مَن يُراقب النَّاس وكَلِمَاتهم، ومُفردَاتهم وألفَاظهم، يَجد أنَّها غَنيّة لَيس بالكولسترول؛ بَل بالشَّكوَى، وسَمينة لَيس باللَّحم والشَّحم، وإنَّما بالتَّذمُّر والسَّخَط.. مِن هُنَا دَعونا نُحلِّل هَذه الظَّاهِرَة بكُلِّ هدُوء ومَعقوليّة..! يَقول بَعض الأئمّة: (كُلّ مِحْنَة تَأتي ومَعها مِنْحَة)، ويَقول آخَرون: إذَا حُلّت الأزمَات اكتَشفنَا الأخطَاء والسَّلبيّات، لِذَلك دَعونَا نَبْتَعَد عَن التَّفَاؤل والتَّشَاؤم، ونُفعِّل خَاصِّية العَمَل، لأنَّ البُكَاء واللَّطم عَلى اللَّبن المَسكوب لَا يُجدي، بَعد أنْ اختَلَطَ بالتُّراب..! إنني لَستُ ضِدّ السَّخَط والشَّكوَى والتَّذمُّر، فمِن حَق كُلّ إنسَان أنْ يُمَارسها، ولَكن المُشكِلَة مَع هَذه الأفعَال؛ أنَّها لَا تُعدّل مَائلًا، ولَا تُصلح فَاسِدًا، بَل هي مُعْدِيَة، وتَنشر في المُجتمع ثَقَافة التَّشَاؤم والسَّخَط، واللَّطم والإحبَاط..! صَحيح أنَّ كَثيرًا مِن نَوَاحي الحيَاة عِندَنا؛ تَحتاج إلَى عَملٍ أكثَر وجُهدٍ أكبَر، وهَذا نَتّفق عَليه، وقَد ندْعَمه بكُلِّ الوسَائل، إلَّا أنَّ السَّخَط والإحبَاط؛ والشَّكوَى والتَّذمُّر، لَن تُفيد ولَو خُطوَة وَاحِدَة في طَريق الإصلَاح..! يَقول شَيخنا «محمد الغزالي» في وَاحِدَةٍ مِن تَجلِّياته: (إنَّ عُشَّاق السَّخَط ومُدمني الشَّكوَى، أَفشَل النَّاس في إشرَاب حيَاتهم مَعنَى السَّعَادَة؛ إذَا جَفَّت مِنهَا، أو بتَعبيرٍ أَصَحّ، إذَا لَم تَجيء وفق مَا يَشتهون، أمَّا أصحَاب اليَقين وأُولو العَزم، فهُم يَلْقَون الحيَاة بِمَا في أنفسهم مِن رَحَابَة، قَبل أنْ تَلقَاهم بِمَا فِيهَا مِن عَنَت)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي التَّاكيد عَلى أنَّ الرِّجَال يُردّدون دَائمًا؛ أنَّ الشَّكوَى لغَير الله مَذلّة، وتَعَارَف النَّاس عَلَى أنَّ التَّذمُّر والتَّشكِّي، مِن أفعَال النِّسَاء، وقَد قَال صَديقي «ورّاق بن حبّار»: (إذَا رَأيتَ صَديقك يَتذمَّر ويَشتكي كَثيرًا، فانْصَحه بعَرض نَفسه عَلى طَبيب، للتَّأكُّد مِن عَدم وجُود هرمُونَات أُنثويّة في جِسمه)..! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :