حتى لا تتحول الجامعات إلى كتاتيب - هاشم عبده هاشم

  • 12/24/2015
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

•• فقدت الجامعات السعودية أهميتها.. وقيمتها العلمية.. منذ تحولت إلى مجرد مبانٍ ضخمة.. ومكاتب فارهة.. وأخذت تدار بأساليب إدارية تقليدية.. وبمعزل عن كل وظائفها العلمية والبحثية.. كمؤسسة تصنع الأجيال.. وتبرز جهود الطاقات المتميزة وتدفع بهم إلى خدمة الوطن بكفاءة عالية.. •• فقدت الجامعات هذه الخصائص.. وندر حضورها في الكثير من المؤتمرات.. والندوات.. والملتقيات العلمية.. نتيجة القيود التي فُرضت عليها وأعاقت مسيرتها.. وحولتها إلى مدارس حكومية عادية لا فرق بينها وبين مدارس التعليم العام التي تعاني الكثير من الأمراض والأعراض القاتلة للإبداع.. •• وتبعاً لذلك فقد عضو هيئة التدريس مكانته ليس فقط داخل الجامعة وإنما في المجتمع أيضاً.. •• فلماذا حدث كل هذا؟ •• حدث هذا لأن وزارة التعليم العالي في الماضي ثم وزارة التعليم فيما بعد ظلت تتعامل مع الجامعة كأحد أقسام الوزارة تدير شؤونها من خلالها.. وتربط اجتماعات مجالسها بها.. وتتخذ القرارات العلمية.. وربما الإدارية في بعض الأحيان نيابة عنها لأسباب لم تكن مألوفة في الماضي.. ولا معتادة في الدول الأخرى.. •• ولم يعد أعضاء هيئة التدريس يملكون الحق في اختيار مجالس أقسامهم.. أو كلياتهم.. كما لم يعد بإمكان أحد فيهم أن يحضر مؤتمرا علمياً في أي مكان من هذا العالم ما لم يحصل على موافقة مسبقة ويأخذ طلبه مجراه عبر سلسلة إجراءات إدارية عقيمة.. قد لا تنتهي إلا بعد انتهاء مدة المؤتمر وفوات فرصة المشاركة فيه.. •• وأنا وإن كنت قد عشت هذه التجربة لفترة امتدت إلى (14) عاماً شعرت معها بالاختناق.. ولم استطع الاستمرار حتى بالتعاون المجاني مع إحداها بعد أن انتهت فترتا عملي بمجلس الشورى لطبيعة الأجواء التي كانت تحياها الجامعات.. إلا أنني أحمل الأخوة والزملاء والأصدقاء مديري العديد من الجامعات مسؤولية هذه العزلة التي دخلتها الجامعات ولم يحاولوا بصورة جادة معالجة هذا الوضع.. •• صحيح أن هناك من بذل منهم جهوداً مضنية في سبيل التصحيح لكن هؤلاء لم يستمروا طويلاً.. وبالتالي بقيت الجامعات مجرد.. دكاكين أكثر منها مؤسسات علمية شامخة.. وذات تأثير حقيقي في الحياة العامة.. •• وحتى كادر أعضاء هيئة التدريس ظل عند أدنى المستويات مقارنة بأمثاله من كوادر أعضاء هيئة التدريس بجامعات دول فقيرة وبائسة ومعزولة عن هذا العالم.. •• وقد انعكس كل ذلك على أداء الجميع بصورة كبيرة وبالذات عندما وجد عضو هيئة التدريس أن متطلبات الحياة تجبره على البحث عن فرص عمل إضافية أخرى لتحسين مستويات حياته.. وكثر الطلب على الإجازات بينهم للاستفادة منها في حضور بعض المؤتمرات العلمية المهمة على حسابهم.. أو للعمل والتكسب وتحسين الأوضاع ولا سيما في المواسم وفترة الصيف.. •• وبالتأكيد.. فإن العلاقة اختلت كثيراً بين عضو هيئة التدريس وبين الجامعة من جهة.. وبينه وبين طلابه وطالباته.. والأدهى من ذلك بينه وبين البحث العلمي سواء أكان لأغراض الترقية.. أو للاستزادة من المعارف ومتابعة كل جديد في مجال تخصصه. •• وحتى البدلات التي أُريد لها أن تُعالج تدني المرتبات تناقصت بصورة ملحوظة.. وهناك كلام قوي حول إلغاء الكثير منها.. ومساواة عضو هيئة التدريس بأي موظف صغير في إدارة حكومية عادية.. وتحويله إلى مجرد موظف.. وقتل روح الإبداع في داخله.. •• هذه الحقائق ماثلة أمام الجميع.. وأعتقد أن الوقت قد حان لكي نعيد للجامعات مكانتها.. وأن نتعامل معها كمؤسسات مستقلة.. في إطار منظومة متكاملة تحكمها خطة عمل مرسومة بعناية وذلك كله يجيب عن سؤال مهم هو: •• ماذا نريد من الجامعة ولها ؟! وان تُعطى لها الصلاحيات الكاملة بعد ذلك وتُحاسب إدارتها على منتجاتها النهائية.. •• وبدون هذا فإن الفاقد سيستمر.. وأن تصنيف جامعاتنا سيظل في مؤخرة قوائم المنظمات الدولية المعروفة وتجعلنا.. وتجعل طلابنا وطالباتنا خارج دائرة المنافسة أو القبول في أي مكان من هذا العالم. •• إن الأمل يحدوني الآن في أن كل هذه الأمور ستنتهي في القريب العاجل.. لأن المملكة العربية السعودية تستحق أن تحصل على المكانة اللائقة بها في هذا العالم.. إن على المستوى السياسي.. أو العلمي.. أو الفكري.. أو الاقتصادي.. وهي جديرة بهذا.. ولكن بعد أن نوسع دوائر العمل المؤسساتي ونتخلص كثيراً من مركزية القرار وإلى الأبد. ضمير مستتر: •• لا تستطيع الشعوب أن تُبدع.. إذا هي لم تكن قادرة على الخلق والتحليق بعيداً عن المحاذير والإحباطات..

مشاركة :