قصص النجاح لا يصنعها أحد.. وحده التفوق يبدأ من حكايات لا تروى كثيراً، لكن من هناك تبدأ أول فصول الرواية، ممن اخترن التواجد بعيداً عن الأضواء في أغلب الأوقات، فأسماؤهن لا تتردد كثيراً، وقد تمر بجانبهن في البطولات الرياضية دون أن تعلم هويتهن، لكنهن في الحقيقة ممن يساهمن في صناعة الحدث، وهن اللواتي نرى فيهن نموذجاً للمرأة الإماراتية والعربية بالإصرار والتضحية، وننصب لهن في «الاتحاد» منصة تتويج خاصة لنقول لكل واحدة منهن «أنتِ بطلة». في درب الحياة نمر بتحديات وصعوبات تختلف من شخص لآخر، وبالنسبة لنورة الزرعوني، إدارية فريق الإعاقة البصرية في نادي دبي لأصحاب الهمم، فالتحدي كان يبدو ضخماً للغاية، وهي الفتاة الإماراتية «الكفيفة» التي فقدت بصرها بسن الـ 20 عاماً، لكن الإرادة التي تمتلكها صنعت بها المستحيل، بقوة الإيمان الداخلي والتحفيز من العائلة والأصدقاء، لتتحول على مدار السنوات الماضية إلى مصدر أمل يبث «النور» في أروقة نادي دبي لأصحاب الهمم، في حكاية تستحق أن ترويها بنفسها لنتعلم منها كيف نتعايش مع القدر. بدأت حياتي مبصرة، لكنني عانيت من ضعف النظر الذي بدأ يقل تدريجياً حتى فقدته بالكامل بسن العشرين، كان أمراً صعباً بالطبع، أدركت أن حياتي لن تعود كالسابق، وانعزلت عن المجتمع كلياً لعدة سنوات، لكن إيماني بالله عز وجل، أبقاني دائماً قوية لتجاوز هذا الأمر وأدركت أن الأمور قد تتغير، عندما علمت عائلتي التي لم تكن تدرك وجود أندية ومراكز لدعم المكفوفين في الدولة وفرتها لنا القيادة الرشيدة حفظها الله، مما دفعهم لتشجيعي لتجربة الأمر. لا زلت أذكر صوت خطواتي العالقة في ذهني لحد الآن وأنا أتوجه إلى نادي دبي لأصحاب الهمم، الكل رحب بي هناك واحتضني بشكل ممتاز للغاية، لكن يجب أن أعترف بوجود حاجز الخوف والرهبة من خوض هذه التجربة، كنت محظوظة بوجود صديقاتي معي، اللواتي بفضلهن نجحت بالاندماج في النادي وبدأت بممارسة الرياضة ومنه انتقلت لجانب الفنون التشكيلة إلى جانب حفظ القرآن والمشاركة في المسابقات، حتى أصبحت إدارية فريق الإعاقة البصرية في النادي بعد رحلة بدأت عام 2008. شاركت في رياضة دفع الجلة وحققت نتائج وحصدت ميداليات، خصوصاً في بطولات فزاع لأصحاب الهمم، ثم ركزت على قسم الأنشطة الثقافية وتحديداً الأشغال اليدوية، حيث شاركنا في معارض في عدة أماكن في الدوائر الحكومية والمدارس والبطولات، ثم انتقلت بخطوتي التالية لحفظ القرآن الكريم والمشاركة في مسابقات الحفظ والتجويد، وأنا أحفظ الآن 8 أجزاء، وأسعى بدوري كإدارية لفريق الإعاقة البصرية في النادي لأن أكون حلقة الوصل بين أولياء الأمور والأبناء والبنات مع الإدارة، وأن أقوم بتحفيزهم وتشجيعهم. بالنسبة لبصري، لا أدري هل يمكن أن أستعيده، لكن بحسب التشخيص داخل الدولة لم يكن هناك إمكانية لذلك ولم تتسن لي المحاولة خارج الدولة بسبب ظروفنا الخاصة، وحلمي الأكبر أن أكمل حفظ القرآن بالكامل يوماً ما، وأن أمتلك معرضي الخاص للأشغال الفنية.
مشاركة :