الجائحة والدرس الذي أتقنه المعلمون «2 من 3»

  • 8/19/2022
  • 22:48
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لم يقتصر الأمر على نجاح هذه التجربة في بوتسوانا، بل اتسم هذا الأسلوب بالتدخل كذلك في تكلفته الزهيدة والفاعلة، ما أثمر عما يعادل أكثر من عام من التعليمات الصادرة بجودة عالية عن كل 100 دولار أنفقت. ولم تكن الرسائل النصية وحدها فاعلة، فكان من الضروري تقديم بعض التعليمات بالاتصال المباشر عبر الهاتف. وأوضحت التجربة في بوتسوانا أن دروس التقوية عبر المكالمات الهاتفية، والموجهة حسب المستويات التعليمية للطلاب، قد حسنت استيعاب تلاميذ المدارس الابتدائية لمفاهيم الرياضيات عندما أغلقت المدارس أبوابها أثناء الجائحة. وأحد أسباب فاعلية منهج استخدام المكالمات الهاتفية في التعلم عن بعد في بوتسوانا هو توافر القدرة على الحصول على هواتف محمولة بتكلفة منخفضة على نطاق واسع. ففي الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، يمتلك ما يراوح بين 70 و90 في المائة من الأسر هاتفا محمولا واحدا على الأقل، بينما تراوح نسبة الأسر التي تتوافر لديها خدمة الإنترنت ما بين 15 و60 في المائة فقط. وقد لا تنجح فكرة الاعتماد على التكنولوجيا التي تتطلب توافر خدمة الإنترنت في كثير من حالات الدخل المنخفض والمتوسط. وفي استطاعة المناهج التي تتطلب تكنولوجيا محدودة أن تصل إلى أكثر الفئات المهمشة وأن تحقق ذلك على نطاق واسع. وهناك سبب آخر وراء نجاح منهج بوتسوانا ألا وهو إعداد التعليمات وتوجيهها حسب مستوى كل طالب بدلا من الاعتماد على منهج يقوم على مبدأ "حل واحد يناسب الجميع". وكان يطلب من التلاميذ حل مسألة أسبوعيا في نهاية كل جلسة لتقييم مستويات الأطفال، وذلك مثلا لمعرفة ما إذا كانوا قادرين على إجراء عملية جمع أحادية الرقم "4 + 5". وإذا تمكنوا من حلها، يطرح المعلم مسائل أصعب، كعملية طرح مثلا "7 - 3". وإذا لم يتمكنوا من حل المسألة، يواصل المعلم تدريس عمليات الجمع. ويبنى هذا المنهج على مجموعة كبيرة من الأدبيات التي توضح أن توجيه التعليمات حسب المستوى التعليمي للطفل من أكثر المناهج فاعلية من حيث التكلفة في تحسين نتائج التعليم. ولفهم السبب وراء فاعلية التعليمات الموجهة، علينا النظر إلى الوضع الراهن. فمعظم النظم التعليمية مقسمة إلى صفوف وتتبع منهجا دراسيا صارما حسب مستوى الصف. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يعرف طلاب الصف الخامس طريقة القسمة على رقمين. لكن في الواقع العملي، معظم الأطفال لا يعرفون كيف يجرون هذه العملية. وتوضح البيانات الواردة من بوتسوانا مثلا أن أقل من 10 في المائة من طلاب الصف الخامس هم الذين أجادوا القسمة على رقمين. ومع هذا، في الأغلب ما يظل المعلمون يدرسون المنهج المقرر للصف، وينتقل التلاميذ إلى الصف التالي سواء كانوا قد تمكنوا من استيعاب المفاهيم الأساسية أم لا. وتشيع التعليمات التي تعطي الأولوية للمنهج الدراسي على الكفاءة، مقترنة بسياسات النقل التلقائي إلى الصفوف الأعلى، في كثير من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ونتيجة لذلك، نجد أن مستويات كثير من الأطفال أقل من الصفوف الدراسية التي بلغوها، ويستمر الحال على هذا المنوال. وفي هذا السياق، فإن تقييم مستويات التعلم، وتقسيم الأطفال حسب المستوى وليس حسب الصف الدراسي، وتوجيه التعليمات بناء على ذلك يمكن أن تحدث تحولا... يتبع.

مشاركة :