أكد أكاديميون واقتصاديون ومصرفيون سعوديون أن تحسين تنافسية قطاعات الدولة مطلب أساس لتحقيق التنويع الاقتصادي الذي لا يزال هدفاً رئيساً متجدداً للحكومة السعودية لمواجهة مخاطر الاعتماد على الموارد النفطية. وأشاروا إلى أن منتدى التنافسية الدولي الذي ستستضيفه الرياض خلال الفترة من 24-26 يناير الجاري، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وبحضور عدد من الشخصيات الدولية والمحلية، قد خصص دورته التاسعة هذا العام لمناقشة (تنافسية القطاعات) لأثرها المباشر في الاقتصاد الكلي للدول، متوقعين أن يركز المنتدى على القطاعات الأكثر تأثيراً في رفع التنافسية بشكل عام، التي من أبرزها التنمية الاقتصادية والبشرية مثل الرعاية الصحية، والنقل، والتعليم، وتقنية المعلومات والاتصالات، وقطاعات الخدمات. وبيّن الاقتصادي والمصرفي فضل بن سعد البوعينين أهمية التنافسية بأنها أصبحت الوسيلة الضامنة لبقاء القطاعات والشركات في الأسواق، ومن دونها لا يمكن لقطاع الإنتاج الاستمرار في تحقيق الربحية والتوسع وضمان الحصول على حصص إضافية في الأسواق العالمية، مشيرا إلى أنها المحرك الحقيقي لنمو الاقتصادات المحلية والعالمية، وهي الأقدر على جذب الاستثمارات الأجنبية الضخمة. وأضاف أنه لم تعد الدول تعتمد في تنمية اقتصاداتها على مواردها المالية الخاصة، بل باتت تتسابق لجذب الاستثمارات الأجنبية المتنوعة وتوظيفها التوظيف الأمثل لتحقيق التنمية، وتنويع مصادر الدخل، وإيجاد الوظائف لمواجهة الطلب المتنامي الناتج عن النمو السكاني الكبير. وأوضح البوعينين أن الاقتصاد السعودي يتمتع بمقومات ساعدته على امتصاص صدمات الأزمات العالمية والخروج منها بأقل الأضرار، مبينا أن الأزمة الاقتصادية العالمية كشفت عن متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على تجاوز العقبات، بعد أن خرج سليما معافى من تداعيات الأزمة العالمية الطاحنة. وأكد أن بيئة الاستثمار السعودية المدعمة بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والمُحققة لمتطلبات التنافسية العالمية، أسهمت في زيادة حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية، مشيرا إلى أن تنافسية المملكة ستساعدها كثيرا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتحفيز الرساميل المحلية. من جانبها رأت أستاذة إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود والمعهد العالمي للتجارة بباريس الدكتورة منيرة بنت عرب أن تنويع الاقتصاد يتطلب تغييراً في منهجية النشاط الاقتصادي وآليته بما يسمح برفع كفاءة الإنتاج، وتحقيق موارد متعددة للخزينة العامة، ورفع كفاءة القطاع الخاص، وتعزيز تنافسيته. وبيّنت أن هذا التنوع يمكن تحقيقه بمختلف المصادر الممكنة، سواء بتفعيل برامج التخصيص للقطاعات الحكومية، وتنويع مصادر دخلها، والتركيز على توطين التقنية بجذب استثمارات أجنبية نوعية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم المدن الاقتصادية لتأهيلها سريعاً كبيئة جاذبة للاستثمار، والتسريع بإصدار أو تطوير الأنظمة التي يحتاج إليها بعض القطاعات الرئيسة كالتطوير العقاري والصناعي والمالي، مع الاستمرار في برامج تأهيل وتطوير الموارد البشرية بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد وقطاعاته الحيوية. ورأت الدكتورة منيرة بنت عرب أن المملكة تمتلك مقومات تحقيق التنويع الاقتصادي؛ فهي تمتلك موارد مالية كبيرة لتمويل مشاريع مستقبلية، وإضافة إلى النفط فإنها تتمتع بالغاز وثروات طبيعية أخرى كبيرة، منها: الحديد والفوسفات والنحاس والذهب والفضة والبلاتين والرصاص. وفي الإطار نفسه ذكرت أستاذة الاقتصاد بجامعة الملك سعود نائبة رئيس جمعية الاقتصاد السعودية الدكتورة نورة اليوسف أن المملكة دخلت مرحلة التنويع الاقتصادي منذ نحو عقدين مستفيدة من قاعدة استثمارية صناعية بحجم 150 مليار دولار، وتجاوزت الصادرات غير النفطية 200 مليار ريال، مشيرة إلى أن الناتج غير النفطي أصبح يشكل أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي الكلي بالقيمة الأسمية، وتجاوزت حصة نشاط القطاع الخاص غير النفطي ثلث إجمالي الناتج.
مشاركة :