مجالات العمل الخيري واسعة ومتنوعة وكلما وجِّهت نحو احتياجات الإنسان بشكل مباشر كانت أكثر نفعا وتأثيرا، وهذا يتطلب توفر رؤية وهدف وفائدة من وراء أي عمل خيري، حتى لا يضيع الجهد والوقت والمال سدى، وهناك عبارة باللغة الانجليزية تقول "لا يوجد شيء عديم النفع مثل القيام وبكفاءة عالية بشيء لا ينبغي أن يعمل إطلاقا". بناء المساجد من الأعمال الخيرية التي يساهم فيها الكثير، ومنهم من يذكر اسمه على المسجد الذي يبنيه، ولا شك أن قيام محسنين ببناء مسجد في منطقة أو حي تقل فيه المساجد ويجد الساكنون مشقة في الوصول إلى أقرب مسجد لهم عمل يستحق التقدير، ولكن ماذا عن المناطق أو الأحياء التي يتوفر فيها عدد كاف من المساجد بل يزيد على الاحتياج بحيث تجد في حي صغير أحيانا ما لا يقل عن ثلاثة مساجد؟ أرى أن هذه مسألة تحتاج إلى إعادة نظر وإلى وضع اشتراطات وقوانين فبناء مسجد في حي لا يحتاجه عمل تنطبق عليه العبارة السابق ذكرها. من ناحية أخرى يجدر أن تلقى مجالات أخرى للعمل الخيري اهتماما من المحسنين، والحاجة ماسة إلى النظر في قطاعات في الدولة تحتاج إلى المزيد من الدعم والعون، فهناك الآلاف من المعوقين والأيتام والمعوزين وكبار السن نسمع ونقرأ عنهم ممن لا تتوفر لهم احتياجاتهم الأساسية في الحياة، وقد تحدث زوار أماكن رعاية المعوقين والعجزة والأيتام عن أوضاع مؤسفة وهو مالا يخفى عن المسؤولين في هذا القطاع فهم يعانون ويشكون من كثرة العوائق والعقبات التي تواجههم ولكن في النهاية من يدفع الثمن هم هؤلاء الذين اضطرتهم الظروف الصحية والمادية والاجتماعية أن يعيشوا بتلك الأوضاع، ولذلك من الضروري الالتفات بقوة إلى تلك الفئات والمساهمة في بناء مراكز طبية ودور رعاية ومأوى لهم وتجهيزها، وفتح الباب للمؤسسات والأفراد للتبرع بتشغيل تلك المراكز والدور من جهات متخصصة. صحة الإنسان وكرامته وحاجاته الاجتماعية لا يمكن التهاون فيها، وهي مجال حيوي لمحبي الخير من الناس وخصوصا الموسرين منهم ليتنافسوا فيه. النشاط الخيري عمل يحتاج بجانب المال والجهد إلى شعور بعاطفة وحماس تجاه قضية ما، وهذا ما يميز عملا خيريا عن آخر، فإحداث تغيير جذري في حياة أشخاص محتاجين إلى رعاية عمل يتطلب إرادة وجهدا ومهارة وصبرا وتخطيطا وهو عمل نبيل ومجز ويستحق الكثير من التضحية. في الدول الغربية يلعب العمل الخيري المؤسساتي دورا كبيرا في تحمل أعباء الفئات المحتاجة في المجتمع، لذا من الواجب أن تشارك الشركات الكبيرة بجزء من دخلها في هذا المجال وإن كان هذا لا يعفي مؤسسات الدولة من القيام بواجبها، ولكن تضافر الجهود يعزز من روابط المجتمع وتماسكه. siham.alsharekh@hotmail.com
مشاركة :