* مع كلِّ مناسبةٍ تتطلبُ استدعاءَ التاريخ تُثارُ عديدُ الأسئلة.. التي لا تجدُ لها إجاباتٍ علميةً دقيقة.. أكثرُ من قصص وحكاوى ورواياتٍ شعبية يغلبُ على كثيرٍ منها عدمُ الدقةِ وأحيانًا الأسطورة.. * في مهرجان جدة «كنّا كدا».. برزتْ مثلُ هذه الأسئلةِ، وبعضُها وجدَ إجاباتٍ خاطئة كليةً، ولا تتفقُ وحقائقَ التاريخ وواقعَ الجغرافيا.. من ذلك موقعُ الرغامة وهو الموقعُ الذي شهدَ حدثًا تاريخيًا مفصليًا.. حين كان المعسكرُ الرئيسُ لقواتِ الملك عبدالعزيز في حصارِه لجدةَ وضمها لعملية التوحيد التي نتفيّأ ظلالَها أيامَنا هذه. * أمانةُ جدة وفي خطوةٍ مؤسفة.. قرَّرتْ وحزمتْ أمرها وبنتْ مركزًا سمّته مركز الملكِ عبدالعزيز التاريخي في منطقة تقعُ شمال شرق جامعة الملك عبدالعزيز وبامتداد طريق الملك عبدالله.. كتخليدٍ للحدثِ التاريخي بزعم أن هذا المكانَ هو مكانُ معسكرِ الملكِ المؤسس وأصبح الحيُّ المجاورُ للمركزِ يُسمَّى حي الرغامة.. وهناك لوحاتٌ إرشاديةٌ تشير إليه وإلى المركزِ مما جعله في أذهانِ العامةِ حقيقةً ثابتة!؟ وفي ذلك تحريفٌ لحقائقِ التاريخِ والجغرافيا. * في خرائطَ قديمةٍ لجدة تُوضِّح بجلاء موقعَ الرغامة وهو مختلفٌ كليةً وبعيدٌ جدًا عن الموقعِ الذي اعتمدتْه الأمانةُ فهو يقعُ إلى شرق النزلةِ اليمانية وفي الطريقِ إلى مكة المكرمة.. لكن الإشكاليةَ أن الأمانةَ وعددًا كبيرًا من المؤسساتِ الحكوميةِ والأهليةِ لا يعترفون بالتخصصِ، وأذكرُ أنني وفي زمنِ تفكيرِ أمانة جدة إقامةَ الرغامة وكنت حينها رئيسًا لقسمِ التاريخ بجامعة الملكِ عبدالعزيز طالبتْ في إحدى مقالاتي الاستعانةَ بمتخصِّصي الجامعةِ من المؤرخين والجغرافيين لتحديدِ الموقعِ الصحيحِ، ولكن لم يجدْ ذلك آذانًا صاغية وعقولاً واعية. * مهمةُ مؤسساتِنا الأكاديميةِ والبحثيةِ والمجتمعيَّةِ وضعُ الضوابطِ وتصحيحُ الأخطاءِ حتى لا يتحوّلَ تاريخُنا وهويتُنا إلى ألوانٍ رماديةٍ يصعبُ تحديدُها. aalorabi@hotmail.com
مشاركة :