لماذا تتجه الشركات العائلية إلى الإدراج في سوق الأوراق المالية، أو البورصة؟ مناسبة السؤال هي استعداد شركة «علي الغانم وأولاده للسيارات» للإدراج في سوق الكويت للأوراق المالية يوم الثلاثاء المقبل 7 يونيو. في البداية، تجدر الإشارة إلى أن هذا الادراج هو الأول من نوعه على مستوى الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي. هناك عشرات الشركات العائلية صاحبة الامتيازات في قطاع السيارات، لكنها لم تسلك سبيل الإدراج كما فعلت شركة علي الغانم بثقة وثبات. قبل الإدراج وتحضيرًا له، حقق مسار قيد شركة علي الغانم جملة إنجازات وعمليات إجرائية وقانونية ومحاسبية، تكللت بالنجاح حتى الآن منذ بدء التخطيط واتخاذ القرار غير العادي والجريء بالإدراج، وتغيير النظام الأساسي والتحول إلى شركة مساهمة عامة، وطرح الاكتتاب على نسبة 45% من الأسهم في السوق الثانوية وتغطيتها عدة مرات بسهولة، وصولًا إلى لحظة الإدراج المرتقبة. بالعودة إلى السؤال الأول عن أسباب الاتجاه إلى الإدراج، فلكل شركة عائلية جملة أسباب خاصة تتفق أو تتقاطع مع أهداف شركة أخرى كليًا أو جزئيًا، أو تتباين عنها في جزء من تلك الأهداف. وفي بحث أجراه «منشور»، تبين أن هناك 10 دوافع وجيهة يمكن الاتفاق حولها في كثير من الحالات. ضمان الاستمرارية عبر الأجيال الصورة: YouTube: Ali Alghanim & Sons Automotive Company أولًا: تضمن الشركة العائلية استمراريتها عبر الإدراج. فوفقًا لدراسة أجرتها شركة «كي بي أم جي» العالمية، 30% فقط من الشركات العائلية تصمد بثبات حتى الجيل الثاني للعائلة، و13% منها تصمد حتى الجيل الثالث، و3% فقط تستمر حتى الجيل الرابع. لذا فالإدراج يحمي الشركة، ويسمح بنقل سلس للملكية والتخارج لمن أراد التخارج عندما يزداد عدد الورثة كثيرًا. سهولة الحصول على تمويل ثانيًا: تصل الشركات العائلية في مرحلة من مراحل عمرها إلى ذروة أعمالها، وقد تقف عند حد معين بالنظر إلى جملة عوامل، أبرزها محدودية التمويل لتحقيق التوسعات والنمو في الأعمال. لكن الإدراج يفتح آفاق تمويل جديدة، أولًا عبر إصدار الأسهم في السوق الثانوية وبيعها لمستثمرين جدد، ثم هناك خيارات مثل إصدارات الصكوك والسندات، فضلًا عن أدوات الدين التقليدية والمبتكرة الأخرى. معظم تلك الأدوات تكون عادة أقل تكلفة من التمويل الذي تحصل عليه الشركة العائلية غير المدرجة. وبالتمويل الأرخص تستطيع الشركة اقتناص فرص جديدة لتعظيم الأرباح، وزيادة حجم الأصول، وتزيد إمكانية الاستحواذ على غيرها في قطاعها أو قطاعات رديفة. كما أن رأس المال الجديد بعد فتحه والاكتتاب فيه من مساهمين جدد، يكون حتمًا أكبر من رأسمال الشركة العائلية. وكلما زاد رأس المال تباعًا، زادت فرص تحقيق أغراض الشركة بشكل أكبر، وربما إضافة أغراض جديدة الى محفظتها التجارية والاستثمارية. تقييم عادل لسعر السهم ثالثًا: تصل الشركة المدرجة بسهولة إلى تقييم عادل لقيمتها السوقية والدفترية وفقًا لمتوسطات أسعار الأسهم في السوق المالية، وبناء على ميزانيتها المدققة ومعدلات أرباحها وتوزيعاتها السنوية. تلك الأسعار العادلة نسبيًا غير متاحة في الشركات غير المدرجة. وبناء على قيمة الأسهم التي بحوزة كل مستثمر، يمكنه من جهته الاقتراض برهن الأسهم والتوسع في أعمال خاصة به، فتزيد الثروات المحققة من إنتاج قيم مضافة جديدة في أعمال وأنشطة مختلفة. سهولة الاستثمار في الشركة وسهولة التخارج منها الصورة: Mubasher.info رابعًا: إدراج الشركة يسهّل التخارج من قبل أي طرف مساهم إذا أراد ذلك، ويسمح بدخول مساهمين جدد يشاركون العائلة (المؤسسة للشركة) النجاح ويتقاسمون معها المخاطر. فالسهم المدرج هو سهم سائل، لا سيما إذا كانت الشركة ناجحة وجاذبة للمستثمرين وعليها نسبة تداول عالية. وسيولة السهم ثروة قابلة للاستخدام والتعظيم في أي وقت، إذ توضح دراسة في السوق المالية السعودية أن 63% من الشركات العائلية المقيدة ارتفعت أسعارها بشكل كبير، وهو ارتفاع وصل في متوسطة العام إلى 251% في فترات المديين القصير إلى المتوسط. استقطاب الكفاءات وزيادة الإنتاجية خامسًا: تستقطب الشركات المقيدة الكفاءات، وتسمح بتوافر محفزات للطبقة العليا في الإدارة التنفيذية، لا سيما من جهة إمكان تملّكهم نسبة من الأسهم. وبالتالي يحصل التزام أكبر من هؤلاء في تحسين الأداء، وهو ما يترتب عليه زيادة الأرباح. فتتحول الإدارة التنفيذية إلى ما يشبه الشريك في النجاح، وترتفع الإنتاجية وتتحقق الأهداف التجارية والاستثمارية على نحو أسرع. حضور إعلامي أكبر جاذب للمستثمرين والعملاء الصورة: Mezzan.com سادسًا: تجد الشركة المدرجة نفسها أمام تغطيات إعلامية أكبر، ويكون لديها إفصاحات فصلية متتالية عرضة للتحليل والمتابعة الحثيثة للأداء، بحيث تجذب مستثمرين جدد على الدوام إذا كانت تتوسع وتنمو وتحقق أرباحًا متنامية، وتوزع من تلك الأرباح أنصبة مجزية على المساهمين. وبالإضافة إلى جذب المستثمرين، فإنها ستجذب عملاء أكثر وتتعزز صورتها الإعلامية ويرتقي اسمها مقابل المنافسين، فتحصد نجاحات إضافية مضاعفة. شفافية أكبر وحوكمة أفضل سابعًا: ترتفع درجات الشفافية والحوكمة والانضباط المالي والحماية من التعثر، في موازاة الالتزام بقواعد تحددها هيئة الأسواق، لا سيما في ما يتعلق بإعداد الميزانيات وتدقيقها من مراقبي حسابات وفقًا للمعايير الدولية، والإفصاح عنها دوريًا، وإجراء لقاءات سنوية أو فصلية مفتوحة مع المستثمرين، وعقد جمعيات عمومية يحضرها مساهمون لا سيما الصغار منهم ومتوسطو الحجم، الذين يطرحون ما يحلو لهم من الأسئلة والاستفسارات للاطمئنان إلى استثمارهم في الأسهم. تتخذ الشركة طابعًا مؤسسيًا نظاميًا بعيدًا عن أي فردانية في القرار، أو أي نزعة شخصية في اتخاذ ذلك القرار. ومع الادراج، ولأن الشركة تحولت الى مساهمة عامة، يتغير مجلس الإدارة ويصبح متنوعًا، وتنبثق منه لجان متخصصة. علمًا بأنه من الأفضل دائمًا فصل الملكية عن الإدارة، والإتيان بإدارة تنفيذية تتمتع باستقلالية نسبية عن مجلس الإدارة والملاك الأساسيين أصحاب الأغلبية في الأسهم، بالإضافة إلى تعيين أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة. إمكان تحقيق طفرات وتوسعات خارجية ثامنًا: يمكن للشركة العائلية بعد إدراجها تحقيق طفرات في أعمالها بفعل الحصول على الدعم المالي اللازم لتوسعها وتنويع استثماراتها قطاعيًا وجغرافيًا. وستحظى الشركات كذلك بصيت وحضور واسم لامع أبعد من مكانها الجغرافي الأصلي، وتصبح محط أنظار مستثمرين خليجيين وعالميين. وبذلك تحصل على عقود إضافية، ويمكن أن تدخل في مناقصات ومزايدات على مشاريع ضخمة في الخارج . سهولة المقارنة مع المنافسين تاسعًا: يسهل مقارنة الشركة العائلية المقيدة بشركات أخرى في جو تنافسي شفاف. فمقارنة الشركات العائلية بعضها بالبعض الآخر يبقى غير دقيق ودون معطيات مالية وعلمية مدققة. أما بعد الإدراج، تصبح المقارنة أسهل وتحظى الشركة الناجحة أكثر من غيرها بترتيب أفضل تجاريًا وسوقيًا واستثماريًا وتمويليًا. فائدة قصوى للبورصة نفسها الصورة: Twitter: @awadalasy عاشرًا: بين الفوائد ما هو متصل بسوق الأوراق المالية نفسها، فالادراج الجديد الناجح يرفع القيمة السوقية للبورصة، ويزيد من عمقها وسيولتها، ويجعلها تجذب مزيدًا من المتداولين والمستثمرين، فيرتفع المعدل اليومي للتداول، وتتحول إلى نقطة جذب للصناديق الاستثمارية الإقليمية والدولية. كما أن قطاع السيارات جديد في سوق الكويت للأوراق المالية ودول مجلس التعاون الخليجي، ما يمنح البورصة ميزة تفاضلية تنويعية إضافية. خلاصة أخيرًا، تبقى الإشارة إلى أن إدراج شركة علي الغانم وأولاده للسيارات سيكون محط أنظار عشرات الشركات العائلية في الكويت ودول الخليج. عمدت الشركة قبيل الإدراج إلى نشر بيانات مالية مدققة عن إيراداتها وأرباحها والنمو المحقق فيهما، بالإضافة إلى توقعات توزيعاتها للسنوات المقبلة. هذا النجاح يسجل أيضًا في خانة تنافسية الاقتصاد الكويتي والخليجي، ويسهم في تنويع مصادر الدخل والتنويع الاستثماري والاقتصادي بعيدًا من الموارد النفطية.
مشاركة :