رندة تقي الدين: شهر فرنسي حافل بالأحداث والتغييرات

  • 7/2/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في الأسبوع الثاني من شهر يوليو ستدخل فرنسا مرحلة جديدة من تاريخها السياسي مع تحول حزب التجمع الوطني اليمين المتطرف الذي يرأسه جوردان بارديلا وتزعمه السيدة مارين لوبن الى الحزب الأول في الجمعية الوطنية الفرنسية . بعد قرار حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية اثر خسارة حزبه النهضة الانتخابات الأوروبية وتفوق حزب لوبن وتحسن أداء اليسار المعارض لماكرون تشير استطلاعات الراي الى فوز حزب لوبن يوم الاحد المقبل بحوالي ٢٣٠ الى ٢٧٠ مقعد نيابي للحزب من اصل جمعية وطنية تضم ٥٧٧ نائب. فسيتولى الحزب المرتبة الأولى في البرلمان الفرنسي ولو انه يحتاج الى ٢٨٩ مقعد ليكون له اغلبية مطلقة. اعلن رئيس الحزب بارديلا انه في حال لم يحصل على الأغلبية المطلقة لن يتراس الحكومة التي ستنبثق عن الدورة الثانية من الانتخابات. لكن لوبن وبارديلا سرعان ما عدلوا الموقف وقالوا ان اذا لم يحصل الحزب على الأغلبية المطلقة سيبحثوا على اقناع بعض نواب اليمين الجمهوريين للتحالف معهم كي يحصلوا على اغلبية مطلقة اذا احتاجوا الى حوالي ١٩ مقعد إضافي. حكومة على رأسها بارديلا شاب في سن ٢٨ دون أي خبرة سياسية مسبقة ولا شهادات دراسية متميزة تمثل اختبار جديد من نوعه في الحياة السياسية الفرنسية علما ان بارديلا لديه مهارة في مخاطبة الناخبين والشباب المؤيدين له وزعيمة الحزب لوبن لديها خبرة ثلاثة حملات انتخابية فشلت فيها لكنها استفادت منها انها تعلمت على مخاطبة الناخبين بما لا يخيفهم بمجيء حزبها الى الحكم. على سبيل المثال قالت في حديث لإذاعة France Inter عندما سؤلت عما اذا ستغير سياسة فرنسا التي تدعم أوكرانيا بوجه الرئيس بوتين قالت ان السياسة الخارجية هي حسب الدستور لرئيس الجمهورية وانها ستلتزم الدستور ولكنها أوضحت "قلنا ان الرئيس ماكرون كرئيس القوات المسلحة في البلد اذا أراد ان يرسل قوات لمساندة أوكرانيا فنحن لن نوافق على ذلك لان ارسال قوات الى الخارج قرار يعود الى رئيس الحكومة". وأكدت انها ستستمر في تاييد أوكرانيا. فحرصت لوبن على تجنيب الناخبين قبل خمسة أيام من الدورة الثانية من تأكيد ما كان يعرف عنها بانها صديقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى ان قيل انها اقترضت مبلغ من احدى البنوك الروسية . عندما سؤلت عن منع الحجاب الإسلامي في الأماكن الرسمية قالت ان ذلك لن يحصل قبل ٢٠٢٧ موعد انتخابات الرئاسة القادمة. فالجميع يعلم ان حزب التجمع ينوي اغلاق عدد من المساجد التابعة الى الإسلام الراديكالي كما انهم يريدون منع بيع لحم الحلال والكاشير لليهود. فلوبن وبارديلا قد يصلان الى تسلم الحكم في غضون أسابيع قليلة في حين ان فرنسا تستقبل في ٢٦ من الشهر الجاري الألعاب الاولامبية في العاصمة باريس حيث سيحضر الافتتاح اكثر من ٩٠ رئيس دولة البعض مع زوجاتهم. في الوقت الذي يستقبلهم ماكرون وربما الى جنبه رئيس حكومة جديد جوردان بارديلا سينظر العالم الى فرنسا جديدة تريد التخلص من المهاجرين خصوصا المسلمين علما ان لوبن تردد انها ليس لديها أي خصومة مع الإسلام وقد التقت سفيري عربيين في هذا الاطار من بينهم سفير الكويت في فرنسا. وعندما سؤلت عن مشروع الحزب بعدم السماح للذين يحملون جنسيتين فرنسية وأخرى اجنبية بتسلم وظائف في الدولة قللت من أهمية هذا الموقف قائلة ان ذلك سيطبق على عدد قليل جدا من الوظائف الحساسة واعطت مثل عن من يحمل جنسية فرنسية روسية لا يمكنه ان يتسلم منصب رسمي في القطاع النووي لقد حاولت تخفيف من هذه السياسة التي هي من ضمن مشروع حزب التجمع الوطني الذي ادخلته لوبن ومجموعة نوابها في يناير الماضي كاقتراح قانون للحزب. لكن حزب التجمع اليميني المتطرف حصل الاحد الماضي على أصوات ٩،٤ مليون من الناخبين الفرنسيين وتم انتخاب ٣٨ من نوابه منذ الدورة الأولى ما يشير الى توسع قاعدتهم في جميع طبقات الشعب الفرنسي . اما الرئيس ماكرون فهو الخاسر الأكبر من هذا التغيير لأنه خسر اغلبيته التي تراجعت في الانتخابات حتى ان اتهمه حليفه ورئيس حكومته السابق أدوار فيليب انه "قتل بنفسه اغلبيته الرئاسية". فالجميع باستثناء حزب التجمع الوطني لام ماكرون على هذه الخطوة التي وصفت من البعض بانها "انتحارية "ولم يفهمها احد. حتى ان البعض علق انه كان يجب ان ينتظر الخريف عند التصويت على الموازنة وبعد ان يعجز على الحصول على اغلبية كونه فعندئذ قرار حل الجمعية الوطنية مبرر اما الآن قبل الألعاب الأولمبية و احتفالات العيد الوطني الفرنسي ١٤ يوليو فهذا لم يفهم وانهارت شعبية الرئيس بشكل كبير. لكن رغم ذلك لم تتحرك الأسواق الفرنسية بشكل سلبي قبيل الدورة الثانية لان التحالف اليساري الجبهة الشعبية الجديدة لن يكون له الأغلبية ولأن التجمع الوطني قد لا يحصل على الأغلبية المطلقة والأسواق تراهن على اتباع بارديلا خطة ميلوني اليمينية في إيطاليا. لكن المستثمرين قلقين جدا بسبب عدم اليقين عما سيكون مستقبل فرنسا ووضعها في أوروبا. فهذا شهر حافل بالتغييرات والاحداث في فرنسا

مشاركة :