الأسواق الصاعدة في حالة تغيير «1 من 3»

  • 6/11/2022
  • 23:58
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أثبتت أصول الأسواق الصاعدة صلابتها بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، ما خالف التوقعات الأكثر حدة عند تفشي جائحة كوفيد - 19. ومما لا شك فيه أن عمليات ضخ السيولة بالغة الضخامة التي نفذتها البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة ساعدت في هذا الصدد، غير أن بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة وجدت أيضا حيزا أكبر للتصرف من خلال السياسات، بما في ذلك التحول إلى السياسات النقدية غير التقليدية التي اعتقد كثيرون أنها غير متاحة سوى للاقتصادات المتقدمة. ومع ذلك، فإن هذه الأزمة ستخلف ندوبا غائرة. فأعباء ديون الأسواق الصاعدة والدول منخفضة الدخل آخذة في الارتفاع إلى مستويات غير مسبوقة. فهل سيحتاج مزيد من الدول إلى مساعدات مالية عندما يتغير مسار السيولة العالمية؟ وهل سيكون مستثمرو القطاع الخاص على استعداد لتقاسم الأعباء؟ نشرح هنا لماذا ساعدت آجال استحقاق هذه الفئة من الأصول على الحد من التداعيات؟ ولماذا تبشر بصلابتها وعودة بيئة السيولة العالمية إلى مسار أقرب للمعتاد؟ بالفعل من الضروري أن يتقاسم القطاع الخاص عبء التكيف في بعض الدول. وندعو أيضا القطاع العام، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، لمساعدة الدول على الاستفادة من الطلب المتزايد على إصدار سندات الدين التي تراعي المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة. حقيقة فوجئنا بمدى كفاءة أداء فئة أصول الأسواق الصاعدة أثناء الجائحة لسببين: أولا، أن فئة أصول الأسواق الصاعدة أصبحت أكثر تنوعا بكثير. ثانيا، أن الملكية الآن أصبحت محلية في أغلب الأحوال. فعندما بدأت حياتي العملية (25 عاما)، لم يكن هناك سوى عدد قليل من الدول التي يمكن الاختيار من بينها، وهيمن المستثمرون الأجانب مثلنا على هذه الفئة من الأصول. أما في الوقت الحالي، فهناك أكثر من 80 دولة يمكن الاختيار من بينها، وبلغ متوسط ملكية الأجانب نحو 20 في المائة، بما في ذلك ديون الشركات. وتحد الملكية المحلية الكبيرة من انتشار العدوى، كما جعلت فئة الأصول بأكملها أكثر صلابة. كان حجم الأزمة الصحية مدمرا حتى إنه كان من الممكن حدوث عدد كبير وغير محدد من النتائج. لكن انهيار أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة بدءا من أواخر آذار (مارس) كان غاية في الخطورة. إن 40 عاما من التاريخ تعلمنا أنه عندما يحدث ذلك، يتم دفع رأس المال نحو اقتصادات الأسواق الصاعدة، وعلى مدار 2020 بأكمله، بلغ حجم إصدارات سندات اليوروبوند من جانب مقترضي الاقتصادات الصاعدة نحو 800 مليار دولار، بزيادة نسبتها 10 في المائة عن 2019. وكان هذا الأمر مفاجئا للغاية لأن عديدا من الاقتصادات الصاعدة شهد انخفاضا في احتياجات التمويل الخارجي بسبب انخفاض عجز الحساب الجاري الناجم عن الركود. عندما تبدأ عائدات الأعوام طويلة الأجل بالعودة إلى طبيعتها في الاقتصادات المتقدمة، وتبدأ البنوك المركزية بإلغاء برامج مشتريات الأصول، سيحدث شكل ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة تهديدا للتدفقات الرأسمالية المتجهة إلى الأسواق الصاعدة منذ سبعينيات القرن الـ20. وتسبب الارتفاع الطفيف الذي حدث أخيرا في أسعار سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام في بعض الاضطرابات. لكن بالمعايير التاريخية، فإن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام، الذي يظل سالبا بالقيمة الحقيقية، يعد منخفضا إلى حد غير معقول، وما دام الحال هكذا، فينبغي احتواء خطر تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج بكميات كبيرة. ويعتقد أن الأسواق الصاعدة أكثر صلابة لأنها أقل اعتمادا على المستثمرين الأجانب. لكن هل المستثمرون الأجانب أفضل في التمييز بين الدول؟ أم أن استجابة السياسات واسعة النطاق في الاقتصادات المتقدمة أثارت مزيدا من الالتباس؟ انهارت جميع فئات الأصول تقريبا في أوائل العام الماضي، ثم تعافت بقوة. وحجبت عمليات ضخ السيولة بعض المشكلات، لكن ليس في كل مكان. ورغم أن ارتفاع مد السيولة رفع بالتأكيد قوارب كثيرة، فإن المحركات الكلية والسياسية تقود أسعار الأصول في نهاية المطاف. وكان هناك تمييز معقول بالتأكيد في الائتمان السيادي والصرف الأجنبي. كانت أكبر مفاجأة في العام الماضي هي: كيف تمكنت جميع الاقتصادات الصاعدة تقريبا من تيسير السياسة النقدية؟ وسهل الاحتياطي الفيدرالي هذا الأمر إلى حد كبير، حيث قال حرفيا في آذار (مارس) 2020: "اتركوا الأمر لنا، فنحن نسيطر على الوضع". وكانت تلك إشارة قوية للغاية إلى إمكانية استخدام السياسة النقدية لإنقاذ الأسواق الصاعدة أيضا. وتبين أن استخدام سياسة المالية العامة أصعب، إذ لم يكن لدى عديد من الدول الذخيرة المالية التي لدى الاقتصادات المتقدمة... يتبع.

مشاركة :