رحم الله محمد العلي المغامس رجل الإحسان والمكارم

  • 5/26/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحمد لله الحي القيوم كتب على خلقه الفناء، وقدر مقادير الخلائق جمعاء، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الجزاء وبعد: فقد فجعنا في يوم الأحد الموافق السابع من شهر شوال من العام الثالث والأربعين بعد الأربعمائة والألف للهجرة النبوية بفقد شيخ جليل، ورجل من رجالات الخير الذين لهم الباع الطويل والأعمال الجليلة على مدى عقود، وقد تجاوز عمره القرن حتى جاءته المنية بعد طول عمر وحسن عمل... إنه الشيخ الجليل عميد أسرة المغامس محمد العلي المغامس فـ{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد فذ يموت بموته خلق كثير نسبه ولد قبل قرن من الزمان في عام 1343 تقريب الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد المغامس من آل مشرف من الوهبة من بني تميم، وآل مغامس ينتسبون إلى جدهم حمد بن عبدالعزيز آل مغامس الذي سكن بلدة الخطامة تقريباً في عام 1140 للهجرة في عهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله، وقد قدم إليها من فرعة إشيقر. النشأة والتجارة نشأ في بلدة الخطامة في سدير حتى بلغ عمره السابعة عشرة، وتعلم خلال هذه الفترة في الكتاتيب، وتعلم العلوم الدينية على يد إمام الخطامة الشيخ عبدالعزيز بن عبد المحسن بن بسام ثم استأذن والده في الذهاب إلى الرياض، وبدء تجارته فيها، وسافر كثيرة للكويت؛ لوجود عمه سليمان بن محمد بن علي المغامس فيها، وكان عمه تاجر مواد غذائية مشهور في الكويت، واستمر في تجارته البسيطة عدة سنوات في التجارة بين الكويت والرياض، ثم بعد وفاة عمه حوّل تجارته إلى البحرين وتوسعت التجارة فيها، وتخصص أيضاً في سوق الجملة بالبطحاء في تجارة الملابس بأنواعها. وتوسع في تجارته لتشمل النشاط العقاري بأنواعه، وكان -رحمه الله- حکيمًا قليل الكلام عفيف اللسان؛ لذلك يلجأ إليه بعض التجار للتحكيم التجاري الودِّي في الكثير من الخلافات التجارية التي تقع بينهم؛ لما كان بينهم من الاحترام المتبادل ولما يعلمونه من حسن التدبير لدى الشيخ - رحمه الله. كان حريصًا على بلده بلدة الخطامة، وكان يذكِّر أبناءه ويغرس فيهم الحب والولاء الحكام هذه البلاد، ويطلب منهم الدعاء لهم ويذكِّرهم مراراً وتكراراً بفضل هذه الأسرة الحاكمة المباركة على مدى قرون، ويقول: طرق أبواب الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد والملك سلمان عدة مرات عندما كان أميراً للرياض في أمور غالباً تخص خطامة سدير مع بعض أبناء الخطامة المخلصين، فلم نجد من حكامنا إلا أبواباً مفتوحة وآذاناً صاغية مع كرم الضيافة. وكان غفر الله له يدعو الله يومياً أن يمد الله في عمر خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير الشاب محمد بن سلمان وأن يوفقهم ويمدهم الله بعون من عنده، وأن يسخر لهم أسباب العزة والتمكين، وأن يحفظ هذه البلاد بحفظه من كل مكروه. مواقف إيمانية وتربوية كان -رحمه الله- يحرص منذ نعومة أظفاره على أن يكون من المبادرين إلى دخول روضة المسجد، ومن آخر من يخرج، ولم تشغله تجارته عن ذلك، وكان يحافظ في شبابه على حضور دروس الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية -رحمه الله- عندما انتقل إلى الرياض. ومما ذكره أحد التجار من العقيل أهل حرمة أنه كان يشاهده في شبابه في البحرين، وذكر عنه ما يتحلَّى به من الصفات الحميدة، والخصال الجليلة من الاستقامة والمحافظة على الصلاة وقيام الليل حتى في أسفاره. ومن المواقف مع أحد أبنائه عندما قارب المائة من عمره وأصبحت قدماه لا تستطيع حمله إلا بمساعدة أولاده، قال له أحد أبنائه: يا أبي تشق عليك صلاة الفجر في المسجد يا ليت تصليها في البيت فرد عليه بهمسة تربوية: مثلك يا بني يشجعني على الصلاة. ومما شاهده أبناؤه وقد بلغ عمره فوق السبعة والتسعين عاماً يقوم آخر الليل، ويصلي صلاة القيام صلاة يعجز عنها بعض الشباب في هذا العصر، وكان -رفع الله درجاته في الفردوس الأعلى- كثير التعلّق بقراءة القرآن في كل وقت وكل زمان ولم يتركه حتى عندما ضعف بصره. وكان حريصًا على تربية أبنائه تربية صالحة باللين والعطف، ويجتمع مع الأبناء والأحفاد كل يوم بعد صلاة العصر، ولم يرفع يده قط على أحد من أحفاده أو أولاده في شبابهم، ولا يعرف أبناؤه أنه يوماً غضب على أحدهم، وكان كثيرًا ما يردد: العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف محب للعلم وأهله كثيراً ما يشجع الأبناء والأحفاد على طلب العلم. وكان -رحمه الله- يوكل الكثير من أعماله التجارية والخيرية لأبنائه، ويبني فيهم حب العمل والخير كما يبني الثقة والأمانة والإخلاص في العمل، ويتجاوز عن الأخطاء وكثيراً ما يردد: من لا يعمل لا يخطئ. وكان -رحمه الله- قوية في الحق، ورحيماً عطوفاً لا يشق على الضعيف أو المحتاج، ومن المواقف مع أحد الأبناء، حيث ذكر له أن البعض من المستأجرين الضعفاء لا يسدد الإيجار لسنوات فرد عليه: الذي يسدد يا بني لكم، والذي لا يسدد لي عند ربي. كان يذكر أبناؤه بكل من أسدى له معروف، ولو كان بسيطاً أو أكرمه بشيء ويحب أن يرد المعروف أضعافاً مضاعفة. كان بيته مفتوحاً ويفرح لمن يزوره ويقول الذي يزورنا يكرمنا بزيارته. كان لا يشتكي ولا يضعف حتى في مرضه، لا تستطيع معرفة ألمه فلا يشتكي إلا إلى الله ويحمد الله كثيراً ويرقي نفسه كثيراً وكثيراً، ويردد {لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا}. مواقف أسرية الفقيد كان حريصاً على جميع أسرته كبيرهم وصغيرهم ويتفقد الجميع وكثيراً ما يسأل بناته عن أبناء الأقارب، وأحوال نسائهم ويشاركهم أفراحهم في الأعياد والزواجات وغيره، ولم يطرق بابه أحد إلا وقد فتح له قلبه، وكانت سعادته غامرة بالبذل والعطاء. أعماله الخيرية الفقيد رجل الشهامة والخير منذ نعومة أظفاره، محباً للخير باذلاً نفسه وجاهه في جميع الأعمال الخيرية، وله العديد من العطايا للمحتاجين والفقراء، وكان يخفيها حتى على أبنائه. شارك كثيراً في دعم الجمعيات الخيرية، وحلق القرآن وبناء وترميم المساجد، وعلاج المرضى، وكثيراً ما يوصي أولاده بالبذل والعطاء، ولا يحب إظهار عمله فقد كان خفياً نقياً تقياً؛ والله يعلم السر والنجوى رزقه الله الفردوس الأعلى، وأحسن له المأوى. ومن أجل صفاته الكرم وكان يذكر أهل الكرم ويثني عليهم لما زرته وكان معي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن فهد الفريح رحب به غاية الترحيب مع أنها أول لقاء بينهما وقال له: من فرحة العطار؟ قال: نعم، قال: الله يذكرهم بالخير أهل كرم يوم الناس في قِل كانوا فاتحين الباب مکرمين الغرباء ... فكان يحب الكرماء ويذكر فضلهم بعد عقود من الزمن. وكان سباقاً لكل خير يسعى إليه، ومن سعيه في الخير، سعيه أن يكون الجامع الذي بجوار منزله في الرياض في حي النزهة جامعاً يصلى فيه الجمع والأعياد، فقد سعى في ذلك حتى تحقق مراده - أنزله الله منازل الأبرار. ومن أعمال البر والإحسان ما كان من آخر أعماله وليس آخرها بناء جامع أبي بكر الصديق في الخطامة بسدير عام 1440 للهجرة، فقد ذكر له أحد الأبناء في مراحل التخطيط هل ترغب أن يطلق على الجامع اسمك محمد بن علي المغامس. فرد بصوت تربوي إيماني: لقد اخترت له اسم جامع الصحابي أبي بكر الصديق لعل الله أن يقبله ويمن علي برفقة الصديق في الجنة. ما أعظم الفقد أن نفقد رجل الشهامة والمكارم.. وعزاؤنا أن هذا هو حال الدنيا، فلا تدوم على حال. حُكمُ المَنِيةِ في البَرِيَّةِ جاري ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار بَينا يَرى الإنسان فيها مُخبِرًا حَتى يُرى خَبَرا مِن الأَخبارِ طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأنتَ تُريدُها صَفواً مِن الأَقذاءِ وَالأَكدارِ وَمُكَلِّف الأيامِ ضِدَ طِباعِها مُتَطلِب في الماءِ جَذوة نارِ فهذا حال الدنيا بفقدان الأحبة وفراق الأصحاب والانتقال تحت التراب والافتقار إلى العزيز الوهاب، فهنيئاً لمن كان حاله في طاعة رب الأرباب وفتح له في كل خير باب.. فكم له في أبواب الخير من مشاريع عظيمة ومساهمات جليلة... وكان صابراً محتسباً باذلاً کريماً سخياً.. كان -رحمه الله- بابه مفتوح للجميع، صاحب بذل لا يرد سائله. تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو أنه ثناها لقبضٍ لم تُجِبهُ أنامِلُهُ ترّاه إذا ما جئته متهللا كأنَّك تُعطيهِ الذي أنتَ آمِلُهُ ولو لم يكن في كفه غيرُ رُوحِهِ لجاد بها فليتقِّ الله سائلهُ هو البحر من أي النواحي أتيتَهُ فلُجّتُهُ المعروفُ والجودُ ساحلُهُ فنسأل الله أن يجزيه عنَّا خير الجزاء، وعزاؤنا أولاً لذويه المقرّبين، ثم العزاء لأهالي مركز خطامة سدير.. والعزاء موصول لجميع المحبين.. جعله الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا،،، رحم الله والد الجميع الشيخ محمد العلي المغامس وأنزله نزل الأبرار. ** ** خالد بن ناصر الحميد - خطيب جامع الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في خطامة سدير

مشاركة :