•لا أحد على سطح الأرض يجهل الأرجنتين ..فهي البلاد التي أخرجت عمالقة كرة القدم على مر التاريخ ( مارادونا .. كيمبس ..باتيستوتا .. وأخيراً ميسي) .. وكذلك الطبيب الثائر( تشي جيفارا ) مالئ الدنيا وشاغل الناس في الخمسينات .. هذا معلوم للجميع بحكم سطوة كرة القدم و جماهيريتها الجارفة .. لكن ما لا يعرفه إلاّ قلة من الناس هو أن الدولة التي تعاني من اقتصاد متعثر ومشاكل مالية أدت بها إلى إعلان الإفلاس قبل سنوات ، كانت في يوم من الأيام واحدة من أغنى دول العالم وأكثرها رفاهية ، بل أنها كانت تفوق أميركا في الرفاهية ، قبل أن تعود (على منكّس قرونها ) إلى حظائر العالم الثالث .. فكيف حدث هذا ؟! •في كتاب «الاقتصاد الكاذب » يذكر الانجليزي (الآن بيتي) أن الأرجنتين أرض الفضة والمعادن النفيسة كانت تتصدر دول العالم اقتصادياً وزراعياً في القرن التاسع عشر .. لقد كان الاقتصاد الأرجنتيني مشابهاً إلى حد كبير، وواعداً بنفس مستقبل الاقتصاد الأمريكي ، فقد كان كلاهما بلداً زراعياً و به تنوع عريض من الثروات .. لكن مع مرور الوقت استعمل الأمريكيون فائض ثرواتهم في بناء اقتصاد صناعي قوي ومستدام ؛ من خلال التركيز على التعليم واستيراد الفكر الصناعي الأوروبي .. أما الأرجنتينيون فاستعملوا فوائض ثرواتهم في استيراد بضائع البذخ والرفاهية من أوروبا،حتى أنها سميت ( أرض العسل) بعد أن استغرق أثرياؤها في إنفاق جزء كبير من تلك الثروة على حياة البذخ والمتع والاستهلاك !.. ونتيجة لهذا الفارق الكبير في الفهم والرؤية والتصرف بين البلدين، انتهت أمريكا إلى ما هي عليه اليوم من قوة وتقدم ، وانتهت الأرجنتين إلى إعلان إفلاسها الشهير قبل سنوات ،وهبوطها من لائحة أقوى إقتصادات العالم وأكثرها رفاهية ؛ إلى الشقاء الذي يكابده الأرجنتينيون يومياً من أجل لقمة العيش ، بعد نهاية شهر العسل !. •بكل بساطة ؛ وبعيداً عن تعقيدات الاقتصاديين ؛ أفلس الأرجنتينيون لأنهم لم يدركوا أن الثروات قابلة للنضوب مهما استمرت ، فأهدروا ثروات بلادهم ببلادة وطيش مقابل بضائع استهلاكية ، وتحولوا من مجتمع منتج إلى مجتمع استهلاكي سلبي ليس له أدنى رؤية مستقبلية لمرحلة ما بعد ( نضوب الثروة ) .. وبالمقابل تطورت أميركا وتصدرت العالم ، لأنها استثمرت ثرواتها في بناء وتنمية الإنسان أولاً ، ثم بالإنفاق على التعليم و البحث العلمي، واستيراد التكنولوجيا بدلا من بضائع البذخ و( بحور العسل) التي غرق فيها الأرجنتينيون . •الثروات كالفرص لا تأتي إلاّ مرة واحدة.. والتاريخ مليء بالعبر والدروس .. لكن هذه الدروس لا يستفيد منها إلا من يقرؤون التاريخ ويستوعبونه جيداً . m.albiladi@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :