الانتخابات التشريعية في لبنان أسفرت عن توجه جديد في البلد مع نجاح عدد من عناصر التغيير في الجنوب وفي بيروت وعاليه وزحلة. فتراجع موقع حزب الله المهيمن بفعل تراجع حليفه المسيحي تيار الصهر المفضل للرئيس ميشيل عون. جبران باسيل رئيس هذا التيار وصهر عون حصل على ١٥ نائب بعد أن كان أكبر حزب مسيحي ما أفقد حزب الله الأكثرية المطلقة ولو أن عدد نواب حزب الله بقي على ما هو ٢٧ نائبا وحصلت قوى التغيير المستقلة على ١٥ نائبا، وصعود حزب القوات اللبنانية الذي يرأسه سمير جعجع مع ٢١ نائبا وهو خصم التيار الوطني الحر العوني وسقوط رموز النظام السوري وحلفاء حزب الله من بينهم طلال أرسلان ووئام وهاب وأسعد حردان وايلي الفرزلي إلى جانب صعود وجوه التغيير الجديدة من بينها مارك ضو الشاب الدرزي الذي أسقط طلال أرسلان في عاليه كلها تعبر عن إرادة تغيير. فالظروف المعيشية للشعب اللبناني هي اليوم الأولوية لحياة المواطن الذي يعاني من نقص من كل شيء.. لقد فقدت الطبقات المتوسطة ودائعها والفقيرة زادت فقرا وبؤسا. الجميع يعاني من غياب الطاقة الكهربائية في البلد بسبب فساد الذين هيمنوا على قطاع الطاقة منذ عقود. عدد كبير من الكفاءات من أطباء وممرضات ومهندسين غادروا البلد بسبب تدني الظروف المعيشية فيه. انفجار المرفأ وسقوط أكثر من ٢٠٠ ضحية وآلاف الجرحى وتدمير المنازل ترك جرح عميق في نفوس الناس. مصاعبهم اليومية من سحب رواتبهم أو القليل من المال الذي لديهم في المصارف وانهيار وضع الليرة للدولار الذي تتغير قيمته يوميا من ٢٧٠٠٠ ليرة لبنانية في حين أن القيمة الرسمية كانت ١٥٠٠ ليرة للدولار. تحول معظم الاقتصاد إلى تبادل نقدي بالليرة اللبنانية على أساس قيمته في سوق الصيرفة. كثيرا ما يصل اللبناني الآتي من الخارج مع حقيبة إضافية للأدوية التي أصبحت غير موجودة في البلد . حالة البلد المزرية أدت الى وصول بعض عناصر التغيير في هذه الانتخابات وهي بادرة خير وامل مع انها تطرح أسئلة كثيرة حول ماذا يفعل حزب الله وهل يفعل في لبنان ما فعلته حليفته ايران عندما خسرت الانتخابات في العراق وعطلت الحياة السياسية فيه، فكيف ستكون انتخابات البرلمان الجديد في لبنان وهل يبقى المرشح الوحيد حليف حزب الله نبيه بري الذي يشغل المنصب منذ ٣٠ سنة؟ وإذا رفضت الأحزاب المسيحية القوات اللبنانية والتيار العوني وقوى التغيير للتصويت لبري يتم التعطيل وهو منتظر. وماذا بعد عن تشكيل الحكومة ومن يرأسها الدول الغربية تتمنى عودة نجيب ميقاتي ولكن هل تشكل حكومة؟ فالشعب اللبناني الذي صوت التغيير يتطلع إلى إصلاحات حقيقية وتخلي حزب الله عن سلاحه ولكن هذا غير ممكن حاليا ولو أن حزب الله خسر التغطية المسيحية. ربما تدخل الغرب والدول العربية في عقد مؤتمرموسع من أجل لبنان قد ينجح فيحل مشكلة السلاح غير الشرعي ولكن هذا لن يحصل طالما ايران لم تعود إلى الاتفاق النووي وتحل مشكلة العقوبات الاميريكيةعليها. فلبنان من الأدوات التي تستخدمها ايران من اجل مقايضة ما تريده من الغرب كما تفعل في العراق وفي سورية مع نظام بشار الأسد، يظهر من تهديدات نواب امين عام حزب الله محمد رعد الذي قال في اول تصريح له بعد نتائج الانتخابات رافعا اصبعه على طريقة حسن نصر الله "لا تكونوا وقودا لحرب أهلية ودروعا للصهاينة .اذا لم تريدون حكومة وطنية فانتم تقودون لبنان الى الهاوية واياكم ان تكونوا وقود حرب أهلية. " دروز حاصبية البلدة التي تقع في الجنوب وهي قريبة من الحدود مع إسرائيل اختاروا انتخاب عنصر التغيير فيراس حمدان بدل من مرشح حليف حزب الله نبيه بري المصرفي مروان خير الدين الذي فشل في الانتخابات . فالجبل بدروزه ومسيحييه مشحون من هيمنة الحزب منذ عقود في البلد ، استفزازاته وضغوطه على معارضيه لم تعد محمولة لذا صوت الشعب لصالح اخصامه مع الامل ان يتمكنوا من القيام بخطوات تمكنه من الخروج من المحنة الكارثية التي ادخلها اليه حزب الله وحليفه المسيحي تيار الرئيس عون . فالتغيير أمل البلد ولكن السؤال: هل يسمح له؟
مشاركة :