د. شريف عرفة يكتب: كيف نثابر؟

  • 7/30/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من الصفات الضرورية التي ينبغي أن يتمتع الإنسان بها لو أراد أن يكون ناجحاً في الحياة هي المثابرة. حيث تمتلئ قصص الناجحين بعثرات توحي بأن الظروف كلها كانت ضدهم لكنهم لم يتوقفوا عن المحاولة والسعي.. آينشتاين يرجع نجاحه لعناده ومثابرته مفسراً ذلك بأن الله خلق الحمار وأعطاه القدرة على التحمل! «المصدر: آينشتاين سيرته وعالمه- والتر إيزاكسون». إذ لا شيء ذو قيمة يأتي بسهولة، ولو كانت شهادات التقدير أو درجات الدكتوراه تباع في المحلات لما شعر صاحبها بالفخر، ولو أصبح الذهب بسعر الحديد لما تزينت به النساء في الأعراس.. الشعور بمشقة الوصول لهدف ما شرط أساسي للفرحة به.. وندرته شرط لتقديره.. والشيء صعب المنال نادر لذا هو من أسباب السعادة، عكس ما يأتي دون جهد، حتى لو كان الثروة. في دراسة شهيرة أجريت على مجموعة من المليونيرات، حاول العلماء معرفة علاقة سعادتهم الشخصية بحجم ثرواتهم.. فوجدوا أمراً مثيراً للانتباه، هو أن الثروة الكبيرة حققت لصاحبها سعادة أكبر من الشخص العادي، لكن بشرط واحد.. هو أن يكون هذا الشخص هو من حقق الثروة، لا ورثها أو ربحها في مسابقة مثلاً! حين نفكر في السعادة نركز في الغاية النهائية متجاهلين قيمة الطريق ذاته، بما فيه خبرات مستفادة ومهارات تتطور خلال السعي، لا غنى عنها للوصول لأهداف أخرى.. فالنجاح في شيء يربي عضلة المثابرة التي تساعد في النجاح في أمور أخرى.. لكن، كيف نغرس المثابرة في نفوسنا؟ يبدو أن هذا يتطلب التحلي بصفة بسيطة للغاية لا يعتبرها البعض مهمة لهذه الدرجة، وهي القدرة على تأجيل المكافأة. تأجيل ما تريد لوقت لاحق. هناك من لا يصبر على ما يريد، يريده الآن، ولو كان سيحدث غدا فلا داعي له، أريده اليوم! هكذا يفكر الأطفال، وهذا ما ينبغي تقويمه لأنه لن يفيدهم في الحياة العملية.. الرغبة في الإشباع الفوري غريزة تدفع الإنسان البدائي لتناول الطعام الذي يجده فورا لأنه قد لا يتاح مرة أخرى.. لكن هذه الغريزة ليست مفيدة لشخص يذاكر لامتحان بدلاً من أن يشاهد فيلماً مثيراً أو يخرج مع أصدقائه.. تأجيل المكافأة مفتاح النجاح في العصر الحديث، أن تضحي بوقتك وجهدك ومالك في نشاط غير ممتع، في سبيل تحقيق شيء ذي قيمة في المستقبل. هذا ما يدرب الإنسان على المثابرة. لهذا يمكن تدريب الطفل على انتظار ما يريد الحصول عليه، كأن تقول له مثلاً: سأعطيك ما تريد إذا توقفت عن الصياح بهذا الشكل لمدة كذا.. أو سأشتري لك اللعبة حين تؤدي واجباتك كلها حتى نهاية الأسبوع.. بالتأكيد يصعب هذا على الأطفال الأصغر سناً لعدم تطور الفص الجبهي للمخ للقيام بإدارة الذات كما ينبغي، إلا أن تأجيل المكافأة -بدلاً من إعطائه ما يريد في نفس اللحظة كي يسكت- يغرس في الطفل قيمة العمل وتأجيل الإشباع الفوري للاحتياجات.. فيتعلم كيف يثابر ويكبح رغباته ويضحي بمتعه اللحظية في سبيل هدف طويل الأمد.

مشاركة :