•• بصرف النظر عن الأسباب التي أدت إلى "كارثة" مستشفى جازان.. سواء أكانت إهمالاً.. أم عدم صيانة ومتابعة.. فإن الحقيقة التي يجب الاتفاق عليها هي أن المستشفى أصبح "رثاً" و "متهالكاً" بعد أن تجاوز عمره أربعين عاماً.. وبعد أن أصبح يسجل عجزاً كاملاً عن تلبية احتياجات منطقة بهذا الاتساع.. •• وإذا كان هناك من عتب على وزارة الصحة فهو أن المنطقة كلها تعاني من نقص حاد في الخدمات الصحية.. بدليل أن هذا المستشفى الهرم والمهترئ هو الوحيد والأكبر في منطقة يقترب عدد سكانها من (5) ملايين نسمة.. •• ونتيجة لتهالك الخدمات الصحية في المنطقة.. فإن مستشفى الكارثة ظل عاجزاً عن تلبية احتياجات أبنائها فضلاً عن تحمل جزء.. من أعباء الوضع الأمني المضطرب في اليمن.. بكل ما تشكله تلك الأعباء من ضغط شديد على اقسامه وخدماته وطواقمه.. •• وحتى قبل هذا الوضع.. فإن تدفق الوافدين إلى المنطقة من بعض الدول الشقيقة.. اليمن، السودان، جيبوتي، أريتريا عرض المنطقة للكثير من الامراض والأوبئة الخطيرة وكان على مستشفى جازان العام أن يواجه كل ذلك بالحد الأدنى من الإمكانات الشحيحة والمتواضعة.. إلى حد كبير.. •• ولو كنت مكان وزير الصحة المهندس خالد الفالح لما تأخرت لحظة عن فتح ملفات المناطق النائية الصحية وفي مقدمتها ملف هذا المستشفى المنتهي الصلاحية بكل المعايير الطبية.. والإنسانية.. والأخلاقية.. وإلا فكيف لا يكون لمدينة كبيرة كمدينة جازان في منطقة واسعة كهذه المنطقة مستشفى متطور.. ومجهز بكل ما تستلزمه الحاجة ويوجبه الواجب..؟ •• إن الوضع الصحي "المحزن" الذي ظلت تعيشه المنطقة منذ زمن طويل بحاجة إلى معالجة جذرية.. وشاملة.. ولا تفيد فيه "الرمرمة" أو "التحسينات".. أو الانفاق عليه بتقتير شديد.. وشديد للغاية.. •• ويمكن لمعالي الوزير الذي عودنا على الحركة والمتابعة أن يتأكد من كلامي هذا ليس فقط بالوقوف على أوضاع المستشفى الداخلية.. من نقص في الكوادر البشرية.. وغياب بعض التخصصات.. ونقص في التجهيزات.. والمختبرات.. فهي لا تلبي احتياجات مستوصف متوسط الكفاءة مقارنة بعدد السكان وحجم المشكلات الصحية بالمنطقة.. يستطيع معاليه قبل ذلك أن يحصر عدد المرضى الذين تمتلئ بهم مستشفيات جدة ومكة والمدينة والرياض والدمام والخبر وغيرها من المرضى القادمين إليها من منطقة جازان للعلاج هناك بعد أن استحال وجود علاج لهم في المنطقة، وشكلت نسبة إشغالهم لكراسي مستشفيات المناطق الرئيسية حوالى (17%) بحكم لجوئهم إليها في ظل تردي الخدمات الصحية بالمنطقة. •• إن الحاجة ملحة للغاية لوجود "مدينة طبية متكاملة" في المنطقة.. بالإضافة إلى تحسين وضع هذه الخدمات داخل جميع محافظاتها.. وهذا ليس بكثير على دولة يشكل الإنسان بالنسبة لها أول أهداف التنمية كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله في مجلس الشورى يوم الأربعاء الماضي.. •• أما بالنسبة للحريق وأسبابه وظروفه فإن التحقيقات كفيلة بالكشف عنها وإن كنت اعتقد أنها احد الأعراض الظاهرة أمامنا للحالة الطبية العامة بالمنطقة.. وهو ما يحتاج إلى حلول جذرية ودائمة ما لم تكن هناك دوافع جنائية غير مستبعدة في هذه الظروف.. ورحم الله المتوفين وكتب السلامة للمصابين ولا حول ولا قوة إلا بالله. ضمير مستتر: •• ليس هناك ما هو أغلى من الإنسان.. فلماذا لا نحافظ عليه إذا كان الأمر كذلك؟
مشاركة :