الإنسَانُ العَاقِلُ يَنظُر إلَى الأمُور باتّزانٍ وحِكْمَةٍ، ويُحاولُ الانتفَاع بكُلِّ الآرَاء التي تَصل إليهِ، سَواء كَانت مَادِحَةً أم قَادِحَةً.. هَذا إذَا كَان عَاقِلاً، أمَّا إذَا كَان مِن قَبيلة الجُهلَاء، فإنَّه سيَصف كُلّ كَلامٍ لَا يعجبه؛ بأنَّه صَدَرَ مِن حَاقِدٍ أو حَاسِدٍ..! يَقول شَيخُنا المُثمر «محمد الغزالي»؛ في شَذرةٍ مِن شَذَرَاتهِ الخَطيرة: (العَاقِل يَسمع مَا يَقوله أَعدَاؤه عَنه، فإذَا كَان بَاطلاً أَهمَله فَورًا، ولَم يَأسَ لَه، وإنْ كَان غَير ذَلك، تَروّى في طَريقةِ الإفَادة مِنه، فإنَّ أعدَاء الإنسَان يُفتِّشون بدِقَّة في مَسالِكه، وقَد يَقفون عَلَى مَا نَغفل نَحنُ عَنه مِن أَمسِّ شؤوننَا)..! ولَم يَكتفِ شَيخُنا «الغَزَالي» بهَذا، بَل أَكَّد كَلامه بطَريقةٍ أُخرَى، حَيثُ قَال: (لقَد استَفدتُ مِن أعدَائي بقَدْر مَا استَفدتُ مِن أَصدقَائي، فلإنْ كَان بِرّ هَؤلاء بِي قَد دَفعني إلَى الإجَادَة، وتَطلُّب الكَمَال، فإنْ كُره أُولئك لِي دَفعني إلَى الحَذَر، وتَوقّي النَّصر)..! ومِن قَبل «الغزالي» قَال الإمَام «الشَّافعي»: عُدَاتي لَهم فَضلٌ عَليَّ ومِنَّةٌ فَلَا أَبْعَدَ الرَّحْمَنُ عَنّي الأعَادِيَا هُمُوا بَحثُوا عَن زلّتي فاجتَنَبْتُهَا وهُم نَافَسُونِي فاكتَسَبْتُ المَعَالِيَا إنَّ الأعدَاء -في نَظر العُقلَاء- أكثَر فَائِدة مِن الأصدقَاء، لأنَّهم يُحفِّزون المَرء، ويَجعلونَه يَعمل لَيل نَهَار، ويَدخُل في تَحدٍّ مَعهم، ليُثبت لَهم أنَّه فَوقَ مَا يَتصوَّرون، وأَحْسَن ممَّا يَظنّون..! أكثَر مِن ذَلك، هُنَاك مَثَل إنجلِيزي يَقول: (إذَا لَم يَكن لَديكَ أعدَاء؛ فحَاول أنْ تَصْنَع لَكَ عَدوًّا)، والمَقصد؛ أنَّ وجُود الأعَدَاء يُحرِّض الإنسَان عَلى العَمل الدَّؤوب، والتَّطوُّر والحَذَر، ومُحَاولة الصّعود إلَى قِمّة المَجْدِ..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُشير إلَى أنَّ شَيخنا «سقراط» طَمْأَن الجَميع، مُبيّنًا أنَّ الخطُورة تَأتي مِن الأصدقَاء، ولَيس مِن الأعدَاء، حَيثُ قَال في دُعَاءٍ شَهير: (اللَّهم احمِنِي مِن أصدقَائي، أمَّا أعدَائي فأنَا كَفيلٌ بِهم)..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :