الوطن والمواطن - يوسف القبلان

  • 1/24/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نتفق على حب الوطن، ونختلف في أساليب التعبير عن هذا الحب. مشاعرنا الوطنية تأخذ بعضنا إلى المبالغة في المديح، وتأخذ بعضنا الآخر إلى المبالغة في النقد. هناك من يرى أننا الأفضل في كل شيء، وهناك من يرى أننا الأسوأ في كل شيء. الأول يتحول إلى وسيلة إعلامية بعيدة عن الموضوعية والطرح العلمي، قريبة إلى اللغة العاطفية والخطاب الإنشائي الذي يضع وطنه في مقدمة الأوطان دون الاستناد إلى حقائق. الثاني يتحول إلى مواطن سلبي يبحث عن النقطة السوداء في الصفحة البيضاء، يتحول إلى ناقد ساخط لا يعجبه أي شيء وطني ويسخر من كل شيء بما في ذلك الطقس! الأول لا يساهم في البناء، والثاني يساهم في الهدم، الأول يتجاهل الأخطاء والمشكلات، والثاني يتجاهل الإنجازات والمكتسبات، الأول لا يفيد، والثاني ضرره كبير. إن حب الوطن شعور طبيعي لا يفرضه علينا أحد. ومن علامات الحب أن تبدي الملاحظات وتعاتب من تحب. لن تطلب من عدوك أن يكون أفضل! والسؤال هنا: كيف نعبّر عن الحب للوطن؟ يمكننا التعبير عن حب الوطن بطرق مختلفة منها صدق القول والعمل. والمساهمة في بنائه وتنميته، وحمايته من الأخطار بمختلف أنواعها. الوطن للجميع، وكل مواطن يستطيع المشاركة حسب مجاله وقدراته. أما في مجال الأمن فالمشاركة واجب على الجميع. ومن طرق التعبير عن حب الوطن المشاركة في إيجاد الحلول من خلال النقد الموضوعي بدلاً من الانسحاب والسلبية وجلد الذات. ومنها الإخلاص في العمل والتعاون لتحقيق المصلحة العامة، وعدم الانخداع بالحملات الإعلامية المعادية. من الوطنية مثلاً أن تطالب بتطوير التعليم والخدمات الصحية وأن تسلط الضوء على الأخطاء في كل المجالات. وليس من الوطنية استغلال الأخطاء لتوجيه نقد غير بناء، أو استغلالها للوصول الى أهداف تتعارض مع مصلحة الوطن. لا تهدم الوطن بسبب خطأ، ولكن اهدم الخطأ من أجل الوطن. المواطن المحب لوطنه لا يخضع لاختبار المصداقية، هو يحب وطنه بالأفعال قبل الأقوال، ويقف معه في كل الظروف ويعلم أن بعض الظروف قد تكون صعبة ولكن مهما كانت صعوبتها فإنه لا يتخلى عن الوطن ولا يخون الوطن ولا يتوقف عن العمل لخدمة الوطن بصدق وأمانة وإخلاص. إن أهم تعبير عن حب الوطن هو أن تنعكس الثقافة الإسلامية على سلوك المواطن. الرقابة الذاتية – مثلاً- مبدأ إسلامي عظيم وأحد العوامل الجوهرية المؤثرة في قضايا التطوير والتنمية والتغيير نحو الأفضل. سلوك يرفض أي مساس بوحدة الوطن وأمن الوطن. سلوك يطبق مبادئ الإسلام في العدل والمساواة والتكافل والمحبة والسلام. سلوك يسعى لحقوقه بطريقة حضارية ويحترم حقوق الآخرين. الرقابة الذاتية هي الإخلاص في العمل، هي احترام الأنظمة والقوانين، هي اتقان الأداء، هي سلوك إنساني متحضر وقيمة إسلامية تقوي علاقة الإنسان بربه وتجعله رقيباً على سلوكه متفاعلاً مع مجتمعه بطريقة إيجابية تنقله من منطقة المشاركة الوجدانية إلى المشاركة العملية. وبهذا السلوك يستطيع المواطن التعبير عن حبه لوطنه بطريقة عملية، كما يستطيع أيضاً أن يحصل على حقوقه. إن العلاقة بين الوطن والمواطن هي علاقة انتماء وولاء، لكنها ليست علاقة عاطفية فقط. ولهذا لابد من المصارحة والتقييم المستمر والنقد الموضوعي وأن يكون المواطن جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة. ليس المطلوب من المواطن أن يبالغ في المدح والثناء ولا أن يفعل العكس. المطلوب الاستناد إلى لغة العلم والحقائق وعدم الانسياق وراء الشائعات أو القيام بنشرها. المطلوب أن يكون المواطن عضواً فاعلاً في السراء والضراء وألا يقفز من المركب إذا اشتدت الأمواج، وألا يسلم عقله لأعداء الوطن. Yousef_algoblan@hotmail.com

مشاركة :