الرواية البحرينية بين مطرقة انعدام دور النشر المحلية وسندان غياب الاعتناء الرسمي وتجاهله للإشتغال الإبداعي!

  • 9/24/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فهد: الحضور الباهت للنص البحريني في المناهج يؤكد الانفصال بين التعليم والمشهد الثقافي! الكوهجي: التذرع بـ«عدم توافر الميزانية» يشكل تأزيماً وتهميشاً للرواية والكاتب البحريني ناصر: وضع الكاتب البحريني هو الأسوأ عربياً ومرد ذلك لعدم اهتمام المؤسسة الرسمية سلمان: «جائزة البحرين للكتاب» هي الجائزة الوحيدة المعتبرة ولم تعد تمنح للكتاب البحريني! ذات يوم، قصد الناقد فهد حسين «جامعة البحرين» لاستشارة أحد الأساتذة العرب حول موضوع دراسته في برنامج الماجستير، والمتعلق بالرواية البحرينية، ففوجئ برد الأكاديمي بنبرة استهزاء «وهل توجد رواية بحرينية؟!». الحديث عن الرواية البحرينية، لا يختلف من حيثُ الشجن، عن المجالات الأخرى في المشهد الثقافي البحرين، ما يكشف عن خلل يتعلق بالأسس، مفضياً إلى سؤال محق يراود الجميع «كنا متقدمين.. فكيف تأخرنا؟»، ولهذا قصدنا الوقوف على هذا الواقع، وعلى ذاك الغياب الغريب عن الجوائز، عبر ندوة نظمتها «صحيفة الأيام» حول «واقع الرواية البحرينية وغيابها عن الجوائز العربية»، مستضيفةً الناقد الدكتور فهد حسين، والروائي جعفر سلمان، وعلي إسماعيل إلى جانب الروائية أمينة الكوهجي، وفتحية ناصر. إن السؤال عن واقع الرواية البحرينية، يجيء بقصد التشخيص لما هي عليه الآن، وما يعتريها من مشكلات وإشكاليات، وما وصلت إليه من تقدم أو ما هي عليه من تراجع. فما موقعها الآن؟ وما أبرز مشكلاتها؟ أما السؤال عن دواعي غيابها عن الجوائز العربية، فهو محاولة لتجاوز العوائق التي تُغيب الرواية البحرينية عن هذه المنصات القادرة على تسويق المنتج الأدبي، والترويج له عربياً وعالمياً عبر الترجمة، وإبراز الشخوص الأدبية الممثلة للمملكة، والتي ببروزها لا تدع مجالاً للتهكم من قبيل ذلك الذي واجهه الناقد فهد. كما يشكل الفوز بهذه الجوائز، نافذةً يُطل منها على الاشتغال الثقافي والأدبي. وبغض النظر عن الرأي والرأي الآخر المتعلق بهذه الجوائز، فإن أحداً لا ينكر بأنها جوائز ذات صيتٍ على المستوى الجماهيري، كما «الجائزة العربية للرواية العالمية» المعروفة شعبياً بـ «البوكر». وإذا ما نظرنا للحراك القائم في الخليج العربي على مستوى الرواية، سندهش من لا مرئية الرواية البحرينية وسط هذا الحراك؛ لننظر للسعودية، وعُمان، والكويت، والإمارات التي ينافسُ روائيوها الكتاب العرب في القائمة القصيرة لـ «بوكر» هذا العام! تشخيص واقع الرواية البحرينية وإشكالياته بدأت الرواية في البحرين في خمسينيات القرن الماضي، بيد أن الناقد فهد، يرى بأن الرواية ذات الخصائص الفنية انطلقت عام (1980) مع رواية «الجذوة» لمحمد عبدالملك، ومنذ ذاك شهدت البحرين كماً متزايداً عاماً بعد آخر من الإصدارات، وصولاً للسنوات الأخيرة، التي شهدت طفرةً كبيرةً. فوفقاً لإحصائيات الناقد فهد، شهد العقد الأخير، صدور أكثر من (250) رواية، وهو ما يصفه بالكم الكبير نسبةً لتعداد سكان المملكة. وفي ظل هذا الكم من الإصدارات، لابد من الوقوف على واقع الرواية لتشخيصه واستبيان الإشكالات المرتبطة به، بغية أن تصاغ له الحلول الجادة والمجدية. فهد: كتاب يفتقرون للثقافة ورواية تناقض أفعال كاتبها! يشير الناقد فهد حسين إلى أن الناقد والقارئ معني بالكيف لا بالكم، مؤكداً بأن للرواية حضورها الكبير في المشهد البحريني، ولكن «ليس كل من كتب ويكتب الرواية قادراً على الإمساك بخيوطها وتحريكها على صعيد الموضوعات، والتقنيات، والشخوص، وثقافة النص..»، متوقفاً عند الجزئية الأخيرة بوصفها انعكاساً لثقافة الكاتب، مبيناً بأن العديد من الروايات الصادرة محلياً يفتقر كتابها إلى ثقافة تؤهلهم للكتابة، «لا اتصور كاتباً يكتب عملاً سردياً دون أن يكون قارئاً، وباحثاً، ومطلعاً»، يقول فهد، مؤكداً بأن ثقافة الإنترنت «لا تغني عن البحث العميق والتقليدي». وبذلك ينتقد الاستسهال في كتابة الرواية، والسعي نحو البروز على حساب جودة العمل، الحاصل الآن، مشيراً بأن الرواية البحرينية «تستطيع الكشف عن مستوى كاتبها وخلفيته الثقافية من الصفحات الأولى». ورغم تحفظ الدكتور فهد في توصيف واقع الرواية بتوصيفات حاسمة ونهائية، إلا أنه يؤكد بأن «أملاً كبيراً يحدونا كنقاد بالاشتغال الروائي المحلي»، مبيناً بأن طموحات الناقد «كبيرةٌ دائماً، فنحن نريد نصاً مستفزاً، قادراً على طرح الأسئلة، وبحث القضايا بعمق، كما نريد نصاً يستطيع العلوق في الذاكرة...»، لافتاً لدور النقد في تطوير المشهد الروائي والثقافي، وضرورة تقبله «لدينا إشكالية تتعلق بقبول النقد، وهي ثقافة سلبية تشكل إشكالية على المستوى الثقافي». كما يتوقف الدكتور فهد عند إشكالية تعتري المشهد الروائي البحريني، وهي «التناقض بين ما يؤمن به الكاتب، وما يدعو إليه في سرده»، لافتاً بأن مسألة التناقض بين الأقوال والأفعال، «ظاهرةٌ خطيرةٌ في المشهد الروائي البحريني؛ فتجده يكتب عن تحرير المرأة وهو أكثر قمعية لها على أرض الواقع!». إسماعيل: الرواية البحرينية تفتقر لمن يرعى انتشارها عربياً! للروائي علي إسماعيل (12) رواية مطبوعة، وهي روايات عمد لنشرها خارج البحرين، بهدف الوصول للقارئ الخليجي، نظراً لافتقار المملكة لدور نشر قادرة على الحضور خليجياً وعربياً. ويمثل غياب دور النشر في المشهد المحلي، إشكالية تمس واقع الرواية، إذ يقول إسماعيل «الرواية البحرينية لا تصل ليد القارئ، فليس لدينا دار نشر واحدة، قادرة على الحضور في المشهد الثقافي الخليجي والعربي، أو المشاركة في معارض الكتاب». هذه الإشكالية لها تأثيرها الكبير على تشخيص الواقع الروائي في البحرين من حيثُ التسويق والإنتشار، لكنها لا ترتبط بواقع الرواية من حيث الإبداع والجودة، وفي هذا السياق، يبين إسماعيل بأن الرواية في البحرين، لا تختلف عن الرواية في الأمكنة الأخرى، «فالعمل الجيد، قادرٌ على البقاء والبروز، في قبالة العمل السيء، الذي يذهب هباءً». لكن الإشكالية تكمن في ما أشار إليه إسماعيل من حيث التسويق والإنتشار، إذ يبين «مطلوب من المؤلف البحريني أن يطبع روايته أو كتابه على نفقته، وأن يسوقه، ويوزعه، ويقوم بكافة المهام التي يفترض بدور النشر القيام بها ورعايتها، وهذا ما يخلق تحدٍ كبير للكتاب، وللرواية البحرينية عموماً»، متسائلاً «كيف يتسنى للرواية البروز في مشهد محبط هكذا؟». سلمان: ما جدوى مشاركة (هيئة الثقافة) في معارض الكتاب إن لم تدعم الإصدار البحريني!؟ يتفق الروائي جعفر سلمان مع ما ذهب إليه إسماعيل، مبيناً «مهمة الكاتب هي أن يكتب، فيما مهمته في البحرين إلى جانب فعل الكتابة، أن يكون ناشراً، وموزعاً، ومسوقاً...»، لافتاً إلى أن هذا الواقع الذي تشهده الرواية المحلية، مرده لعدم وجود جهة داعمة؛ «الكاتب البحريني بحاجة إلى دعم جهة راعية، وهذا ما يتوافر بكثافة في كل دول الخليج العربي عدا البحرين»، مشيراً بأنهُ أصدر (17) رواية «وكل ما تلقيتهُ من دعم، هو صفر!». ولا يُقصر سلمان الدعم على الدعم المادي حصراً، إذ لا يعني له الكثير، نظراً لقدرته على تحقيق مردود مادي من كتاباته، لكنه يعني بشكل أخص «الدعم المعنوي، والتسويقي، والإشهار، فككاتب له تجربته، لم تبذل الجهة الرسمية المعنية بالثقافة جهداً ولو بسيطاً للتواصل معي وتقديم الدعم المعنوي ليّ»، متسائلاً «ما بال الكتاب الجدد؟ من سيلتقيهم، ويحتضنهم، ويرعاهم، ويدفعهم في ظل انعدام التقدير للكاتب والمؤلف على المستويين الرسمي والمدني؟ وكيف سيتسنى للكاتب أن يحظى بالبروز في هذا الواقع!؟». ويقارن سلمان بين التجربة العُمانية في دعم الكتاب والترويج لإصداراتهم خليجياً وعربياً، بما عليه الحال في المملكة، قائلاً «تشارك (هيئة الثقافة) في مختلف المعارض الدولية، بيد أنها لا تروج للكتاب البحريني إلا ذاك المرتبط بمطبوعاتها، أو الصادر بالتعاون معها، وحتى هذه المطبوعات والإصدارات تعرض فقط، دون إتاحة للبيع، فما الفائدة من عرضها في المعارض الدولية دون قدرة القارئ على اقتنائها؟». كما ينتقد سلمان «عدم الإشارة للكتاب والمؤلفين البحرينيين في أيٍ من منصات الهيئة الرقمية»، لافتاً إلى «الهوس بالكاتب غير البحريني، والذي نجده لدى المؤسستين الرسمية والأهلية»، وهو ما يعتقد سلمان بأنه «شكلٌ من أشكال العزوف عن الكاتب البحريني، والتبرأ منه!». الكوهجي: الاحتجاج بعدم توافر الميزانية تهميش لواقع الرواية البحرينية! تُحمل الروائية أمينة الكوهجي، التي صدرت لها (6) إصدارات بين روايات ومجموعات قصصية، المؤسسة الرسمية وبعض الجهات الأهلية المعنية بالأدب، مسؤولية التقصير تجاه الواقع الأدبي والإبداعي في المملكة، مؤكدةً بأن هذا التقصير انعكس على واقع الرواية وما تعانيه من إهمال، فيما يكابد مبدعها مشاق عديدة، دون إعانة تذكر، لافتاً بأن «(هيئة الثقافة) كجهة ممثلة للثقافة في المملكة، تتحمل عبء الدعم لكل نشاط ثقافي، دون تمييز أو إهمال لمجالٍ على حساب آخر، كما يتوجب عليها المبادرة للارتقاء بالمجالات الثقافية، وإيجاد سبل الدعم الممكنة لها». وشكت الكوهجي ما وصفته بالتمييز «غير المقصود أو المقصود!» تجاه الكتاب الجدد «ما يؤسف له بأن الهيئة لديها قائمة من الأسماء التي تعتني بها من حيثُ تبني إصداراتها ودعم طباعتها، وهي الأسماء ذاتها المعروفة، دون التفات للكفاءات الجديدة»، مشيرةً كذلك لتقصير (أسرة الأدباء والكتاب) في هذا السياق، «ما تقوم به (الأسرة)، عندما تصدر إصدارات مطبوعة، هو تبني ذات الأسماء الكبيرة، عوض الالتفات للمواهب الجديدة ودعمها والطباعة لها». كما حملت الكوهجي (وزارة الإعلام) كجهة متصلة بقطاع النشر، مسؤولية تنمية وتعزيز هذا القطاع في البحرين، متفقةً مع ما ذهب إليه إسماعيل وسلمان، بشأن المعاناة الكبيرة التي يعانيها المؤلف البحريني لنشر إصداره، لافتةً إلى «أهمية تفعيل الدور الرسمي، وأن تقوم كل جهة بمسؤولياتها تجاه المبدع والمؤلف البحريني لتقف خلفهُ وتدعمه للبروز على المستوى المحلي والعربي»، منوهةً بالمشاريع التي أطلقتها (هيئة الثقافة)، لدعم حركة النشر والتأليف، والتي توقفت بذريعة «عدم توافر الميزانية!»، وهو ما يشكل تأزيما وتهميشا للرواية والكتاب البحريني عموماً، برأي الكوهجي. ناصر: وضع الكاتب البحريني هو الأسوء عربياً! تشخص الروائية فتحية ناصر، واقع الرواية البحرينية بنظرةٍ تفصيلية، مؤكدةً بأنها «رواية تفتقد لعنصر التسويق»، وهو ما تراه «مؤشر على وجود خلل في منظومة النشر المحلية والعربية، إذ أنها منظومة سيئة ومجحفة بحق الكاتب»، لافتةً إلى أن «وضع الكاتب البحريني هو الأسوأ في الوطن العربي!»، ومرد ذلك، «لكون المؤسسة الرسمية لا تهتم به، لا على صعيد الدعم المادي ولا المعنوي». وترد ناصر، التي أصدرت (6) روايات، غياب الأسماء البحرينية عن المشهد الثقافي المحلي والعربي، لـ«انحسار الحراك الثقافي في المملكة، إذ يشكل هذا الإنحسار فسحة للأقلام السيئة للبروز، فيما تنسحب الأقلام الجيدة عن المشهد»، مؤكدةً بأنها تعول على منظومة النشر «فإن صلحت صلح وضع الكاتب»، مشيرةً بأن الكاتب الذي يتكبد تكاليف وعناء كل شيء يتعلق بنشر اشتغاله «لا يعلم ما إذا قامت تلك الدار -خارج البحرين- بدورها الفعلي لتوزيع وتسويق كتابه أم أوهمته بذلك؟!». لافتةً بأن جميع الأطراف: الرسمية، والأهلية، والتجارية شريكة في سوء الواقع الذي يواجه الروائي والمؤلف المحلي، «فالمكتبات، تعرضُ الإصدارات البحرينية في أمكنةٍ غير مناسبة، وربما تركنها في المخازن، دون اعتناء بالمنتج المحلي»، متسائلةً في ظل واقعٍ كهذا «كيف سيصل الكاتب البحريني للقارئ ما لم يحظَ بفرصٍ عادلة؟». وفيما يتعلق بجزئية التسويق، تؤكد ناصر بأن الكاتب في البحرين «مطلوب منه أن يسوق لنفسه، ويروج لكتابه، حتى يبدو بمنظرٍ فجٍ، وكأنه يستجدي الآخرين لقراءته؛ لأناّ نفتقر لدور النشر التي تقوم بهذه الدور، كما نفتقر للمؤسسة الرسمية التي تحرص على دعم المنتج الإبداعي المحلي، وإيجاد السبل لترويجه محلياً وعربياً». ولهذا ترى ناصر بأن «هناك تملص من الترويج للكتاب البحريني على العكس مما تقوم به الدول الجارة»، مؤكدةً بأن الجميع «يلقي باللوم على الكاتب؛ لماذا لم تسوق لكتابك؟ ولماذا اسمك ليس معروفاً محلياً وعربياً؟ فكيف لنا أن نفعل كل هذا، في فضاءٍ لا مبالٍ رسمياً، بل حتى المؤسسات الثقافية الأهلية التي كانت تتيح لنا تدشين إصداراتنا، أضحت تطلب الأموال مقابل ذلك». بين غياب الرواية البحرينية عن الجوائز العربية وغياب الجوائز من المشهد المحلي عندما نتحدث عن غياب الرواية البحرينية عن الجوائز العربية، فنحن وإن كنا نعني بشكلٍ عام، كافة الجوائز، إلا أننا نشير بشكلٍ خاص للجوائز العربية الكبرى، وأبرزها «الجائزة العالمية للرواية العربية»، المعروفة بـ«البوكر»، والتي يعد الفوز بها إيذاناً برواية بارزة عربياً، وبروائي ينال نصيباً من الشهرة والقراءة. فمنذ انطلاق هذه الجائزة في العام (2007)، لم تصل أية رواية بحرينية إلى قوائمها الطويلة، كما لم تصل أية رواية لقوائم «جائزة الشيخ زايد للكتاب»، وللفوز بـ «جائزة الطيب صالح» أو «جائزة نجيب محفوظ» وغيرها.. وكأن الروائي البحريني غائبٌ تماماً عن المشهد الأدبي والثقافي العربي. فما أسباب هذا الغياب للرواية البحرينية عن الجوائز؟ وما أهمية التأسيس لجائزة للإبداع الكتابي على الصعيد المحلي، المفتقر لأية جائزة معتبرة تسهم في الدفع بالواقع الروائي نحو مزيدٍ من الرقي والمنافسة؟ معايير معطوبة! يلقي الروائيون باللائمة على معايير الجوائز، التي يرونها غير منصفة، فالكوهجي ترى بأن «معايير الجوائز معطوبة؛ فعندما تعارض الدين، والأخلاق، وتكتب ببذاءة، تنال نصيباً من الاهتمام». أما سلمان فيرى بأن العديد من الجوائز «تعاني من التحيزات على صعيد المحكمين الذين يجرون النار لأقراصهم، دون أخذ المعايير النقدية والعلمية بعين الاعتبار أحياناً»، مبيناً «تجامل بعض الجوائز الدول أو الجهات باختيارها فائز محد ينتمي لهذه الجهة أو تلك الدولة، ولكن ككاتب بحريني، ستجمل فيّ من إن منحتني الجائزة؟». أما إسماعيل، فيرى بأن غياب الرواية البحرينية عن الجوائز «يعود لأسباب كثيرة، أبرزها غرق الكاتب البحريني في المحلية؛ ما جعل النص أسير محليته، وبالتالي لم تتح له فرصة البروز على الصعيد الخليجي والعربي». كما يلفت إلى أن (البوكر) يتم التقديم لها عبر دور النشر، «فإن كنا نفتقر لهذا الدور، فكيف سيتسنى لنا ككتاب بحرينيين التقدم لهذه الجائزة، وأية دار نشر خارجية، ستمنحنا الأولوية على أبناء بلدها؟». وتشير فتحية ناصر بأن «هناك بعض الإملاءات السياسية التي تملى على هذه الجوائز، فإن لم تكن وراءك دولة ومؤسسة رسمية واعية بأهميتك ودورك كروائي، فلن يوليك أحدٌ التفاته». ورغم أن ناصر لا تنكر وجود الكثير من الأقلام غير المؤهلة محلياً، والتي دخلت عالم الرواية، إلا أنها ترى بأن «للجوائز متغيرات كثيرة، منها: لجان التحكيم المتحيزة أحياناً، والتوجهات الثقافية لمن يرعى الجائزة، وغيرها من الاعتبارات التي تلعب دوراً في الفوز». فيما يختلف الناقد فهد مع بعض هذا الطرح، مؤكداً «عملتُ في لجان تحكيم جوائز عربية كبرى، كجائزة الطيب صالح، ولم يستطع نصٌ بحريني، تقدم للجائزة أن يتجاوز مرحلة الفرز!»، مبيناً بأن «هناك إشكالية حقيقية تتعلق بجودة النص، وليست مسألة تحيزات فقط». غياب الجوائز المحلية يتفق الكتاب والنقاد بأن غياب الجوائز المعتبرة على الصعيد المحلي، له دور سلبي على الواقع الروائي، «فغياب جائزةٍ ترعاها المؤسسة الرسمية، يمثل فراغاً، ويخلق إشكالية ثقافية على صعيد تحفيز الاشتغال الثقافي والإبداعي»، كما يقول الناقد فهد، مشيراً إلى أنه تقدم بمقترح جائزة ترعاها (الأسرة)، إلا أنه لم يلقَ الاستجابة، منوهاً بأن المؤسسة الرسمية «لابد أن تلتفت للموضوعات ذات الاتصال والنفع للمؤلف البحريني»، وفي الوقت ذاته، لا يبرئ الناقد فهد المؤسسة الأهلية من مسؤولياتها، إذ «يجب أن يكون للجهات الثقافية الأهلية دور فاعل في دعم الكاتب، وأن تشكل قوة ضغط على المؤسسة الرسمية في سياق الدفاع عن المبدعين والكتاب، ورفع المرئيات والتوصيات لهذه الجهات». فيما يستغرب سلمان تحويل الجائزة الوحيدة المعتبرة إلى الخارج بدلاً من كونها موجهة للكاتب المحلي، يقول «لدينا (جائزة البحرين للكتاب) والتي تقدمها (هيئة الثقافة)، لكن حتى هذه الجائزة الوحيدة أضحت مخصصة للكتاب من بلدانٍ تختارها الهيئة كل عام، فماذا عن الكاتب البحريني؟ لماذا لا يدرك المسؤولون بأن الجوائز تشكل دافعية للاشتغال والإنتاج؟»، متابعاً «إن الجوائز تمثل نوعاً من الدعم للكاتب، ومحفزاً مهماً، وهي إحدى الطرق الكثيرة للنهوض بواقع الرواية البحرينية». وفي سياق دعم الواقع الروائي، يضيف سلمان «قبل فترة بسيطة افتتحت (مكتبة جرير) فرعاً ضخماً في البحرين، فهل بادرت المؤسسة الرسمية المسؤولة عن الثقافة، أو الجهة المانحة للترخيص، بأن طلبت من هذه المكتبة بتخصيص زاوية مناسبة للمؤلفات البحرينية كشكل من أشكال الدعم؟».

مشاركة :