في الثَّقَافَة العَربيّة؛ الأَصل في الفَرد أن يَكون مَع الجَمَاعَة، ومَن شَذَّ عَن الجَمَاعَة فقَد شَذَّ في النَّار، وهَذه الرُّؤية -أعني أن يَكون المَرء مَع الجَمَاعَة- مُفيدة وصحيّة ومُهمّة؛ في جَانب بنَاء المُجتَمعَات وتَوحيد صفُوفها، ولَكنَّها لَيست مُهمّة في عَالَم الإبدَاع وطَريق التَّميُّز..! بَل إنَّ الأمر قَد يَصل إلى العَكس، بحَيثُ لا يَكون المَرء مُبدعاً إلَّا إذَا خَرَج عَن السِّيَاق، وابتعد عَن الطّيران مَع السِّرب، ليُغرِّد مُنفرداً؛ وحَاملاً بَصمته الصّوتيّة ولَمسته الثَّقافيّة..! لَو سَألنا أنفسنا: لمَاذا نَحنُ نَعرف «الخليل بن أحمد الفراهيدي»، أو «المتنبِّي»، أو «شكسبير»، أو «الجاحظ»، أو «جورج برنارد شو»، أو «علي حرب»..؟! لمَاذا نَعرف كُلّ هَؤلاء وغَيرهم مِن المُبدعين؛ ولَم نَعْرِف -في ذَات الوَقت- النَّاس الذين كَانوا يَعيشون مَعهم..؟! لَو طَرحنا هَذا السُّؤال؛ سنَجد إجَابَة وَاحدة لَا ثَانية لَهَا: إنَّه التَّميُّز والتَّفرُّد الذي خَالَف السَّائِد، وقَدّم الرَّائد، وتَخلّى عَن الزَّائِد، ونَاكف المَألوف، وانقَلَب عَلَى المُتعارف عَليه والمَعروف..! ولَو تَساءَلنا: لمَاذا قَلّ الإبدَاع بَيننا الآن؟! سنَجد الجوَاب يَقول: لقلّة مَن يُحبّون المُغامرة، ومَن يَعشقون التَّميُّز، وهَؤلاء النَّاس -أعني الطَّامحين إلَى التَّميُّز- لا أُحمّلهم كُلّ المَسؤولية، بَل جُزء مِن المَسؤوليّة يَتحمّله المُجتمع، الذي يُحطّم ويُقزّم كُلّ مَن يُحاول التَّفرُّد..! بالله عَليكم، تَأمّلوا هَذه المَقولات؛ التي نَسمعها تُقذف في وَجه كُلّ مَن يُريد التَّميُّز، مِثل قَولهم: «فُلان يَبحث عَن الشُّهرَة»، أو «هَذا الكَاتِب يُريد الأضوَاء»، أو «خَالِف تُعرف»، وآخَرها مَقولة «في آخر الزَّمَان تَتحرّك الرّويبضة»..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: أيُّها المُبدعون والمُبدِعَات، والمُتميّزون والمُتميّزات، شقّوا طَريقكم، ولا تَلتفتوا للمُحطِّمين والمُحطِّمات، والمُقزِّمين والمُقزِّمات، واعلَموا أنَّ كلّ مَن سَبقكم مِن -المُبدعين والمُتميّزين- قَد تَم مُحاربتهم مِن قَبلكم، وقِيل لَهم: إنَّكم تَبحثون عَن الأضوَاء..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain