جمـر طالبـان.. تحـت الرمـاد

  • 8/13/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بدأ الجدل السياسي والتشريعي الحاد في الولايات المتحدة، فور سقوط أفغانستان بأيدي حركة طالبان، واشتد مع اقتراب الانتخابات النصفية في الكونغرس بمجلسيه، مجلس الشيوخ ومجلس النواب في نوفمبر المقبل، حيث سيحتدم النقاش حول ملف سقوط أفغانستان، الذي سيستثمره بقوة الجمهوريون، للانقضاض على الديمقراطيين، الذي يعيشون إحدى المراحل الصعبة في حياتهم السياسية. وسيصاحب هذا الجدل حتماً، طوفان من الأسئلة وجلسات العصف، حول معنى تداعيات عودة طالبان بعد مرور عام على سيطرتها، بالنسبة للشعب الأفغاني والجيران وتعاظم القوى “الجهادية” في جنوب آسيا، وأيضاً ما مغزى انسحاب القوات الأمريكية، والذي أحاطت به فوضى سياسية وميدانية مؤلمة ومحرجة، بالنسبة لحلفاء واشنطن في العالمين العربي والإسلامي، ولسمعة الولايات المتحدة ومكانتها في عالم يتغير بسرعة، وتنحسر فيه قدرة واشنطن في التأثير على مستقبله. وقالت مجلة نيوزويك: إن بايدن والديمقراطيين يستعدون للانتخابات النصفية الأكثر صعوبة منذ 48 عاماً، ووفقاً لاستطلاع جديد لجالوب يظهر استياء الأمريكيين من وضع الولايات المتحدة، فيما أشارت الأكاديمية والباحثة المتخصصة في الشؤون الأمريكية، عبير كايد، حول تأثير الفوضى التي عمت انسحاب القوات الأمريكية على استحقاق الانتخابات النصفية: "إن نتائج الانتخابات لا تتأثر بالاقتصاد العسكري ولا علاقة لها به، فالناخب الأمريكي يهتم بالاقتصاد الداخلي، وما يدور في أفغانستان لا يعدّ شأناً داخلياً في أمريكا، ولا يؤثر على القناعة السياسية للناخب الأمريكي". ولم تنجح القوات الأمريكية في خلق “نموذج” عسكري واقتصادي أفغاني يحتذى به وكل محاولاتها باءت بالفشل. ولم تتعاف معدلات الرضا عن أداء بايدن منذ أن تراجعت بشكل كبير، على خلفية الانسحاب الأمريكي العشوائي من أفغانستان، وأصبح التضخم فى مستوى مرتفع للغاية ويزداد القلق بشأن احتمالات حدوث ركود اقتصادي. وكان من اللافت أن تأتي عملية مصرع الظواهري، في هذا التوقيت، بعد مرور سنة على الانسحاب الأميركي من أفغانستان، ولعلّ حصولها في هذه المناسبة يمسح شيئاً من صورة الهرولة آنذاك من مطار كابل والتي كانت البداية في هبوط رصيد الرئيس بايدن وربما قد يفيد ولو قليلاً من وضع حزبه الديمقراطي في الانتخابات النصفية المقبلة. ويرسم العديد من المحللين في تصريحات لـ"الرياض" صورة قاتمة لفرص الرئيس بايدن وحزبه الديموقراطي في الاحتفاظ بأكثريتهم البسيطة، في مجلسي النواب والشيوخ، في الانتخابات النصفية، ويتحدثون عن الغضب المتزايد للمستهلك الأميركي جراء الارتفاع المستمر لمعدلات التضخم التي وصلت إلى مستويات غير معهودة منذ حوالي 40 سنة. وبعد أسابيع من عودة طالبان إلى الساحة، فتح الجمهوريون في الكونغرس ملف التحقيقات حيال الانسحاب الأميركي، وانصبت الانتقادات الأكثر حدة، على إدارة الرئيس بايدن واستخباراته وجيشه، لإخفاقهم في التحضير السياسي واللوجستي الفعال لانسحاب عسكري ودبلوماسي منظم من أفغانستان، جاءت كما كان متوقعاً. منتقدو بايدن، الذين قالوا إنه كان عليه إبقاء قوة عسكرية في أفغانستان، تناسوا حقيقة أن مثل هذا القرار كان سينهي وقف إطلاق النار الفعلي، وكان سيعيد وضع القوات الأمريكية في “مناخ عدائي” لن تكون فيه قادرة على الدفاع عن نفسها دون إمدادات إضافية. الانتقادات الأخرى التي وجهها المشرعّون الديموقراطيون نفسهم، إلى إدارة بايدن، تركزت على الأخطاء التكتيكية التي ارتكبت قبل وخلال وبعد الانسحاب العسكري، وإخفاق المسؤولين الاستخباراتيين في توقع الانهيار السريع لدفاعات الحكومة الأفغانية، وتوقف القوات الأفغانية عن القتال أو الفرار من الميدان، وأخيرًا، الفوضى التي أحاطت بالأيام الأولى لعملية إجلاء الرعايا الأمريكيين والأجانب والحلفاء الأفغان. الرئيس بايدن واصل رفضه للانتقادات القائلة إنه كان بالإمكان تنظيم الانسحاب بشكل أفضل، وهو إصرار من الصعب الدفاع عنه. ولكن بايدن كان محقًا حين أصر على أنه لا يوجد هناك وقت “مناسب” أو “مثالي” للانسحاب، وأن تأجيل الانسحاب لستة أشهر أو سنة أو سنتين سيؤدي إلى تغيير ملموس على الأرض. وهذه هي الحجة التي كان يستخدمها العسكريون الأمريكيون خلال السنوات العشرين السابقة وخلال هذه الفترة كان العسكريون الأمريكيون، ومن ورائهم بعض السياسيين يشيرون إلى ما كانوا يعتبرونه التقدم العسكري والتقني للقوات الأفغانية الحكومية، وأدائها الميداني، الذي تبين لاحقًا أنه كان مبالغًا به في كل التقارير التي كانت ترفع إلى البيت الأبيض أو إلى الكونغرس والبنتاغون. المراقبون الأمريكيون يطرحون أسئلة مهمة منها، هل أدى تخبط وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان إلى تشجيع دول في في العالم على تصعيد سياساتها واحتلال أراض في دول أخرى؟ وما الذي يمكن أن تفعله واشنطن، الآن وهي في معركة ضد روسيا بسبب حربها ضد أوكرانيا؟ وماذا إذا تحركت الصين عسكريًا للضغط أكثر على تايوان؟ وهذا متوقع على ضوء التصعيد العسكري الحالي بعد زيارة بيلوسي لتايوان مؤخراً، ومن المتوقع أن تخضع تداعيات الانتخابات النصفية نتائج التحقيق، وعليه فإن الإفلات من المساءلة بالنسبة لفريق بايدن سينجيه من خسارة تلك الانتخابات، عن طريق عمل تنازلات في ملفات داخلية لصالح الجمهوريين مقابل ملفات أخرى".

مشاركة :