قَبل فَترَة، قَابلتُ أحَد رُؤسَاء التحرير-وهو كَاتِبٌ مَعروف-، فبَادرني بسُؤالٍ عَلَى شَكل هجُوم قَائلاً: كَيف تَكتب كُلّ يَوم، وأنَا أكتُب مرّة في الأسبوع؛ وتَستغرق كِتَابة المَقَال ثَلاث سَاعَات..؟! هَذا السُّؤال حَفّزني؛ لأجعَل المَوضوع مِن كَونه سُؤالاً شَخصيًّا لِي، إلَى فِكْرَة عَامّة تُدَافع عَن كُلِّ الكُتَّاب اليَوميين، وقَبل الدِّفَاع أتسَاءل: كَيف لرَئيس التَّحرير هَذا أنْ يَسأل مِثل هَذا السُّؤال؛ وهو يَعرف أنَّ الله خَلَقَ كُلّ إنسَان ومَعه مَواهبه وقُدرَاته، وعَطَاءَاته ومَجَالَاته..؟! ولَكن لَن أُجيب عَن السُّؤال مِن تَجربتي، فهي مُتواضعة، ولا تَستَحق الذِّكر، ولَكني سأذكُر سُؤالاً مُشَابهاً؛ وَجّهه أحَد البُسطَاء مِن الكُتَّاب، إلَى عمّنا الفَخم الضَّخم، الكَاتِب السَّاخِر "جورج برنارد شو"، حَيثُ قَال الكَاتِب البَسيط لـ"جورج": (كَيف تَكتب يَا "جورج" مَا تَكتب بكُلِّ هَذه الرّوعَة، فقَال عمّنا "جورج": أبداً يَا صَديقي كُلّ مَسَاء أحضر وَرقة وقَلَم؛ وأكتُب مَا يَدور في رَأسي! حِينَها رَدَّ عَليه السَّائِل البَسيط وقَال: والله أنَا مِثلك، كُلّ لَيلة أحضر وَرقة وقَلَم، وأكتُب مَا يَدور في رَأسي، بَعدها مُبَاشرة رَدَّ عَليه صَديقنا "جورج" قَائلاً: ولَكن مَا يَدور في رَأسك يَا عَزيزي، غَير مَا يَدور في رَأسي)..! أعتَقد أنَّ هَذه الإجَابة تُغني لصَاحبنا رَئيس التَّحرير؛ الذي تَعجَّب مِن الكِتَابة كُلّ يَوم، كَما أنَّ كَاتِباً مِثلي، مُتقاعِد عَن العَمل، ولَيس لَه مَصدر رِزق إلَّا الكِتَابة، هَذا الحَافِز، يَجعل الكِتَابة عَادة وليَاقة يَوميّة، حتَّى أُحلِّل رَاتبي، لأنَّ أُمِّي –ألبَسَهَا الله ثِيَاب العَافية- دَائماً تُوصيني بالحِرص عَلَى اللُّقمَة الحَلَال..! وأعتَرف مِن هَذا المِنبر؛ أنَّني أكتُب مِن أجل المَال، ولَيس غَيره، وهَذا لَيس عَيباً، وطَالما نَحنُ في سِيرة عمّنا "جورج برنارد شو"، سَأَسرد قصّة أُخرَى عَنَه، حَيثُ كَان ذَات مَرَّة في لِقَاء تلفزيوني، وأرَاد أحَد أصحَاب السَّمَاجَة أن يحرجه، فقَال لَه: يَا "جورج"، أنتَ تَكتُب مِن أجل المَال، فرَدَّ عَليه "جورج": نَعم أكتُب مِن أجل المَال، وأنتَ، لِمَاذا تَكتُب يَا صَديقي؟ فقَال: أنَا أكتُب مِن أجل الشّرف والأمَانَة، فَرَدَّ عَليه "جورج": حَسناً اتّفقنَا كُلٌّ يَكتب عَمَّا يَنقصه..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: إنَّني أتعجَّب ممَّن يَجعل النَّاس عَلى مستوَى وقُدرَات وَاحدة، وهو يَعلم أنَّ أوّل وَصيّة تَربويّة يَتلقَّاها المُعلِّم، هي "مُرَاعاة الفرُوق الفَرديّة بَين الطلَّاب"..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain