• قد يبدو العنوان مضحكاً وغريباً في آن ، لكنه في رأيي يمثل إشكالية وجود خطيرة، وأزمة فكر كبيرة لا تشعر بها (الببغاوات) للأسف ! . الببغاء طائر جميل ومسلٍّ .. ولعل سر تعلقنا به هو أنه الحيوان الوحيد - بعد الإنسان طبعاً- الذي يمكنه الكلام ، والثرثرة و ( طق الحنك ) ، لكن اللافت أن هذا الكائن الجميل لم يتقدم خطوة واحدة رغم كلامه الكثير ، بل انه لم يستطع حتى تحرير نفسه من (عبودية ) أقفاص الزينة التي سجنه فيها صديقه الإنسان . • في فترات سابقة شاع تعريف سخيف للإنسان بأنه حيوان ناطق .. لكنه سرعان ما سقط ، ليس لأنهم اكتشفوا حيوانات أخرى ناطقة ، بل لأنهم أدركوا أن الميزة الحقيقية للإنسان ليست في لسانه بل في عقله ، وأن القوة الحقيقية التي عمرت هذا الكون لم تكن في قدرة الإنسان على الكلام .. بل في مقدرته على التفكير والنقد ،والتحليل والنقاش . • ( الببغائية ) تعني تقليد الكلام وترديده دون وعي أو فهم ، وبمعنى آخر هي تعطيل العقل وكل أدواته مقابل الترديد ، وهي ظاهرة تحتاج للدراسة في مجتمعاتنا العربية التي أكاد أجزم أنها المحضن الأول لهذا المرض العضال ، خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي( تويتر ، واتس اب ) التي كرست هذه الثقافة وعززتها . • الببغائية ليست رأياً ، ولا وجهة نظر ، وهي أسوأ في رأيي من ( منهجية القطيع) ذلك أن الببغاوات تدعي المعرفة ، بينما تدرك (خرفان القطيع) جهلها حتى وهي تسير نحو حتفها .. وتظهر خطورة (الببغاء) أكثر في الأفكار التصنيفية والتكفيرية ، خصوصاً عندما يحرض على القتل باسم الله وإرضاءً لوجهه، غافلاً عن كل الدعوات الربانية للتبين والتفكير والتأمل والتدبر! . كلما ازدادت نسبة (الببغاوات) في مجتمع ازدادت نسب الجمود والتخشب ، والمؤسف أن أكبر مصانع الببغائية في عالمنا العربي هي المدارس ، فالتعليم الذي يتجاهل غرس مهارات التفكير والبحث والنقد والتحقيق ، لن يمد مجتمعه إلا بالمزيد من العقول المغرقة في بحور التقليد، والتبعية وسذاجة التفكير . m.albiladi@gmail.com
مشاركة :