لا يمكن أن تقول شيئا مختلفا فيما يتعلق بالميزانية، سواء من خلال الرؤية الاقتصادية، نظرا لوجود متخصصين، دورهم أن يحللوا ويشرحوا كل التفاصيل، أو عبر الآراء الانطباعية، التي لم تترك الشبكات الإعلامية الحديثة زاوية إلا وتناولتها، بشتى أشكال الدعم أو النقد، وهذا أمر صحي، في زمن الشفافية والانفتاح على كل الرؤى. ولكن، ومن زاوية بعيدة، تهم العاملين والمهتمين بالشأن الإعلامي، أو حتى الراصدين للمراحل، الذين يوثقون التغيير، ويكونون شاهدين على المرحلة، والمتمثلة في المؤتمر الإعلامي الموحد "الشفاف"، الخاص بإعلان الميزانية العامة، الذي جمع الوزراء بالصحافة، حيث شرح الوزراء خطط ورؤى وزاراتهم، وفقا للمعطيات والتحديات المستقبلية، وكيفية التعامل مع إستراتيجية الإنفاق، وكانت الصحافة هناك لطرح الأسئلة، التي يجب أن تكون، ومحاولة إيجاد ما يشبع استفهامات الشارع، ونقل الإجابات بعد ذلك. حقيقة، وقبل تفصيل أي شيء، فإن مبدأ الشفافية، وإعطاء الصحافة سلطتها الحقيقية، ومنحها القوة المفترض أن تكون عليها، يخبرنا بأن هناك تحولا حقيقيا في التعاطي الجاد مع الصحافة، بالإضافة للانفتاح على كل الوسائل، القديمة والحديثة، حيث امتلأ المؤتمر برؤساء التحرير والكتاب ومراسلي الصحف والقنوات، وكذلك وكالات الأنباء الأجنبية، وصحفيي الصحف الإلكترونية ومشاهير الإعلام الجديد، كل الفئات بلا استثناء. كانت الوزارات، ولفترات طويلة، محصنة نوعا ما، إذا صح التعبير، وكانت "وزارة الإعلام" معنية - وحدها - بنقل وجهة النظر الحكومية، بغض النظر عن التخصص، وهو ما أوجد حلقة مفقودة، في المعلومة والتواصل وغير ذلك، لكنها جاءت هذه المرة بطريقة مختلفة، فقد كانت المنصة التي يجتمع بها الطرفان، الحكومة والصحافة، ولذلك لم يكن لها دور في المؤتمر، سوى التنسيق والتنظيم، وهي خطوة احترافية تشكر عليها، حيث فضل الوزير وفريقه أن يكونوا خارج المشهد تماما، متكفلين بالخدمات اللوجستية، الداعمة للصحافة لكي تحصل على المعلومة، وللحكومة حتى تبين وجهة نظر عملها. في المقابل، وحتى نكون منصفين، ينتظر من الصحافة - بكل أنواعها - دور كبير، في توضيح كثير من الأشياء الاقتصادية الشائكة، وأن تكون حاضرة بتوازن، وأن توصل رسالة كل الأطراف، ولا تقتصر على الانحياز لكفة دون الأخرى، مع ضرورة الإشارة إلى وجود ضعف (واضح) في صحافتنا الاقتصادية، وقلة المتخصصين "الحياديين"، والتقارير الاحترافية. وأخيرا.. وهذه رسالة لكل الوزارات، لم تعد هناك أي طريقة للاختباء، وإخفاء المعلومة، ولا عودة للخلف في زمن المكاشفات والتحليل السريع والمباشر، وترشيد كل شيء.. حتى الفساد! والسلام
مشاركة :