العمود الفقري لصناعة التمويل الإسلامي، لافتا إلى ضرورة تحقيق إجماع بخصوص ما هو مقبول وما هو غير مقبول من الناحية الشرعية، من أجل تعزيز المصداقية والاستقرار وتوحيد المعايير في العمل الصيرفي الإسلامي. وأوضح المعراج خلال افتتاح فعاليات مؤتمر العمل المصرفي والمالي السنوي بالتعاون مع البنك الدولي أمس في المنامة، أن المؤتمر أصبح حدثا سنويا مهما يعكس تطويرا مرحبا به في صناعة التمويل الإسلامي، معربا عن سعادته برؤية دعم متزايد للتمويل الإسلامي من قبل مؤسسات دولية مرموقة بحجم البنك الدولي. واعتبر المعراج معايير الشريعة الصادرة من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية علامة الإسناد الرئيسة لصناعة التمويل الإسلامي، حتى للأسواق التي لم تتبنَ بعد هذه المعايير بصيغ ثابتة. وأرجع المعراج المنزلة الرفيعة التي تمتلكها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي) عالميا بمعاييرها المتوافقة مع أحكام الشريعة إلى تميز مجلس أمناء (الأيوفي) بتنوع ممثليه من عدة مدارس فكرية وفقهية، كما لديها أسماء يشار إليها بالبنان في أحكام الشريعة. وبيّن المعراج أن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية نجحت خلال السنوات الـ 25 الماضية من الخروج بعشرات المعايير وفق مراحل تدقيق ومراجعة دقيقة ورصينة، منوها إلى أن الهيئة تقف نموذجا فريدا من نوعه على مستوى العالم في تخصصها. وذكر المعراج أن البحرين كانت من أوائل الدول التي أدركت منافع تبني معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وجعلت تطبيقها إلزاميا لدى المؤسسات المالية الإسلامية العاملة في البحرين. وأشار إلى أن معايير المحاسبة الخاصة بهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية تم ابتكارها بعد الإدراك بأن معايير المحاسبة التقليدية لا تعكس الجوانب الفريدة للعقود والصفقات الإسلامية. ودعا المعراج هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية إلى تكثيف جهودها في سبيل تطوير معايير محاسبة إسلامية جديدة وتحديث المعايير الموجودة، مثمنا في الوقت نفسه مساعي الهيئة الحالية للمضي قدما في برنامج تطويري طموح. بدوره، قال الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة رئيس مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، إن المالية الإسلامية يجب أن تضطلع بدورها في تقديم نماذج مالية أكثر شمولا، للإنسان حيثما كان في هذا العالم، وللأمة الإسلامية تحديدا. وأضاف الشيخ إبراهيم أن عدد عملاء الصناعة المصرفية الإسلامية اليوم يقل عن 90 مليونا، بينما يتجاوز عدد العملاء المحتملين الذين يمكن استقطابهم بسهولة أكثر من 1.7 مليار عميل، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول منظمة التعاون الإسلامي أكثر من سبعة تريليونات دولار. وبالطبع فالمالية الإسلامية ليست حكرا على المسلمين؛ وعليه فإن السوق المستهدفة أكبر من ذلك. وأعرب عن تطلعه إلى غد تكون فيه المالية الإسلامية قادرة على تقديم خدماتها إلى 250 مليون مستهلك أو حتى أكثر من ذلك. وإلى غد تشكل فيه الصناعة المالية الإسلامية 5 في المائة على الأقل من الاقتصاد المالي العالمي. وإلى غد تكون فيه الصناعة قادرة على توظيف مليوني مختص ومصرفي، أي ضعف العدد الحالي. وبيّن أنه ينبغي على الصناعة أن تؤسس وجودها كعلامة فارقة في عالم المال والاقتصاد على أسس سليمة تساعد على بناء تلك القطاعات. كما يجب تحويل هذه العلامة الفارقة إلى حالة أكثر شمولا. وذكر الشيخ إبراهيم أن الهيئة أصدرت حتى اليوم 94 معيارا منها 54 معيارا شرعيا و26 معيارا محاسبيا وخمسة معايير للمراجعة وسبعة معايير للحوكمة ومعيارين لأخلاقيات العمل، ويجري العمل على ما يقارب الـ 15 معيارا أخرى حاليا. وقال إن هذه المعايير تهدف إلى تحقيق الأهداف العامة للهيئة المتمثلة في معْيرة وتجانس الممارسات المالية الإسلامية وعملية إعداد التقارير المالية، بما يوافق أحكام الشريعة ومبادئها وبما يدعم نمو الصناعة المالية الإسلامية وتوسعها ويسهم في بناء نظام مالي إسلامي على أسس صلبة متينة، مؤكدا أن الهيئة مقبلة على مرحلة متقدمة من التطوير والتحسين.
مشاركة :