ساد الصمت مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا هذا الأسبوع مع دخول قانون الجرائم الإلكترونية حيز التنفيذ في الثامن عشر من شهر مايو الحالي. واستنادا إلى القانون الجديد سيواجه مقدمو خدمات الشبكة والمستخدمون في سوريا عقوبات تصل إلى 15 عامًا سجنا وغرامات قدرها 15 مليون ليرة سورية (5530 دولارا أميركيا) لمخالفتهم الإجراءات الجديدة. وفي الثامن عشر من شهر أبريل الماضي أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قانوناً خاصاً بالجرائم الإلكترونية، خصص أقسى الغرامات والأحكام لمَن ينشرون محتوى على الإنترنت يُعتقد أنه ينتقص من هيبة الدولة أو يهدد الوحدة الوطنية أو يثير الرأي العام السلبي. وقال موقع “سنديكيشن بيورو” إن “هذه الجرائم ذات الصياغة الغامضة مثيرة للقلق بشكل خاص؛ لأنها فضفاضة للغاية ومفتوحة للتفسير”. وأشار إلى أنه وفقًا لذلك، يوفر القانون مبررًا قانونيًا للأجهزة الأمنية لاعتقال أي شخص يعبر عن آراء سلبية حول النظام أو سياساته. ويسمح القانون للسلطات بمعاقبة صاحب المنشور المسيء، وأيضًا أولئك الذين يعلقون عليه أو يشاركونه أو يذكرونه على وسائل التواصل الاجتماعي أو في تطبيقات الدردشة، مثل واتساب وتليغرام، والهدف من ذلك هو منع الناس من تأييد أو نشر أي مشاعر معادية للحكومة حتى في السر. وأضاف موقع “سنديكيشن بيورو” أن “تصميم النظام على سحق المعارضة على الإنترنت يبدو أنه رد فعل على تنامي الغضب العام في العالم الواقعي، على الرغم من الاستقرار النسبي في الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة من البلاد، بسبب تدهور مستويات المعيشة”. عيسى المخول: قانون الجرائم الإلكترونية يحمل فوائد اجتماعية عديدة ووفقًا للأمم المتحدة، يعيش 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وأكثر من 80 في المئة منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ونتيجة لذلك تأكل العائلات كميات أقل وتخفض وجبات الطعام، وتضطر إلى الديون لتلبية الاحتياجات الأساسية. وساهمت مشاركة فاعلين بارزين مثل عباس النوري وفراس إبراهيم ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وصحافيين موالين في انتقاد تدهور الظروف المعيشية ونقص الخدمات الأساسية، إلى جانب الفساد المستشري والسياسات الاقتصادية الفاشلة، بما يعمق الإحباط في مناطق سيطرة النظام. ومن جانبه زعم أستاذ القانون الجزائي في جامعة دمشق عيسى المخول أن قانون الجرائم الإلكترونية يحمل فوائد اجتماعية عديدة يهدف من خلالها إلى الارتقاء وتهذيب الحوار والحديث بين مستخدمي الشبكة، أي ليس كما فهمه السوريون بأنه لتكميم الأفواه. وفي لقاء له مع إذاعة “ميلودي إف.إم” السورية قال مخول “إن القانون لا يهدف إلى منع الناس من مراسلة بعضهم لكن يحثهم على الارتقاء، كون أحد أهدافه هو تهذيب الحوار والحديث بين مستخدمي الشبكة”. ولكن مخول حذر السوريين حتى من المزاح وإن كان على “غروبات واتساب” (مجموعات) وليس المنشورات العامة على وسائل التواصل فقط. وقال إنه في قانون الجريمة المعلوماتية يجب التمييز بين الذم العلني وغير العلني ولذلك تم ابتكار معيار لمجموعات الواتساب وتم التمييز بين حالتين: “غروب بيعرفوا بعضن”، وفي هذه الحالة أي ذم إلكتروني يندرج في هذا “الغروب” تحت الذم غير المعلن وتكون العقوبة غرامة مالية للمرتكب حتى لو كانت على سبيل المزاح لأن الذم لا يتعلق فقط بالجد بل بالمزاح أيضاً. في حين أن الذم المعلن بحسب أستاذ القانون الجزائي يكون في مجموعات واتساب كبيرة، وأعضاؤها ليس بالضرورة أن يعرفوا بعضهم. ووضعت إذاعة “ميلودي إف.إم” عنواناً ينطوي على سخرية “احذروا المزاح و’الستيكرات’ على غروبات الواتساب”، ولكن الغريب عدم التفاعل مع الخبر من قبل المعلقين بشكل شبه نهائي. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :