في مقطع فيديو متداول تظهر مشكلة حدثت على البث المباشر لإحدى القنوات اللبنانية أثناء تغطية الاحتجاجات الأخيرة في بيروت حيث فوجئ فريق العمل بتهجم مجموعة من الشباب عليهم بسبب وجود صورة لحسن نصر الله من بين صور السياسيين المطلوب رحيلهم، ومحاولة هؤلاء الشباب بالقوة إزالة صورة «القبضاي»! كان منظر المذيعة المرتبك والمتوتر من الموقف، ومطالبتها بإيقاف التصوير وعدم قدرتها على التصريح بذكر انتماء الجماعة المهاجمة، والشخصية المعترض على صورتها يعكس صورة الخوف العامة في لبنان من ذلك الفريق، والعجز عن نقد، أو عمل أي شيء يمس رمزه رغم سهولة الهجوم على بقية الفرقاء والتشنيع عليهم، كما يعكس حساسية مؤيدي حزب الله المفرطة والمرضية من أي نقد يوجه لسيدهم المعصوم. حالة الخوف العامة في لبنان من تداعيات التعرض لأمين الحزب ومسؤوليته المباشرة وغير المباشرة عن حالة البؤس التي يعيشها الشعب اللبناني من سنين، وعن حالة الضعف والتشتت في أداء الحكومة واستغلاله الوضع المتصدع بإحكام سيطرته تجعل الكثير يصر على تحويل اتجاه الاحتجاجات إلى مطالب اجتماعية بحتة وعدم ربطها بالسياسة مع أن البعض يرى أن عدم ربط المطالب بسياسة الحزب وسلاحه تضييع للبوصلة، ومحاولة يائسة لإيجاد علاجات آنية لأوضاع سيئة متجذرة. في كتاب «شعوب الشعب اللبناني.. مدن الطوائف وتحولاتها في زمن الحرب السورية» الصادر عام والذي أتى حصيلة زيارات وجولات على مدى شهور طويلة بين المناطق اللبنانية سبق الكتابة عنها في مقالات نشرت في صحيفة الحياة، يذكر مؤلفا الكتاب حازم صاغية وبيسان الشيخ في الجزء المخصص لمدينة النبطية كيف يُحكم حزب الله سيطرته على المناطق الموجود فيها بأساليب وأدوات مؤثرة، عن طريق توفير الخدمات الطبية والتعليمية والمنح الدراسية ومجالات الترفيه والملاهي للأطفال، وتقديم بطاقة برسم ضئيل تتيح لحاملها الحصول على حسومات في المتاجر المتصلة بالحزب، مع العمل الدائب على خلق هوية مشتركة بين أفراد جمهوره عن طريق المناسبات والطقوس الدينية والاحتفالات المكثفة وفرض ألوان وأزياء معينة، وتمتد صناعة البشر كما يقول الكتاب لتشمل الأطفال عبر التأثير عليهم برواية القصص التاريخية، وتدريبهم على الطقوس والعبادات وتحجيب الفتيات في سن صغيرة والتحكم بمؤسسات وأماكن التسلية لاستمالة أهالي الأطفال وربطهم بالحزب وصولاً إلى إعالة أسر الشهداء والجرحى لتوثيق الارتباط وغير ذلك من أساليب الهيمنة. بجانب أساليب التحفيز هناك أسلوب المحاسبة لمن يرتد عن انتمائه الحزبي بتأثيمه وإلزامه بإعادة كل ما قدم له ولعائلته، ولا ننسى فكرة المقاومة التي أصبحت مبدأ معمماً ومقدساً غير قابل للنقاش بعد أن جرى تشكيله بمواصفات تلائم مصالح الحزب وأمينه ومن يخرج عنها فهو خائن، وهذا مانشهده يومياً عندما يحاول أي شخص أو فصيل نقد فكر الحزب وسلوك أمينه من لبنان أو من خارج لبنان. على الشعب اللبناني المقهور أن يستغل اللحظة ويتوحد بكل أطيافه وطوائفه ويجأر بالحقيقة كاملة بلا خوف أو تحيز.
مشاركة :