المحامي أوباما : «اصحى يا نايم» - د.مطلق سعود المطيري

  • 12/21/2013
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

أوباما استاذ قانون جيد يحكم على المتغيرات والتحديات التي يواجهها بمعيار قانوني بحت، فلا مجال في قراراته للمبادرات السياسية التي ربما تحملها له روح المغامرة والتحدي، فقد فرضت عليه خبرته القانونية التعاطي مع الشؤون السياسية كمحام وليس كسياسي، فرجال القانون يحكمهم النص المكتوب مسبقا وليس البحث عن رؤية جديدة لم تختبر بعد.. فهو صاحب مهنة اكثر منه صاحب مشروع ورؤية؛ فالقانوني الجيد هو من يبتعد عن السياسة وتعقيداتها لكي يخلص لمهنته، والسياسي الجيد هو من يستطيع ان يحيد القانون بمهارة إن اراد اقرار سياسة جديدة لا تتفق مع روح القانون، ووفقا لهذه القاعدة فالرئيس اوباما دائما ما يترافع عن القضايا ليزيد من رصيده المهني في المحاماة، وليس كسياسي محترف يستطيع ان يحيد القانون لصالح السياسة. برز الرئيس اوباما كمحام عن الاتفاق بين الدول ال 6 العظمى وبين طهران، فعندما تقدم السيناتور الديمقراطي روبرت فيديز الى الكونجرس بمشروع قانون يقضي بفرض عقوبات أكبر على ايران اذا فشل الاتفاق المؤقت في أن يؤدي الى اتفاق نهائي لوقف برنامج التسلح النووي الايراني ....، فالسيد اوباما هدد باستخدام الفيتو للاعتراض على المشروع كأداة قانونية خالصة، بعيدا عن وسائل الضغط والاقناع التي يستخدمها السياسي ان اراد ان يمرر قرارا او يمنعه، فالمحامي قد ينجح بكسب قضية ولكنه لن ينجح في تقديم رؤية سياسية او اصلاحية، فالمهني هو من يستطيع ان يكسب قضية محددة في تخصصها اما القائد فهو من يستطيع ان يجعل خصومه قبل مؤيديه شركاء مخلصين له في تقديم رؤيته السياسية الجديدة. طريقة تعاطي اوباما مع الملف الايراني باسلوب المحامي تجعل المتابع يتنبأ بمستقبل الاتفاق، وهو نجاح قانوني مع فشل سياسي ! كيف ؟ إذا عدنا لمشروع القانون المقدم من السيناتور الديمقراطي نجده مشروعا يضع وجاهة سياسية للاتفاق «إذا فشل تزيد العقوبات» فهو كما وصفه مقدمه : « التهديد بفرض عقوبات جديدة – اذا فشل الاتفاق – سوف يجعل طهران تفاوض بإخلاص» .. فالرئيس اوباما ابعد السياسة عن الاتفاق بتهديده باستخدام الفيتو، ليجعل من الاتفاق قضية مرافعته وليست سياسة خارجية لبلده، وبهذا يعطي اوباما للاعبين الخارجيين دورا سياسيا أكبر إذا فشل الاتفاق، مثل روسيا والمانيا والصين، الذين سوف تلجأ لهم طهران اذا فشل الاتفاق لتفسير اسباب الفشل، وبدون ان تخشى من ثقل العقوبات الجديدة، وعندها تخرج القضية من سياقها القانوني لوضعها السياسي الطبيعي، أما إذا نجح الاتفاق المؤقت وأدى الى اتفاق نهائي، ستكون واشنطن جزءا من الخطر على برنامج التسلح النووي الايراني وتم زواله، وعليها ان تكون ضمن رؤية سياسية جديدة وليست صاحبة رؤية منفردة، وهذا مكسب سياسي للصين والروس، أكثر منه مكسبا سياسيا لواشنطن، فمحامي البيت الابيض نجح في استبعاد المواجهة العسكرية مع طهران، وانقذ حكومة الملالي من الاستسلام، فقد ذكر رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني أكبر رفسنجاني : « ان ايران كانت قبل الاتفاق مع القوى العظمى امام خيارين، الحرب أو الاستسلام بسبب اداء الحكومة السابقة « فأوباما عرف كيف يترافع عن قضية البرنامج النووي لصالح طهران، ولكنه فشل ان يقدم رؤية سياسية امريكية لمعالجة الملف النووي الايراني، وهذا جيد جدا لموسكو وبكين..

مشاركة :