عززت دولة الإمارات، طوال السنوات الماضية، اهتمامها بالمستقبل، وأبدعت في تطوير قدراتها في مجال الاستشراف والجاهزية وصنع السياسات الاستباقية عبر سلسلة مبادرات ركزت على تطوير القطاعات الاقتصادية الحيوية والاستعداد لمواجهة تحديات المستقبل وتطوير البنية التحتية بما يساعد على الانتقال إلى الاستراتيجيات المستقبلية بخطي ثابته. وتبنت الدولة مفهوم حكومة المستقبل، من خلال تعزيز المعارف والخبرات الحكومية باستباقية وجاهزية للمستقبل، وتصميم نماذج عمل جديدة ومستدامة تمكن من الارتقاء بالأداء لبناء مستقبل أفضل للأفراد والمجتمعات، كما سعت الإمارات لتسليط الضوء على التحديات التي ترتبط بمستقبل قطاعات مهمة على المستويات والاقتصادية والاجتماعية كقطاع التعليم والفضاء والأمن الغذائي والمائي. تغييرات هيكلية اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عام 2016، أكبر تغييرات هيكلية في تاريخ الحكومة الاتحادية؛ بهدف تحسين الأداء الفعّال والكفء، وتعزيز الجاهزية للتحديات المستقبلية، المصاحبة لحقبة الإمارات ما بعد النفط، حيث حازت بعض القطاعات عناية قصوى من قبل حكومة المستقبل لأهميتها للفرد الإماراتي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة بوجه عام، مثل: السعادة، والابتكار، والاستدامة، والتسامح، والشباب. وبرزت أهم التغييرات في حكومة المستقبل، باستحداث ثلاثة مناصب وزارية جديدة، ضمت: وزير دولة للسعادة، وزير دولة للشباب، ووزير دولة للتسامح، وكان الهدف من استحداث منصب وزير دولة للسعادة هو مواءمة خطط الدولة كافة، وبرامجها، وسياساتها، لتحقيق سعادة المجتمع، أما الهدف من استحداث منصب وزير دولة للشباب فهو معالجة القضايا المتعلقة بالشباب وتلبية اهتماماتهم، وتمكينهم من المشاركة بشكل حيوي في تطوير الدولة، كما اسُتحدث منصب وزير دولة للتسامح، وذلك لترسيخ التسامح، والاعتدال وتقبل الآخرين كقيم أساسية في مجتمع الإمارات. أول تجربة قال الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية: طورت جامعة حمدان الذكية أول تجربة «ميتافيرس» تتيح دخول الجامعة بطريقة افتراضية وزيارة أقسامها كافة، والتحدث إلى موظفيها عبر شخصية الافاتار والاجتماع معهم في غرف الاجتماعات، كذلك التسجيل وزيارة المكتبة، وذلك كله مدعوماً باللغة العربية. وبين أن استراتيجية دبي للميتافيرس تتماشى مع استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، وجهود الدولة في تعزيز التحول الرقمي وتمكين الأفراد والجهات ومختلف القطاعات، لتوفير فرص جديدة، ما يرسخ مكانة دولة الإمارات وجهة للذكاء الاصطناعي ومنصة اختبار مفتوحة لتكنولوجيا المستقبل للارتقاء بحياة الناس. التحديات المستقبلية قالت دبي بالهول الرئيسة التنفيذية لمؤسسة فكر: تسعى دولة الإمارات لتسليط الضوء على التحديات المستقبلية في مختلف القطاعات، وتعمل دائماً على استشراف المستقبل من خلال الرؤى المستقبلية. وأضافت أن التحديات تُعد حافزاً للجميع على التعاون لعقد الشراكات الهادفة لابتكار وتصميم وصناعة المستقبل الإيجابي الذي تتطلع البشرية إليه، من أجل تقدم شامل وتنمية متكاملة مستدامة تحقق حياة أفضل للإنسانية. وأكدت أن التكنولوجيا والرقمنة والابتكارات والإبداعات البشرية قادرة على تخطي الحدود الجغرافية وتصميم مستقبل قوامه المعرفة والعلوم وتبادل المعارف والخبرات لمضاعفة الأثر الإيجابي في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية. أخبار ذات صلة 112 ألف طن سماد محلي من النفايات الزراعية في 2021 نورة الكعبي تتعرّف على مقتنيات متحف الفنّ المصري الحديث استراتيجية الإمارات تهدف «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل» لاستشراف الفرص والتحديات في القطاعات الحيوية كافة بالدولة مبكراً، وتحليلها ووضع الخطط الاستباقية بعيدة المدى لها على المستويات كافة لتحقيق إنجازات نوعية لخدمة خطط الدولة. وتسعى الاستراتيجية للمساهمة في تشكيل حكومة المستقبل التي تسعى لتبني الفرص العالمية الجديدة كافة واستباق التحديات الاقتصادية والاجتماعية القادمة. وتشمل الاستراتيجية بناء نماذج مستقبلية للقطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية والتنموية والبيئية ومواءمة السياسات الحكومية الحالية، بالإضافة لبناء قدرات وطنية في مجال استشراف المستقبل، وعقد شراكات دولية وتطوير مختبرات تخصصية، وإطلاق تقارير بحثية حول مستقبل مختلف القطاعات في الدولة. وتتضمن الاستراتيجية آلية عمل الحكومة وبناء القدرات ووجهة المستقبل، وتقع ضمن كل محور من محاورها مهام وواجبات سنعمل على تنفيذها ضمن الجدول الزمني المحدد. وتهدف الاستراتيجية إلى وضع أنظمة حكومية تجعل من استشراف المستقبل جزءاً من عملية التخطيط الاستراتيجي في الجهات الحكومية، وإطلاق دراسات وسيناريوهات لاستشراف مستقبل القطاعات الحيوية كافة، ووضع الخطط والسياسات بناء على ذلك. التعاون المستدام قال سالم المري مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، إن تحديات قطاع الفضاء المستقبلية تكمن في زيادة الحطام الفضائي، بسبب زيادة عدد الأقمار الاصطناعية والتي يتم إطلاق الآلاف منها سنوياً، مبيناً أهمية أن تشارك الدول كافة في مجال الأبحاث والاستكشافات في قطاع الفضاء، مشيراً إلى الدعم الذي توليه دولة الإمارات لدعم علوم وتكنولوجيا الفضاء وتعزيز الابتكار. وأكد المري أن الإمارات تسعى لتوسيع الآفاق وتطوير الإمكانات في مختلف المجالات، مع التركيز على الاستكشاف والابتكار وتنمية التعاون الدولي بطرق مستدامة، بالإضافة إلى التعاطي مع التحديات التي تواجه قطاع الفضاء والسعي لصياغة سياسات دولية لعلاجها، مشيراً إلى أن القطاع الفضائي في الإمارات في تطور مستمر. تبني نهج الترابط أكدت الدكتورة نسرين لحام رئيس مجلس الإدارة بمنتدى الدراسات المستقبلية لأفريقيا والشرق الأوسط، أهمية تبني نهج الترابط الحضري من أجل تحسين مستويات الأمن المائي والغذائي وأمن الطاقة مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، وذلك بالنظر في الترابط بين القطاعات المختلفة، وفي كل المستويات الإدارية من المستويين الإقليمي والوطني حتى المستوى المحلي. وبينت مدى أهمية التأكيد على دور الجهات الحكومية في تبني نهج الترابط فيما يتعلق بالمشتريات الحكومية، من خلال وضع معايير بيئية لهذه المشتريات، وتبني نهج الترابط في المباني الحكومية، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة، لتكون مثالاً يحتذى به. وأضافت أن الدراسات المستقبلية تُعد أدوات لاتخاذ قرارات رصينة في الحاضر بناء على دراسة المستقبل، وذلك لا يُعد تنبؤاً بالمستقبل، بل استشراف للمستقبل عن طريق دراسة المستقبليات المحتملة والمرغوبة وغير المرغوبة بأشكالها المختلفة، لنرى التحديات التي يمكن أن نواجهها. و تابعت: هذا ما أدركته الإمارات وبدأت فعلياً في تنظيم واستضافة العديد من الفعاليات التي تضم الخبراء من كل أنحاء العالم لتبادل الخبرات المختلفة والاستفادة من الدول الناجحة والمتقدمة في هذا المجال، إضافة إلى وضع سياسة منهجية لهذه الدراسات في كل مجالاتها لتحقيق أعلى استفادة ممكنة. إعادة هندسة الطالب حدد الدكتور منصور العور رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية 4 تحديات تواجه قطاع التعليم العام والعالي، تتمثل في إعادة تعريف الطالب بحيث يتحول إلى التعليم الذاتي، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة لإعادة هندسة الطالب، متطرقاً إلى التحدي الثاني المتمثل في المعلم، وضرورة تغيير دوره من ملقن للمعلومة إلى مشرف وموجه، معتقداً أنه تحدٍّ يحتاج إلى العمل بجد، وصولاً إلى تغيير كلي، لافتاً إلى أن هذا النهج تتبعه الجامعة لديهم، حيث يتم تدريب الهيئات التدريسية على التعليم الذاتي. وبين العور أن المناهج تعد تحدياً ثالثاً، لأن المعلومات متاحة للطلبة ويمكن لهم الولوج إليها، ما يعني أن على المعلم المدرب أن يكون متابعاً ومطلعاً على هذه البيانات والمعلومات، فيما يعتقد أن البيئة التعليمية التقليدية تمثل تحدياً رابعاً لكونها محددة بمكان وزمان والمطلوب هنا أن تكون غير محددة بقيود الزمان والمكان. وأكد أن التحديات تحتاج لسن تشريعات جديدة لكون الموجودة تمثل عائقاً في طريق التحول الرقمي، منوهاً بأن الإمارات كانت جريئة في هذا المجال ومنحت الترخيص للجامعات الذكية. وقال إن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة لرسم خريطة التعليم، ومنتدى دبي للمستقبل دليل على نهج الإمارات المنفتح على الآخر، فالحدث فرصة لجمع العقول والاطلاع على التجارب، وعلى ضوء المعطيات الماثلة ستشهد الإمارات تحولاً رقمياً لجامعاتها ومدارسها. وقال جويس جويا الرئيس التنفيذي لمجموعة هيرمان، إن تحديات قطاع التعليم في المستقبل سوف تتطلب التركيز على التعلم الذاتي أو الشخصي نظراً لما لديه من خصائص ومميزات تعليمية مفتوحة، وتطبيق التكنولوجيا في المؤسسات التعليمية بشكل كبير سيساعد على تعدد الطرق التعليمية. وأضافت أن التعليم في المستقبل سيكون مختلفاً تماماً من الجوانب كافة، لافتة إلى أنه لن يكون هناك حاجة لتعليم جميع الأشخاص بالطريقة نفسها وإنما من خلال أساليب مختلفة، وهذا الدور التي تلعبه التكنولوجيا في المستقبل. وبينت إن التكنولوجيا ستساعد المتعلمين بشكل أفضل سواء كانوا أطفالاً أو شباباً، مشيرة إلى أن البيئة المحيطة حالياً مهيأة إلى حد كبير لتطبيق هذا التحول في طرق التعليم. توطين الروبوتات في «التعليم» عن دور الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، قالت البروفيسور يونغسوك بارك، المتخصصة في دراسات المستقبل في جامعة يونسي بكوريا، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الذكاء الاصطناعي بديلاً للمعلمين، لكن يمكن الاعتماد على الروبوتات بشكل عملي وكبير كعنصر مساعد في العملية التعليمية، مشيرة إلى أنها أمضت نحو 35 عاماً في دراسات المستقبل، وتقوم حالياً بتدريس الدراسات المستقبلية في الجامعة، والروبوتات موجودة بالفعل وتتم الاستعانة بهما في العملية التعليمية. وأضافت كما أن الذكاء الاصطناعي لديه قدر هائل من المعرفة وستكون لدينا شريحة في المستقبل مثلاً يتم ربطها مع مخ الإنسان وسيتم من خلالها توصيل المعلومات للمتعلمين عن طريق أجهزة الكمبيوتر العملاقة، بحيث لا يضطر الطلبة للدراسة بالطرق التقليدية ولكن عن طريق المعلومات التي يتم تسليمها وتصل في النهاية إلى هذه الشريحة التي تعد مثل الرابط العصبي. وقالت هناك أكثر من 1026 قناة تعليمية توفر الكثير من المعلومات المختلفة الجديدة ما يجعل الدراسة بهذه الطريقة تسهم بشكل تدريجي في عدم الحاجة للذهاب إلى المدرسة، وسيكون لديك مدرسون يقدمون المعلومات عن طريق التكنولوجيا حتى يصبح في المستقبل عدم وجود دراسة ومدارس أمراً طبيعياً. وأوضحت أن ظهور المزيد من منصات التعلم الإلكتروني التي بدورها ستخضع طريقة نقل المعرفة لتحول كبير نحو المنصات عبر الإنترنت، وستوفر المنصات الجديدة للطلاب فرصة لتعلم كيفية مناقشة القضايا وتبادل الأفكار عبر «الإنترنت»، وسيصبح التعلم الإلكتروني في متناول الأشخاص ذوي الميزانية المحدودة.
مشاركة :