تواجه مصر عقبات قانونية في استعادة أموال رموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك والمهربة في البنوك السويسرية، بعد 5 سنوات من الإطاحة بحكمه، الذي استمر 30 عاما. وقال النائب العام السويسري مايكل لوبير في القاهرة أمس إن «جميع الأحكام الصادرة مؤخرا ضد مسؤولي النظام الأسبق، سوف يتم تحليلها الآن، وإذا لم نجد علاقة مباشرة بين الجريمة التي تم صدور الحكم بشأنها والأموال المنهوبة في سويسرا، لن نعيد تلك الأموال». وأنهى وفد قضائي سويسري، برئاسة لوبير أمس زيارة إلى العاصمة المصرية استمرت يومين، عقد خلالها جلسة مباحثات مع عدد من المسؤولين المصريين لإيجاد حلول للمشكلات القانونية التي تواجه استرداد نحو 590 مليون فرنك سويسري مملوكة لـ14 شخصا من رموز نظام مبارك. وقال المستشار عادل السعيد، مساعد وزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع في مصر أمس إن «رؤية بلاده لاسترداد الأموال المهربة إلى الخارج خاصة في سويسرا، تتمثل في إعادة الأموال المجمدة في الخارج بحالتها إلى السلطات المصرية، ومتابعة إجراءات التقاضي التي تجري بشأنها لحين الفصل فيها بصورة باتة»، مؤكدا أن في مصر قضاء عادلا ونزيها ومستقلا. وأوضح السعيد أن نقل هذه الأموال إلى مصر سوف يدفع أصحاب تلك الأموال إلى اتخاذ إجراءات التقاضي بشأنها، خاصة في ما يتعلق بحق من صدرت بشأنهم أحكام قضائية غيابية بالإدانة، بحيث تتم إعادة محاكمتهم بما من شأنه سرعة التوصل إلى أحكام باتة قي تلك القضايا، إلى جانب أن التعديلات القانونية الأخيرة في قانون الكسب غير المشروع أتاحت حق اتخاذ هذه الإجراءات بواسطة وكيل عن المتهم وبما لا يشترط حضوره بشخصه. وأكد أن اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال المهربة في الخارج والتي يرأسها النائب العام، هي التي تمثل الدولة المصرية في طلبات المساعدة القضائية ومخاطبة السلطات القضائية النظيرة في الخارج في شأن استرداد الأموال المنهوبة والمودعة لديها. وأشار إلى أنه بالنسبة لحالة مبارك ونجليه (علاء وجمال)، فإن هناك حكما قضائيا باتا أثبت حالة الفساد المالي بحقهم، والتي يجب أن يكون لها أثر في إعادة أموال هذه الأسرة المهربة في الخارج. وأوضح أن هناك تعديلات تشريعية طرأت على قانون الإجراءات الجنائية وقانون الكسب غير المشروع، بما يتيح فرص التصالح في هذه القضايا، بهدف استرداد الأموال المنهوبة مقابل إسقاط العقوبات المقيدة للحرية والعقوبات المغلظة، وذلك للجادين من رموز نظام مبارك. وأعرب المستشار السعيد عن أمله في أن يكون هناك أثر إيجابي للتعديلات التشريعية التي طرأت على القانون السويسري، في استعادة الأموال المنهوبة من مصر بمعرفة رموز النظام الأسبق. في المقابل، أكد النائب العام السويسري حرص بلاده على التعاون مع مصر في استردادها الأموال المهربة الخاصة برموز نظام مبارك، شريطة توافقها مع الإجراءات القضائية السويسرية، ونوه إلى أن القانون السويسري يستلزم إيجاد روابط بين الأموال المهربة والجرائم المرتكبة في مصر حتى يتم ردها. وقضت محكمة النقض، أعلى جهة قضائية في مصر، الأسبوع الماضي، برفض طعن مبارك ونجليه على حكم سجنهم ثلاث سنوات في قضية الاستيلاء على أموال «القصور الرئاسية»، وأيدت حكمًا بسجنهم ثلاث سنوات وتغريمهم 125 مليونا و779 ألف جنيه، وإلزامهم مجتمعين برد 21 مليونا و107 آلاف جنيه. وهذه هي أول قضية يدان فيها الرئيس الأسبق مبارك ونجلاه بحكم نهائي. وأوضح لوبير أن سويسرا لن تستطيع إعادة أموال مبارك المهربة لديها في حال عدم وجود علاقة مباشرة بينها وبين الحكم النهائي الصادر ضد مبارك في قضية «قصور الرئاسة»، مضيفا أن «الأحكام الأخيرة التي تدين مبارك يجب تحليلها بعناية، الأمر الذي يستغرق وقتا طويلا». وكشف عن أن هيئة الدفاع عن رموز نظام مبارك في سويسرا، عرضت إمكانية إجراء تصالح مع السلطات المصرية من خلال التفاوض على قيمة الأموال التي سيتم إعادتها إلى مصر، معربا عن أمله في إمكانية استغلال تلك الفرصة المتاحة بهذا الشأن بهدف إيجاد حل جذري للأموال المهربة واستعادة مستحقات مصر إثر إتمام ذلك التصالح، بما يرضي كل الأطراف. وأشار إلى أن السلطات السويسرية تتعامل في ما يتعلق بأموال 14 شخصا من رموز حكم مبارك في سويسرا مع كل حالة منهم على حده، مؤكدا أنها لا تتعامل معهم كجماعة إجرامية ارتكبت جريمة منظمة. بدوره، قال باتري لامور رئيس المدعين الفيدراليين في سويسرا، إنه كان قد توصل إلى قناعة تامة خلال التحقيقات بشأن أموال رموز حكم مبارك الموجودة في سويسرا، بأنها ناتجة عن أعمال إجرامية ومشكوك فيها، وأنه تمكن من إقناع المحكمة المختصة بذلك والتي قررت بدورها تجميد تلك الأموال. وأضاف أن لديه قناعة بأن هذه الأموال يجب أن تعود إلى مصر، لكن من خلال إتمام الإجراءات القانونية اللازمة وبما يتفق مع أحكام القانون السويسري. وأكد أن الحل الأسرع والأفضل لتلك القضية، هو التفاوض بين أصحاب تلك الأموال المهربة عبر محاميهم وبين السلطات المصرية، بحيث يتم التصالح بشأنها معهم، بما يمكن مصر من سرعة استعادة مستحقات الشعب المصري، مشيرا إلى أن هناك عراقيل قد تواجه استمرار تجميد تلك الأموال داخل سويسرا لأكثر من ذلك.
مشاركة :