تسريبات نوري المالكي تبعثر حساباته السياسية وتعزز موقف هادي العامري

  • 7/19/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعثرت التسجيلات الصوتية المنسوبة إلى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي حسابات الأخير لاسيما في علاقة بطموحاته لتولي رئاسة الوزراء مجددا، وأعادت ترجيح الكفة لصالح الجناح الذي يقوده زعيم تحالف الفتح هادي العامري داخل الإطار التنسيقي. وتقول أوساط سياسية عراقية إن التسجيلات التي نشرها على أجزاء الناشط السياسي والإعلامي علي فاضل المقيم في الولايات المتحدة، وبغض النظر عن صحتها، كان لها تأثير مدو على الساحة السياسية العراقية، خصوصا لما تضمنته من تجريح بحق زعامات وازنة في العراق على غرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وأيضا الهجوم على قادة الحشد الشعبي، والأخطر أنها تضمنت مخططا لإثارة فتنة طائفية في البلد. وتوضح الأوساط نفسها أن محاولة رئيس ائتلاف دولة القانون نفي التسجيلات والقول بأنها مفبركة لن تغير من الواقع الذي أفرزته شيئا، خصوصا وأن خصومه في الداخل، ولاسيما زعيم التيار الصدري، سيحرصون على توظيفها قدر الإمكان لقطع الطريق أمام مساعيه للسيطرة على دفة العملية السياسية وخاصة توليه رئاسة الحكومة. وطالب الصدر الاثنين زعيم ائتلاف دولة القانون باعتزال العملية السياسية واللجوء إلى الاستغفار أو تسليم نفسه. وكتب في تغريدة له نشرها على حسابه في تويتر أن “في موتي شفوة وفرحاً لإسرائيل وأميركا والإرهابيين والفاسدين، لكن العجب كل العجب أن يأتي التهديد من (حزب الدعوة) المحسوب على آل الصدر ومن كبيرهم المالكي (نوري)، ومن جهة شيعية تدعي طلبها لقوة المذهب”. ودعا زعيم التيار الصدري، بحسب التغريدة، إلى “إطفاء الفتنة من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل المتحالفة معه من جهة، ومن قبل كبار عشيرته من جهة أخرى”، مستدركاً “وأن لا يقتصر الاستنكار على اتهامي بالعمالة لإسرائيل أو لاتهامي بقتل العراقيين، بل الأهم من ذلك، هو تعديه على قوات الأمن العراقية واتهام الحشد الشعبي بالجبن وتحريضه على الفتنة والاقتتال (الشيعي - الشيعي)”. ونصح زعيم التيار الصدري المالكي بـ”إعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار، أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية، لعلها تكون بمثابة توبة له أمام الله وأمام الشعب العراقي”. وكان الصحافي علي فاضل نشر محادثة للمالكي مع شخصين لم تتضح هويتهما، تضمنت هجوما حادا على الصدر الذي وصفه بالجبان وبالعمالة لفائدة بريطانيا وإسرائيل. وقال المالكي في التسجيل الصوتي الأخير إن “العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا في حال إسقاط مشروع مقتدى الصدر ومسعود بارزاني (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني) ومحمد الحلبوسي (زعيم ائتلاف السيادة السني)، فإذا أسقطنا مشروعهم نجا العراق، وفي حال عدم استطاعتنا فإن العراق سيدخل في الدائرة الحمراء”. وتابع “أنا أعلم أن الصدر سيستهدفني أولاً، لأنني دمرته، ولن أبقي التشيع والعراق بيد مقتدى الصدر، وفي حال عجزت وزارة الداخلية فلن أعجز، ولدي الآن 10 – 15 تجمعا (ميليشيات) لأُسلِّحهم، وأبقيهم مستعدين للمرحلة الحرجة، وسأهجم على النجف في حال هجم الصدر، فهو رجل حاقد، ولديه ثلاث خصال سيئة، فهو يريد دماً، وهو جبان، ويريد الأموال وسرق البلاد كلها، ويريد أن يكون ‘ربكم الأعلى’، والإمام المهدي، كما يدّعي جماعته بذلك”. وشكك المالكي في ولاءات وكفاءة الجيش والشرطة العراقيين وقال “إنه لا يعتمد عليهما”، مشيرا إلى أنه “يئس أيضا من الحشد الشعبي.. لأن أمة الجبناء من الحشد”، في إشارة إلى قيادات الحشد الشعبي الذي تشكل في العام 2014 والذي يضم الميليشيات الموالية لإيران. وكان التسريب الأول الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصف فيه المالكي خصمه الصدر بـ”الجبان”، وأن الأكراد والسنة استطاعوا شق وحدة الصف الشيعي عبر سحبهم للصدر إلى جانبهم ضد الإطار التنسيقي. الصدر ينزع النقاب عن وجهه الصدر ينزع النقاب عن وجهه وذكّر المالكي بما يسمى “صولة الفرسان” التي قادها عام 2008 ضد ميليشيا جيش المهدي التابعة للصدر، وقال إن الصدر “يجبن” ويتراجع عندما يجد من يواجهه. وشكل الهجوم على الحشد إحراجا كبيرا للمالكي، وهو ما يظهر في مسارعته إلى الرد عبر حسابه على تويتر قائلا “لن تنال كل عمليات التزييف والفبركات من علاقتي ببناء قواتنا المسلحة والحشد الشعبي، فكلاهما حماة الوطن وصمام أمان العملية السياسية”. وكان المالكي تعاطى بهدوء مع التسريبات السابقة التي نالت من الصدر، واقتصر مكتبه على إصدار بيان باهت ينفي فيه ما نسب إلى زعيمه. ويقول مراقبون إن التسجيلات جعلت المالكي اليوم في موقف دفاعي، بعد أن كان في موقع الهجوم، وإنه من المستبعد أن يلاقي دعما من باقي حلفائه في الإطار الذين ينظرون إلى الأمر على أنه يصب في صالحهم لجهة فرملة اندفاعه إلى احتكار ترتيبات السلطة المقبلة. التسجيلات التي نشرها الناشط السياسي والإعلامي علي فاضل كان لها تأثير مدو على الساحة السياسية العراقية وبرزت في الأيام الماضية خلافات بين المالكي والعامري بشأن طريقة التعاطي مع العملية السياسية، حيث يعتبر زعيم ائتلاف دولة القانون أن امتلاكه للكتلة النيابية الأكبر داخل الإطار يمنحه امتياز التحكم في تفاصيله بما يشمل تشكيل الحكومة، في المقابل يرفض العامري هذا التمشي ويطالب بضرورة إشراك الجميع في الترتيبات بما في ذلك التيار الصدري المنسحب من البرلمان. ويعتبر العامري، الذي يدعمه كل من زعيم تيار الحكومة عمار الحكيم وزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، أن الظرفية الدقيقة تستوجب تشكيل حكومة كفاءات تقودها شخصية غير استفزازية للشارع أو للصدر الذي قام الجمعة باستعراض شعبي حضره الآلاف من أنصاره، في رسالة تفيد بأن أي خطوة غير محسوبة من الجهة المقابلة ستلاقي معارضة غير مسبوقة في الشارع. ويرى المراقبون أن المستجدات الأخيرة في علاقة بالتسجيلات دعمت بالواضح موقف جناح العامري ورؤيته للتسوية السياسية، مشيرين إلى أن مساعي المالكي المتوقعة للهروب إلى الأمام ستقود البلاد إلى سيناريوهات مخيفة. ويشهد العراق منذ سبتمبر الماضي أزمة سياسية معقدة نتيجة إصرار التيار الصدري صاحب الأغلبية النيابية على تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، في مقابل إصرار القوى الموالية لإيران المنخرطة ضمن تحالف الإطار التنسيقي على حكومة توافقية. وقد أقدم الصدر على خطوة دراماتيكية الشهر الماضي بتقديم نواب كتلته، البالغ عددهم ثلاثة وسبعين نائبا، استقالتهم من البرلمان، ما منح الإطار التنسيقي الأغلبية النيابية لإدارة العملية السياسية. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :