عندما تعلن البنوك المركزية أنها تشتري أصولا بعينها، تزداد الشهية لاقتناء هذه الأصول وتنخفض تكاليف اقتراض مصدريها. ولهذا، يعمل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي على تسهيل شروط التمويل للشركات الأكثر اخضرارا، في وقت ظهرت الطاقة مرة أخرى كمحرك للتضخم. ورغم أن البنوك المركزية لا تستطيع خفض تكاليف الطاقة، إلا أنها قادرة على المساعدة للحد من اعتماد القطاع الخاص على نوع معين من الطاقة. وإذا فعلت هذا على النحو الصحيح، فإنه سيخدم أيضا هدف تثبيت استقرار الأسعار. إن تخضير الاقتصاد بالكامل من خلال الضوابط التنظيمية من شأنه أن يدمج تكلفة الكربون في الأسعار، ما يؤدي إلى تسارع التضخم. لكن من خلال دعم البدائل الأكثر نظافة للطاقة القذرة، يصبح بوسع البنوك المركزية احتواء التضخم ودعم النمو. تتمثل إحدى الطرق للقيام بذلك في استخدام أسعار فائدة مزدوجة لتحفيز الإقراض الأخضر في القطاع الخاص. استكشف كل من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي هذا الخيار بالفعل في الاستجابة للجائحة. فقد أعاد بنك إنجلترا توزيع خطة التمويل للإقراض لدعم اقتصاد المملكة المتحدة، ويستخدم البنك المركزي الأوروبي عمليات إعادة التمويل الموجهة الأطول أجلا للغرض ذاته. لكن بدلا من الاكتفاء بتوجيه إقراض البنوك المركزية إلى القطاع الخاص، ينبغي لهذه المخططات أن تـستـخـدم لمنح البنوك أسعار فائدة تفضيلية "سلبية" إذا وجهت الأموال نحو الاستثمارات الخضراء. على الرغم من أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لم يستخدم قـط أسعار الفائدة المزدوجة، فإن الآلية اللازمة للقيام بذلك قائمة بالفعل. فبوسعه ببساطة أن يعين معدل الخصم "ما يتقاضاه من البنوك مقابل القروض المباشرة" عند مستوى أدنى من سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية "ما تتقاضاه البنوك من بعضها بعضا لإقراض الاحتياطيات الزائدة لليلة واحدة"، ثم يقدم للبنوك سعر فائدة مخفضا إذا نشرت الأموال للإقراض الأخضر. من الواضح أن مثل هذه المقترحات تثير تساؤلات سياسية. الواقع أن المسؤولين المنتخبين لا يريدون أن يتخذ القائمون على البنوك المركزية غير المنتخبين القرارات حول كيفية تخصيص الموارد في الاقتصاد. ولا يريد أغلب القائمين على البنوك المركزية هذه المسؤولية أيضا، لأنهم يعلمون أنها قد تهدد استقلالهم في نهاية المطاف. لكن حتى لو لم تكن أسعار الفائدة المزدوجة الاستجابة المثالية لتغير المناخ، فقد تكون الخيار الوحيد الممكن. فإذا كان الساسة قادرين على حشد رؤوس الأموال الخاصة لمصلحة التحول الأخضر، لكانوا قد فعلوا ذلك الآن. من خلال دفع البنوك إلى دمج تغير المناخ في نماذج المخاطرة التي تستعين بها، وإجراء اختبارات الإجهاد البيئي لتحسين نسب رأس المال، وخفض تكاليف الاقتراض لمصلحة الشركات الخضراء، واستخدام أسعار الفائدة المزدوجة لدعم الاستثمارات الخضراء، تستطيع البنوك المركزية أن تجعل الاقتصاد والنظام المالي أكثر مرونة وقدرة على الصمود. أظهر ارتفاع أسعار الطاقة هذا العام كيفية الحاجة إلى التوسع في استثمار الطاقة المتجددة والاتجاه نحو أنواع طاقة جديدة في الأمد القريب. وفي الإعداد للأمدين المتوسط والبعيد، ينبغي لنا أن ندرك أن التحول الأخضر أيضا سيكون تضخميا إذا توخينا تحقيقه في المقام الأول عن طريق تسعير الكربون والضوابط التنظيمية. ينبغي للبنوك المركزية أن تستخدم الأدوات المتاحة تحت تصرفها للتأثير في الطلب على الأصول الخضراء وتسعيرها. والقيام بذلك لن يؤدي إلى إلهائها عن تفويضها الأساس المتمثل في تثبيت استقرار الأسعار، بل إن هذا النهج بالغ الأهمية لضمان نجاحها في مهمتها. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :